خديجة بوكرين.. أمطار من أزرار وعقيق

خديجة بوكرين.. أمطار من أزرار وعقيق

26 يناير 2022
الفنانة مع حفيدتها التي قدمت عزفاً على آلة القانون في افتتاح المعرض
+ الخط -

تعدّدت الأسباب في إبراز بعض التجارب العربية في الفن الفطري وإغفال أخرى؛ حيث أُعيد الاعتبار لفنّانين مثل اللبناني بولس ريشا (1928 - 2018) بعد العثور صدفة على أعماله سنة 1972 ليُقام أوّل معرض له، أو حظوا بإشادة من تشكيليين ونقّاد غربيّين دفعت إلى الاهتمام بأعمالهم مثلما حصل مع الجزائرية باية محيي الدين (1931- 1998) أو المغربية الشعيبية طلال (1929 - 2004).

وساهمت مناخات المقاومة، خلال السبعينيات، في تكريس تجربة الفلسطيني عبد الحي مسلم (1933-2020) التي مزجت بين الأسطورة ومَشاهد من الحياة اليومية في قرى فلسطين، بينما كان لتأثُّر بعض الفنّانين المعاصرين بأعمال الزجاج التي قدّمها السوري أبو صبحي التيناوي (1888 - 1973) دور مهم في استعادتها.

الصورة
خديجة بوكرين - القسم الثقافي
خديجة بوكرين

لم تَلق هذه النماذج دراسات نقدية معمّقة تقرأ الصلة بين الفن والحرفة في وقتنا الحاضر، رغم الاحتفاء المتزايد بها كما في معرض الفنّانة المغربية خديجة بوكرين الذي افتتح في "رواق محمد القاسمي" بمدينة فاس في الثالث عشر من الشهر الجاري، ويتواصل حتى السابع والعشرين منه، تحت عنوان "أمطار من أزرار وعقيق تكتسح سماوات الفن الفطري".

تقدّم الفنانة الفطرية (1948)، في معرضها الأول، ستّاً وأربعين لوحة بدأت العمل عليها بعد انتشار جائحة كورونا، نفّذتها باستخدام وسائط مثل أزرار قطع الثياب القديمة وعقيق وحلي من أساور وعقود عبر حياكتها وتثبيتها على قماش أبيض وملوّن ضمن تكوينات متّسقة أحياناً وعفوية أحياناً أخرى. 

أعمال فطرية تسبر الثنائيات المتضادة وعناصر الخصوبة ونشأة الكون

لم تلتحق بوكرين بالمدرسة في قريتها، وتذهب إلى ممارسة فنية بلا تعليم أكاديمي، مستندة إلى خبرات سابقة في صناعة الأواني الفخارية والقيام بالأشغال اليدوية، حيث تنفّذ أعمالاً تشكّل الرموز والعلامات الأمازيغية العنصر الأساسي في معظمها، وتدمج في تجربتها الفطرية بين إعادة تدوير الملابس القديمة وبين فن النسيج بتطعيمات الحلي في رسومات وأعمال إنشائية من دون تنظير حولها.

في إحدى اللوحات، تنسج دائرة تحاكي تلك المطبوعة على الزرابي والمنسوجات التقليدية، وتستحضر رمزياً الجسد الأنثوي عبر امتزاج المادة والروح والظلمة والنور والعنف والرغبة وغيرها من الثنائيات المتضادة التي تتكامل في النفس البشرية، بينما يُحاك المربع في لوحة ثانية، مُحيلاً إلى التقاء الرجل والمرأة والخصوبة في التراث الأمازيغي، ليعبّر عن نشأة الكون واستمراريته.

الصورة
خديجة بوكرين - القسم الثقافي
(من المعرض)

أمّا الخطوط المستقيمة التي تظهر في عدد من اللوحات، فهي ترمز إلى أزلية الصراع بين قوى الخير وقوى الشر وتوضع عادة على نحو متوازٍ. وحين تتقاطع هذه الخطوط، فإنها تشير إلى نظام الكون الذي يتكوّن من روح مؤنّثة وروح مذكّرة، إلى جانب النجمة في بعض الأعمال، والتي تمثّل تعبيراً حرّاً عن أنثوية العالم في مواجهة قسوة الطبيعة.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون