"نساءٌ يرسمن نساءً": خروج من التصوّر النمطي

"نساءٌ يرسمن نساءً": خروج من التصوّر النمطي

12 اغسطس 2022
جزء من عمل لـ ماريا بيريو (من المعرض)
+ الخط -

في تاريخ التشكيل، لطالما ارتبطت كلمة "موديل" بالنساء، رغم أنها كلمة حيادية أساساً ورغم إمكانية الرجال ملء هذا الدور، دور الشخص الذي يقف، أو يجلس، أمام الفنانين كي يرسموه. لكنّ تاريخ الفنّ سجّل قليلاً جدّاً من الرسّامين الذين لجأوا إلى رسم موديلات ذكورية، بعكس الأغلبية التي كرّست حضور الجسد الأنثوي في اللوحة، لتتحوّل بعض الموديلات إلى شخصيات معروفة، مثلها مثل الفنانين، كما هو الحال مع أولغا خولخوفا، وإيفيلين نيسبيت، ومدام كافيه وغيرهنّ.

وبلا شكّ، لا يشفّ هذا الترادف بين الموديل الفنّي والنساء عن خيارات تشكيلية دائماً، بل هو مرتبطٌ أيضاً بتاريخ من الهيمنة الذكورية التي تتحوّل فيها المرأة إلى "موضوع" للفن، فيما يرتبط اسم الفنان، الصانع، بالرجل وحده.

يسعى معرض "نساءٌ يرسمن نساءً" ــ الذي يحتضنه "متحف الفن الحديث" في فورت وورث بتكساس الأميركية حتى 25 من أيلول/ سبتمبر المقبل ــ إلى خلخلة هاتين الصورتين الشائعتين، صورة الفنان وصورة الموديل، عبر 60 لوحة تقريباً لـ46 فنانة تشكيلية، من بينهنّ العراقية هيف كهرمان والتركية تراسي أمين.

الصورة
عمل لـ إمي شيرالد، زيت على قماش، 2020 (من المعرض)
عمل لـ إمي شيرالد، زيت على قماش، 2020 (من المعرض)

ولا يتأخّر زائر المعرض في الوقوف على التغيّر الكبير الذي يترتّب عن خيار كهذا، حيث تختفي مشاهد النساء اللواتي نراهنّ متمدّدات على الأرائك، في وضعيات لا نعرف كيف استطعن المحافظة عليها لساعات أمام الفنان؛ كما تختفي تقريباً مشاهد النساء اللواتي يظهرن كما لو كنّ في جلسة استجواب: ثابتات بلا حراك أمام نظر الفنان.

على العكس من ذلك، نقع على لوحات تخرج فيها النساء من هذه الأطر الضيّقة، كأن يكثر حضور الأجساد البدينة بين صالات المعرض، تسند فتاة نفسَها إلى درّاجتها الهوائية، في لوحة لـ إمي شيرالد، أو أن ترسم فنانة مثل أليس نييل (1900 ــ 1984) امرأة ببطن ممتلئ من الحمل، وهو ما ندر حضوره في تاريخ الفن.

المساهمون