إصدارات.. نظرة أولى
في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الأنثربوولوجيا وعلم الاجتماع الاقتصادي والرواية والسينما والدراسات الفلسفية والتاريخية.
■ ■ ■
بترجمة فتحي إنغزو، صدرت عن منشورات "صوفيا" النسخة العربية من كتاب "الأنثروبولوجيا من وجهة نظر براغماتية" للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، وهو آخر عمل نشره بنفسه، وكان ذاك في عام 1798، بعد أعمال مرجعية مثل "فقد ملكة الحكم" و"نقد العقل المحض"، و"ما التنوير". في مقدّمة الكتاب، يقدّم المترجم إضاءة على تلقي نص كانط الأخير مشيراً إلى صعوبة فهمه لدى معاصريه مثل غوته وشلايرماخر. يقول المترجم في التقديم: "كتاب هو بين فشل عظيم لعجوز صار تقريباً في عزلة تامة عن العالم والناس، ونجاح لما يبصر به من مصير حتمي للبشرية الحديثة".
عن منشورات "هوبفول مونتسير" في تورينو، ظهرت النسخة الإيطالية من رواية "سِفر الاختفاء" للكاتبة والصحافية الفلسطينية الزميلة ابتسام عازم، بترجمة باربارا تيريسي. صدر العمل لأوّل مرة عن منشورات "الجمل" عام 2014، وجرى نقله العام الماضي إلى الإنكليزية؛ وفيه تروي مؤلّفة "سارق النوم: غريب حيفاوي" (2011) سيرة ثلاثة أجيال عاشت احتلال مدينة يافا، كما تتخيّل، على لسان إحدى الشخصيات، اختفاءً مفاجئاً للشعب الفلسطيني من أرضه؛ اختفاء لم تستطع كاميرات وأجهزة الاحتلال رصده أو تفسيره، ما يسبّب حالة من الذعر تجتاح الإسرائيليين.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدرت النسخة العربية من كتاب "مقالات في علم الاجتماع الاقتصادي" لماكس فيبر، بترجمة ابتسام خضرا، وهو كتاب جمع فيه ريتشارد سويدبرغ مقالاتٍ وضعها عالم الاجتماع الألماني وصدر بالإنكليزية عام 1999. يتناول الكتاب الرأسمالية الحديثة وعلاقاتها بالسياسة، القانون، الثقافة، والدين، حيث يدرس عالم الاجتماع الألماني (1864–1920) الفعل الاجتماعي من خلال فهم السلوكيات الفردية والجمعية وما تشكّله من قيَم وثقافة عند تحليله الظاهرة الاقتصادية، خلافاً لهيغل وماركس اللذين غلّبا الفكر الجماعي.
"فوكو في وارسو" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث البولندي ريميغيوس ريزينسكي عن "منشورات أوبن لتر". يعود الكتاب إلى زيارة المفكر الفرنسي (1926 - 1984) إلى العاصمة البولندية عام 1958 وإقامته فيها نحو عام خلال عمله على أطروحته "تاريخ الجنون"، حيث يضيء تلك المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وما تركته من تداعيات في السياسية والثقافة، وصولاً إلى مجتمعات المثليين التي انخرط فيها فوكو آنذاك، بالاستناد إلى مقابلات أجراها المؤلّف مع عدد من الشخصيات التي عايشت تلك الزيارة، وتحقيقات الشرطة السرية التي كانت تراقبه.
صدرت حديثاً عن "الدار المصرية اللبنانية" طبعة جديدة من كتاب "محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية؛ الدولة الأموية" للشيخ محمد الخضري بك، بتحقيق وتعليق محمد إبراهيم أحمد. يتضمّن الكتاب مجموعة محاضرات ألقاها المؤرخ المصري (1872 - 1927) بعد افتتاح "الجامعة المصرية" حيث أسند إليه تدريس مادة التاريخ الإسلامي، فوضع مجموعة دراسات تمّ جمعها لاحقاً في مجلّدين، خصّص الأول للأمويين والثاني للعباسيين، وفيه عرضٌ وتحليلٌ لأحداث تاريخية اختلط فيها الدين بالسياسة والاقتصاد والاجتماع، تعكس رؤيته نقدية في التعامل مع المادة التاريخي.
