أوّل تمرين للتفكير

أوّل تمرين للتفكير

22 فبراير 2022
عمل لـ كورت كرانتز
+ الخط -

ما هو الشكل الرئيسي من الأفكار التي نتداولها في حياتنا الفكرية العربية؟ إنّها بلا شك تلك "البضائع الفكرية" الغربية، من مفاهيم ونظريات ومقاربات. ورغم وجود محاولات لا تنكر لتكييف هذه المادة مع مقتضيات البيئة العربية، إلّا أنّ حجم حضورها الطاغي يدعونا إلى مقاربتها بكثير من روح الفحص كي لا تتحوّل إلى أداة تعطيل فكري بفعل الاكتفاء.

مضى زمن ظهرت فيه نزعة دفاعية مبالغة، فجرى تصوير المنطقة العربية كما لو كانت "مقبرة نفايات فكرية". وقد ثبت أن هذا الفكر النقدي المُشِط طريقٌ مسدود، والأولى أن نتخذ سبيلاً وسطاً شرطه الأول تطوير كفاءاتنا في الانتقاء.

ليس هذا الحضور الطاغي للمنتج الفكري الغربي غير وجه من وجوه العولمة التي نفثت أخلاقيات السوق في كل شيء. في مفتتح تلك الفترة، أشار عالم الاجتماع السويسري أولي فينديش إلى أولوية التفكير في مسألة "الجاهز للتفكير" (عنوان كتاب له صدر في 1990)، حيث اعتبر أن الشكل الأساسي من العرض الفكري بات - مع انتصار ثقافة السوق في معارك الأيديولوجيا خلال القرن العشرين - هو تقديم أفكار جاهزة لجمهور يختار منها لبناء صورته الاجتماعية كما يفعل حين يختار عناصر هندامه. 

بالعودة إلى واقعنا العربي، لم يجر بعد تنشيط مفهوم مثل "الجاهز للتفكير"، وهو إلى جانب ترسانة مفاهيمية مرافقة يمكنه أن يعيد ترتيب علاقتنا بما نتلقاه. أن نفكّر بوجوه تلقينا للفكر هو أوّل تمرين للتفكير.

موقف
التحديثات الحية

المساهمون