أوستن هنري لايارد.. تاريخ العمارة في نينوى

أوستن هنري لايارد.. تاريخ العمارة في نينوى

23 سبتمبر 2021
(نقش آشوري من القرن السابع قبل الميلاد، Getty)
+ الخط -

اكتشف عالم المسماريات البريطاني أوستن هنري لايارد مكتبة أشور بانيبال في تل القصر الرئيس بالصدفة في مدينة نينوى عام 1853، بمساعدة العراقي الآشوري هرمز رسّام، حيث عثر على ما يقرب من خمسة وعشرين ألف لوح صلصالي مكتوب بالخط المسماري الآشوري تمثّل حقولاً معرفية متعدّدة، كالطبّ والفلك وتقنيات الريّ والهندسة وغيرها.

أضاءت تلك الاكتشافات على الحضارة الآشورية التي تأخّرت العصور الحديثة بمعرفتها لأسباب عديدة، منها استخدام الآشوريين للطين والقش في البناء خلافاً لنظرائهم اليونانيين أو المصريين، وبذلك دُمرّ جزء كبير من أوابدهم، كما أن استخدامهم لحوالي ثلاثمئة حرف وعلامة في كتاباتهم ولّد ضعوبة في فكّ رموزها.

ركّز الآشوريين على رسم ثيران مجنحة برأس بشري وشخصيات بشرية عملاقة

في النسخة العربية من كتاب "محكمة نينوى في مكتبة كريستال بالاس"، الذي صدر حديثاً عن "دار المأمون" في بغداد بترجمة محمد حسن علاوي، يتناول لايارد (1817 ـــ 1894) اكتشافاته الأثرية في مواقع نمرود ونينوي شمال العراق، ومنها الألواح التي تسجّل حروب آشور ناصربال الثاني الذي حكم بين عاميْ 883 و854 ق. م.

يشير الكتاب إلى استخدام الآشوريين أبجدية تشابه العديد من الكتابات المسمارية المنتشرة في جميع أنحاء سورية، مثل الكنعانية، وأنه تمّ قراءتها بالاعتماد على نصوص من الكلدانية والعبرية القديمة والعربية المسندية، حيث قُرئت آلاف اللفائف والأختام الأسطوانية التي وجدت في قلعة الشرقاط ــ التي يعود تأسيسها إلى أكثر من أربعة آلاف وخمسمئة عام ــ وتل قوينجق.

الصورة
غلاف الكتاب

يستعرض لايارد طبيعة البناء في الحضارة الآشورية، حيث تظهر جميع الصروح المكتشفة مشيّدةً فوق منصّات أو تلال اصطناعية من الطوب والطين مدهمة بالحجر الجيري الصلب، ويصل ارتفاعها بين ثلاثين وأربعين قدماً فوق سطح الأرض، على شكل مخروطي، وباستخدام القصب في البناء، ومنحتْ تلك المنصّات نوعاً من القداسة لتلك الأبنية، وتضمّنت النقوش عليها مشاهد الجماهير المحتشدة وتربية الثيران الضخمة وتفاصيل أعمال البناء في مواقع عديدة.

ويصف محكمة نينوى التي تحتوي خمسة أعمدة في واجهتها الأمامية وعمودين آخرين إلى جانبها بطول يصل إلى سبعة وثلاثين قدماً، وتعكس القاعة الرئيسية فكرة دقيقة للغاية عن بنائها الذي خصّص للاحتفالات العامة بالانتصارات العسكرية أو المواسم الدينية، وتتوزّع المحكمة قاعات يصل طول بعضها إلى مئتي قدم، وتحتوي العديد من المنحوتات والنقوش البارزة على جدرانها، وغطّيت الزخارف بألواح رقيقة من الذهب أو معادن ثمينة أخرى، كما استُخدم العديد من الأصباع المصنّعة من النحاس غالباً وبألوان متعدّدة مثل الأحمر والأصفر والأبيض والأسود والأخضر.
 
ويبيّن لايارد أن الآشوريين ركّزوا على رسم ثيران مجنّحة برأس بشري وشخصيات بشرية عملاقة، والتي ترتبط بمعتقداتهم الدينية وتمثّل الحكمة والقوة والوجود، كما نُقش اسم سرجون الذي يُفترض مفترض أن يكون الملك الآشوري شلمنصر نفسه، كما نفّذوا منحوتاتهم على أشكال آدمية أو أسود أو ثيران أو نسور.

كما يقدّم سرداً تاريخياً حول مراحل بناء المحكمة والإضافات التي أُلحقت بها، إلى جانب توضيحه للأساليب التي استوحاها مصممون أجانب من العمارة الآشورية والتلوين والزخرفة التي أستخدمها الآشوريون القدَّماء.
 

المساهمون