صدرت أخيراً عن منشورات "بوان" في باريس طبعة جديدة وموسّعة من محاضرات الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلو بونتي التي ألقاها في "كولّيج دو فرانس" بين عام 1956 و1960، تحت عنوان "الطبيعة". يضمّ هذا العمل ــ الذي جرى جمعه من ملاحظات الطلاب الذين حضروا دروس ميرلو بونتي ــ تحليلات صاحب "مديح الفلسفة" حول تعامُل الفلسفة والفكر الغربيين مع مفهوم الطبيعة، منذ أرسطو حتى فرويد، متوقّفاً أيضاً عند مقاربة عُلوم الأحياء له. تمثّل هذه الدروس إحدى آخر الوثائق التي تركها ميرلو بونتي (مواليد 1908)، وهو الذي رحل بشكل مفاجئ عام 1961.
في كتابه الصادر مؤخراً عن "خطوط وظلال"، بعنوان "رحلة في السينما الفرنسية"، يقدّم الباحث الأردني ناجح حسن تاريخ الفن السابع من زاوية بلد مؤسس لهذا الشكل التعبيري الحديث، حيث يرصد تحوّلات الصناعة السينمائية من اختراع آلات التصوير السينمائي مع الأخوين لوميير إلى مرحلة الإشعاع التي ترافقت مع ثورات الستينيات الثقافية، وصولاً إلى الخفوت الذي عرفته السينما الفرنسية، والأوروبية عموماً لصالح الصناعة السينمائية الأميركية. يفسّر المؤلف من خلال التاريخ الفرنسي لماذا تحوّلت السينما إلى ظاهرة اجتماعية كبرى في القرن العشرين.
عن "منشورات جامعة يال"، صدر حديثاً كتاب "قصّة العمل: تاريخ جديد للنوع البشريّ" للمؤرّخ الهولندي يان لوكاسّن. تقدّم الدار هذا الكتاب بوصفه "أوّل تاريخٍ عالميّ حقّ حول العمل"، وفيه يسجّل لوكاسّن تمظهرات الشُّغل وطُرق تنظيمه في مختلف العصور، من الصين والهند إلى أوروبا والأميركتيّتَيْن، مروراً ببلاد الشام والعراق. يتتبّع المؤلّف العمل منذ أولى أشكاله قبل 700 ألف عام، وصولاً إلى يومنا هذا، ومروراً بمراحل مهمّة، مثل بدء تقسيم المهامّ بدءاً من 10 آلاف عام قبل الميلاد، ودخول عصر الصناعة بدءاً من عام 1800.
عن "المركز الثقافي العربي"، صدرت مؤخراً رواية جديدة بعنوان "ثورة الأيام الأربعة" للكاتب المغربي عبد الكريم جويطي. على غلافها الخلفي نقرأ: "لأن الوادي القاسي لم يعد يقنع أحداً بالبقاء فيه، ولأن رغبات وحاجات جديدة وُلدت ولا يمكن إشباعها إلّا في مكان آخر، فقد انضافت تباعاً للربوة نساء أخريات كان لهنّ غائب أو شيء ما لينتظرنه، سعد، زوج، صحّة، أمان.. وبتلك الطاقة الروحية التي تسكن أمكنة بسيطة ومتواضعة لا تهب ما هو خارق واستثنائي، وإنما تعطي وبسخاء ذلك الجوهر الذي لا تستقيم حياة القهر إلّا به: الرجاء".
"رومنطيقيو المشرق العربي" عنوان كتاب جديد صدر مؤخراً لـ حازم صاغية عن "منشورات رياض الريس". يدرس المؤلف حضور التيار الرومنطيقي في الثقافة العربية ضمن مقارنة مع نظيره الأوروبي، ويرى أن الرومنطيقيين المشرقيين حكمتهم نزعة من "الإنكار بوصفه رفضاً للاعتراف بواقعيّةِ ما هو واقع"، وهو توجّه "يحتلّ موقع القلب من هذا التيّار، وكلّما صُفعنا بالواقع كما هو، وكلّما كانت الصفعة مؤلمة، تصاعد الإنكار ليغدو هذياناً" بحسب المؤلف الذي يربط ذلك بالنظرة إلى العالم التي عبّرت عنها حركات التحرّر الوطنيّ التي أنتجت لاحقاً ظواهر السياسة الحديثة.
