"الباحثون السوريون في العلوم الاجتماعية": مخرجاتٌ في كتاب بلُغتين

"الباحثون السوريون في العلوم الاجتماعية": مخرجات المؤتمر الثالث في كتاب بلغتين

02 مايو 2023
(من ختام المؤتمر)
+ الخط -

رأى سمير سعيفان مدير "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" في إسطنبول، أن "المؤتمر السنوي للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية" الذي اختُتم أمس الإثنين، يشكّل "البُنية لتكوين الجماعة العِلمية السورية، فضلاً عن تنشيط الأبحاث التي غلبت المنهجية والعلمية عليها، من فئة الباحثين الشباب خاصة".

ولفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "ردود الأفعال التي جاء بعضها بصيغ النقد التطويري سيُؤخَذ بها في دورات المؤتمر المُقبلة، والذي ينظَّم بالاشتراك مع 'مجلة قلمون' و'الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية'، كما سيُصدِر المركز كتاباً يضمّ أبرز الأوراق العِلمية التي تم نقاشُها ليتسنّى للمهتمّين الاطّلاع عليها، بهدف تصويب المغالطات حول القضية السورية وزيادة نشر المعرفة حولها".

ويأتي الكتاب الذي يُنشر باللغتين العربية والإنكليزية أحد ثلاثة خيارات مُتاحة، بالإضافة إلى تقديم الأوراق المُشارِكة من قِبل الباحثين لاعتمادها في المركز بعد تحكيمها، أو فتح الباب لاستكتاب الباحثين في "قلمون".

وكان يوسف سلامة، رئيس تحرير المجلّة، قد بيّن لـ"العربي الجديد" أنّ مُشاركة ثمانية وثلاثين باحثاً وما تضمّنته الأوراق والنقاشات، حول القضايا الاجتماعية والهوية والفلسفة، وربط الجزء السوري بالكلّ الإقليمي والدولي، سواء عبر الاقتصاد أو العلاقات الدولية، هو ضرورة لانطلاقة جديدة يأملها السوريون ببلد معافىً بعيد عن المركزية والتفرّد والاستبداد.

يهدف الكتاب الذي يتضمّن أبرز أوراق المؤتمر إلى تصويب المُغالطات حول القضية السورية

وأضاف الباحث الفلسطيني السوري سلامة إلى ضرورة وأهمية الاختلاف، فما جرى خلال أيام المؤتمر الثلاثة وجلساته، من المفترض أن يغدو نهجاً، خاصة مع مشاركة باحثين من معظم قارّات العالَم اكتسبوا خبرات جديدة، على صعيد البحث ومناهجه أو الاستفادة من تجارب دول مهاجرهم، وهذا النهج برأيه، ضرورة في سورية المستقبل.

وتطرّق جمال منصور خلال الجلسة الأولى من آخر أيام المؤتمر، إلى أثر الاقتصاد على ديناميات الحرب في سورية بين الدولة والاقتصاد في ظل حكم نظام الأسد. بينما تناول يونس رضوان الكريم، إعادة الإعمار ودور أمراء الحرب، منبّهاً خلال ورقته إلى خطورة مشاركة "روّاد الأعمال المجرمين" في سورية في "إرساء السلام المبدئي" بعد الحرب، ما يؤسّس لسلام هشّ يتّصف بالنفعية والفساد ويبتعد عن الديمومة أو التأسيس لبُنية اقتصادية وعمرانية صلبة.

وفي ورقتها "دور التمكين الاقتصادي بدعم مشاركة المرأة بالتعافي"، ركّزت ثريا حجازي على ضرورة المشاركة بعد الاستقلال الشخصي وبناء القدرة، ليكون دور المرأة فاعلاً ومكمّلاً خلال برامج التعافي المبكّر، وأهمية تحليل آثار برامج تمكين المرأة اقتصادياً، آخذة من مشاركة المرأة بمناطق شمال غرب سورية "المحرّرة" أنموذجاً، ومن برامج المجتمع المدني التأهيلية أمثلة.

