"معجم الدوحة التاريخي": مفاتيح الضاد إلكترونياً

"معجم الدوحة التاريخي": مفاتيح الضاد إلكترونياً

09 فبراير 2022
(شعار معجم الدوحة التاريخيّ للغة العربيّة)
+ الخط -

في انتظار إطلاق المرحلة الثانية من "معجم الدوحة التاريخيّ للغة العربيّة" خلال الأشهر المقبلة، التي تمتدّ من بداية القرن الثاني للهجرة حتّى نهاية القرن الخامس، يتواصل تحديث موقعه الإلكتروني الذي يتيح البحث في المعجم، ومصادره في النصوص والنقوش والنظائر السامية، والبحث في المدونة اللغوية، ويقدّم أيضاً إحصاءات معجمية.

وتشير مقدمة المعجم إلى أن بناء المدونة اللغوية أولى خطوات الصناعة المعجمية، وتُعنى هذه المرحلة بالنصوص التي سيُعتمد عليها في استخلاص مادة المعجم؛ إذ لا بدّ في صناعة المعجم من مدونة تُستخرج المداخل منها، وتُعرّف اعتماداً على سياقاتها. وهذه المدونة شرط أول في إنجاز المعجم التاريخي؛ إذ لا يمكن تأريخ ظهور الألفاظ، ولا تأريخ تطوّر الدلالات إلا من خلالها، وكان غياب هذه المدونة من أكبر العقبات التي حالت دون إنجاز مثل هذا المعجم التاريخي في العربية.

وتضيف أن المعاجم العربية التراثية لا تقدّم باستثناء معجم العين في أواخر القرن الثاني للهجرة، كبير عوٍن في هذا المجال، بل لقد أسهمت إلى حدٍّ كبير في اتساع الفجوة بين ما فيها وما هو في الواقع اللغوّي الحقيقي في النصوص، لأنها اعتبرت أنّ لغة العرب أصابها الفساد بسبب الاختلاط بالعجم الذي أضعف السليقة، فصرفت همّها إلى الّلغة القديمة التي كانت في عصور الرواية والاحتجاج. 

يقدّم مجموعة مواد مصوّرة توضّح دليل استخدامه، والتصفح والبحث فيه

يقدّم الموقع مجموعة من المواد المصوّرة التي توضّح دليل استخدامه، والتصفح والبحث فيه، وتعريفاً بالمعجم، والبحث في مصادره ومدونته، وعرض إحصائياته، وكيفية التفاعل مع الجمهور، ويستعرض تاريخ إنشاء المعجم منذ أن أطلقه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الثالث والعشرين من أيار/مايو 2013، ضمن ما عرُف بـ"الوثيقة التأسيسية" التي اشتملت على التصوّر الأولي للمشروع، ورُسمت لإنجازه خمس مراحل زمنية تمتدّ لخمس عشرة سنة، واعتمد "المجلس العلمي" بكونه هيئة علمية مستقلة تعتمد المعايير العلمية في أعمالها وقراراتها، حيث يتضمّن الموقع قرارات المجلس وتوصياته.

عند البحث في المعجم، على سبيل المثال، عن كلمة "دليل"، يظهر أن استخدامها يعود إلى عام 129 قبل الهجرة، أي 496 ميلادية، بالعودة إلى بيتي شعر لأحيحة بن الجلاح الأوسي، يقول فيهما: "إِذا ما بِتُّ أَعصِبُها فَباتَت/ عَلَيَّ مَكانَها الحُمّى النَسولُ/ لَعَلَّ عُصابَها يَبغيكَ حَرباً/ وَيأَتيهِم بِعَورَتِكَ الدَليلُ"، ووردت في قصيدة قالها يصف تمارض صاحبته لمّا بيّت غزو قومها، فلما نام انسلّت تنذرهم، كذلك يوثّق الحادثة كتاب "الشعراء الجاهليون الأوائل" (2008) الذي حقّقه عادل الفريحات، حيث كانت تشير "دليل القوم" إلى طليعتهم المخبر بما يراه ويراقبه.

ثمّ يتتبّع المعجم ظهور الكلمة نفسها في حقب تاريخية لاحقة، كما استعملها تأبط شراً الفهمي في عام 95 قبل الهجرة؛ أي 529 ميلادية، وأتت بمعنى المرشد العارف بمسالك الطريق، ثم استخدمت بمعنى العلامة والأمارة نحو 60 قبل الهجرة كما يذكرها طرفة بن العبد البكري في شعره، وأصبحت تحيل إلى "ما يُتوصّل به إلى معرفة الأمور وحقائقها بحلول 11 هجرية، لتعني بعد ذلك الحجة والبرهان في 142 هجرية، وستتطوّر دلالتها وصولاً إلى عام 436 هجربة، ليعني الدليل العقلي كلّ حكم للعقل يُتوصل بضجيج النظر فيه إلى حكم شرعي، كما يبينه قول لأبي الحسين المعتزلي.

يُذكر أن المؤتمر الثالث للمعجم ستنطلق أعماله في الحادي عشر من أيار/ مايو المقبل في الدوحة، وتستمر ليومين تحت عنوان "معجم الدوحة التّاريخيّ للّغة العربيّة وأبعاده العلميّة والحضاريّة"، ويناقش المشاركون ثلاثة محاور أساسية: الأول يتمثّل بالأبعاد العلميّة لمعجم الدوحة التّاريخيّ للّغة العربيّة (فيما يلي: المعجم) التي تتعلق بالمعجم والوصف العلميّ للغتنا، والمعجم وتطوّر المفاهيم والمصطلحات، والمعجم والبحث العلميّ، والمعجم وقراءة المنجَز الفكريّ والعلميّ والثّقافيّ العربيّ، والثاني يتصل بمنهج بناء المعجم التاريخي في عرض الألفاظ ومنه بنية المدخل المعجمي وأنواع المعلومات في المعجم، والثالث يبحث الأبعاد الحضاريّة للمعجم والمعجم والتطوّر الاجتماعي وتطوّر ألفاظ الحضارة في المعجم والتّمازج الحضاريّ في المعجم.
 

المساهمون