"المجلة التاريخية المغاربية": تحية إلى فرانسوا أرنوليه

تعدّ "المجلّة التاريخية المغاربية" واحدة من أعرق الدوريات العربية المهتمة بالتاريخ، حيث تحتفي عامَ 2024 بمرور نصف قرن على بداية صدورها، وقد بلغت أعدادها الـ 185، حيث صدر آخرها منذ أيام؛ وهو رقم قلّما تبلغه الدوريات العربية المختصّة في التاريخ، لقلّة الاهتمام بها خارج الدوائر الجامعية.

تصدر المجلّة عن "مؤسّسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات"، أي أن عدم ارتباطها بمؤسّسة جامعية أو حكومية عنصرٌ آخر يشير إلى فرادة تجربتها، وإن كان من الضروري الإشارة إلى أن مفردات المجلة - المضمونية والبصرية - لم تجدّد على مدى عقود.

يكرّم العددُ المؤرّخَ الفرنسي فرانسوا أرنوليه، وخصّص له المؤرّخ التونسي ومدير تحرير المجلّة، عبد الجليل التميمي، افتتاحيّته. يعود هذا التكريم لسببين على الأقل؛ أوّلهما تقاطع اهتمامات المؤرّخ الفرنسي بالمنطقة البحثية للمجلّة (التاريخ المغاربي) ضمن تقليد حضر فيه مؤرّخون آخرون في أعداد سابقة مثل مارسيل إيميري وروبير مانتران وأندريه ريمون وشارل روبير. أمّا السبب الثاني، فهو بلوغ أرنوليه هذه السنة المائة عام من العمر (في 25 نيسان/ أبريل).

إضافة لكونه مؤرخاً، كان أرنوليه طبيباً وقدّم أبحاثاً في التربية

يكتب التميمي في افتتاحيّته: "لقد جاء اهتمام أرنوليه بتونس منذ أربعينات القرن العشرين، حيث تناول في أطروحته 'وباء الكوليرا في تونس' (1947)، ثم ما لبث أن اتّجه إلى دراسة التاريخ حتى قدّم أطروحة أخرى بجامعة ليل الفرنسية حول 'العلاقات التجارية بين فرنسا وتونس بين 1815 و1895'، وتمّت مناقشتها سنة 1968، وقد ركّز على التاريخ التونسي في أغلب أبحاثه، كما اهتمّ في عدد منها أيضاً بالجزائر وطرابلس، ونشر البعض من أبحاثه في 'المجلة الإفريقية' و'مجلة الغرب الإسلامي والمتوسّط' و'الكرّاسات التونسية و'المجلّة التاريخية العربية للدراسات العثمانية' وفي دوريتنا، 'المجلة التاريخية المغاربية'. وقد بلغ مجموع الأبحاث التي نشرها لدينا منذ 1977 ما يقرب من ستّين بحثاً. وهو رقم قياسي لدينا ويدلّ على متانة العلاقة بيننا".

يُذكر أنّ أرنوليه، رغم شهاداته الجامعية في التاريخ، كان يعتبر نفسه مؤرّخاً من منطلق الشغف وليس كمِهنة، علماً أنه كان يمارس مهنة الطب وتمتدّ انشغالاته البحثية - إضافة للتاريخ - إلى الاقتصاد والتعليم والصحّة والدبلوماسية.

ومن المقالات التي تضمّنها العدد: "الجهاز الأمني الفرنسي بالبلاد التونسية خلال الفترة الاستعمارية" لـ عبد القادر بحروني، و"التخوم التونسية الجزائرية في ضوء مدركات القبائل والعروش التونسية" لـ صلاح الدين البرهومي، و"العلاقات الاستزلامية بين البايليك وأعيان ماجر والفراشيش في القرنين 18 و19" لـ حمّادي دالي.

ككلّ عدد، تخصّص المجلة ركناً لتقديم وثائق محقّقة بتعليقات توضّح سياقاتها وتبرز أهمّيتها وراهنيّتها، وقد تضمّن العدد الجديد وثائق من "مؤتمرات جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين" أعدّها الباحث محمد إبراهيم الكتاني.

آداب وفنون

التحديثات الحية

"بحيرة البجع": في مثل هذا الوقت من كل عام