قدّم ثمانية وثلاثون باحثاً في المؤتمر أبحاثاً حول القضايا الاجتماعية والهوية والفلسفة

كذلك قدّم الباحث خالد أبو صلاح ورقة بعنوان "سورية.. ما الذي تبقّى من الدولة؟ الهشاشة في ضوء العلاقة بين الدولة والمجتمع" متطرقاً إلى حالات الهشاشة والتفكك بعد اثنتي عشرة سنة من الحرب، ما جعل النزاع مركّباً والحربَ مُدمّرةً، بفعل تعنّت النظام ورفضه الحلول السياسية، معتبراً أن للتدخل الخارجي دوراً إضافياً بتعقيد الحالة السورية.

وأضاف أبو صلاح لـ"العربي الجديد": "إنّه بعد سنوات من الحرب وحالات التخلّي الدولي، وصلت سورية إلى مركز متقدّم في "مؤشر هشاشة الدول" الذي يصدره "صندوق السلام" سنوياً، موضّحاً أنه استند في بحثه إلى إحصائيات صادرة حديثاً عن الوكالات الأممية، تشير إلى أن هناك أكثر من 6.6 مليون لاجئ يتوزّعون على دول الجوار ومصر والسودان ودول الاتحاد الأوروبي وكندا، أما النازحون داخلياً فعددهم يصل إلى 6.7 مليون، كما يُعاني المدنيّون داخل سورية من الآثار الاقتصادية للنزاع؛ بسبب الانخفاض الحادّ في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، وفقدان قيمتها الشرائية. وازدادت نسبة التضخّم وارتفعت الأسعار، ولم تعُد الموادّ الأساسية متوفّرة بشكل كافٍ وسط انقطاع متواصل للتيار الكهربائي".

وخلال الجلسة الثانية في ختام المؤتمر الذي استضافته مدينة إسطنبول لثلاثة أيام، أدار الباحث أحمد جاسم الحسين جلسة حول قضايا الهجرة والنزاعات الداخلية، وقدّم فيها الباحث حمدان العكلة دراسة حول "تجلّيات الطائفة والقبيلة في الجزيرة السورية"، ركّز خلالها على ما شهدته مدن "الجزيرة السورية وحوض الفرات" من هجرة داخلية وخارجية، ما كان السبب الرئيس للتحوّلات الكبرى والتبدّل الديموغرافي في تلك المنطقة، مستعرضاً المراحل الزمنية ودور المُستعمرين بتبدّل هوية المنطقة، حيث تركت الهجرة الداخلية التي أخذت شكل التهجير أحياناً أثرها بتغيير البُنى المجتمعية. 

وقدّم أحمد الشمام ورقة بعنوان "تفاعل قبائل الجزيرة السورية مع الثورة وتطوّراتها"، فيما أتت ورقة محمد نور النمر تحت عنوان "سياسات النظام الأسدي التعليمية في الجزيرة السورية" أضاء فيها مراحل تربية الشخصية السورية على الطاعة، بديلاً عن التعليم الهادف إلى صناعة الإنسان الفاعل في الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية.

أما الجلسة الأخيرة من المؤتمر التي أدارها الباحث، عبد الرحمن الحاج، فتمحورت حول الديناميات الجيواستراتيجية في الحرب السورية، قدم خلالها محمد حسان الأشمر ورقة "الدين والمحسوبية والزبائنية: القوّة الناعمة لروسيا وشبكات النفوذ في سورية"؛ وعبد الرزاق الحسيني ورقة "حروب روسيا الخارجية من وجهة نظر القانون الدولي: سورية - أوكرانيا نموذجاً"؛ ونزار أيوب ورقة "الجولان السوري: واقع الحال بعد 55 عاماً من الاحتلال".

يُذكر أن النسخة الثالثة من المؤتمر انطلقت صباح السبت الماضي، وتأتي بعد مؤتمرَين عُقدا افتراضيّاً خلال العامين الماضيَين بسبب جائحة كورونا، ناقش المشاركون فيه قضايا المجتمع والاقتصاد والسياسة والهوية والجندر والعسكرة والعلاقات الدولية.
 

المساهمون