وقفة مع عبد الواحد براهم

وقفة مع عبد الواحد براهم

01 فبراير 2018
(عبد الواحد براهم)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. هنا وقفة مع الكاتب التونسي عبد الواحد براهم.

■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- ضياع الثقة في مستقبل بلادي التي أخذ التاريخ يعبث بمكتسباتها ويعصف باتّجاهها التّحديثي. فبعد أن دخلت الثلث الأول من القرن العشرين بروح الانفتاح والاجتهاد، وإذا بها تعود في النصف الثاني من القرن نفسه إلى أطروحات الرجعية منصتة لنعيق الصّراع الإيديولوجي، مستسلمة لهواجس الانكفاء على الذّات.

■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- آخر ما أصدرت كتاب "مرايا متناظرة" (دار سحنون)، وهو قاموس ذكريات رتّبتها بحسب الحروف الهجائيّة وتحتوي على أشتات من أفكاري وأخباري فيها ما يتعلّق بذاتي أو أقربائي وأصدقائي، وفيها تراجم أعلام عرفتهم، وعرضُ كتب قرأتها، وآراء ناقشتها، واستذكار لأحداث رسخت في الذّاكرة، والجميع متداخل يتنافذ ويحيل بعضه على بعض كما الأصوات المتصادية أو المرايا المتناظرة.

■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
- مرّت حياتي الأدبية بمراحل متعدّدة لا تكاد تشبه واحدة منها سابقاتها حتى وإن جمعت بينها ملامح مشتركة. وقد تعوّدت أن لا أكرّر نفسي، وأن لا أمرّ من مرحلة إلى أخرى إلا بعد الاستعداد والاقتناع بقيمة ما سأضيفه إلى ما سبق أن حقّقته، فإذا لم يحصل هذا أتوقّف عن النشر لا عن الكتابة، ولديّ دفاتر كثيرة قيد المراجعة. أعترف بأنّ تجربتي طويلة، ويا ليت إنتاجي كان بنفس الحجم، لكنّ عذري أنني خفت أن يلتهم الأدب حياتي ويلهيني عن الوقوف في جبهات أخرى.

■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- إذا قيّض لي أن أبدأ حياتي العمليّة من جديد سأمتهن النشر وصناعة الكتاب بأسلوب أدقّ وظروف أحسن من التي مرّت به تجربتي الأولى، وسأظلّ أكتب الرواية، وأستلهم من التاريخ مواضيع جديدة أقدّمها بأساليب تتناسب مع الذّوق المعاصر.

■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- أريد من العالم أن يهدأ قليلاً. أن ينقص من جنونه ويقبل على حلّ مشاكله بالتفاوض لا بالتّقاتل. أن يكفّ الكبار عن العربدة، وأن يستبدل الصّغار طبع التسوّل بالانكباب على العمل.

■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أتمنى الالتقاء بابن الوزّان أو "ليون الإفريقي" الذي انتقل كالسمكة في الماء بين أقاليم البحر المتوسّط فخالط شعوبها المختلفة، واعتنق أديانها المتناحرة، ومارس عاداتها بسهولة ويسر. ولكم أتمنّى إدراك سرّ تأقلمه مع الأوضاع الغريبة التي وجد نفسه فيها، وأن أسمع منه كيف انتقل بين الأديان وكيف استوعب مختلف ثقافات عصره، ومدى ما أثّرت به في مشاعر نفسه ومدركات عقله.

■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- أتذكر باستمرار صديقاً عزيزاً افتقدته هو المؤرّخ الجيلاني ابن الحاج يحيى لأنه مثال على اجتماع النّباهة الفكرية مع رقّة الطّبع والوجدان، كان رجلاً فكهاً خفيف المجلس، وذا فضول معرفيّ جعله طول حياته يسهم في ميادين عديدة منها التربية، والمعجميّة، والبحث التاريخي، والمكتبيّة، وتحقيق المخطوطات، وكتابة التراجم. أما الكتاب الذي أرجع إليه دائماً فهو تاريخ ابن أبي الضّياف.

■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- لا تعجبني التجارب الجديدة أو المجدّدة في الموسيقى. من عادتي انتظار كلّ تجربة حتى يستقرّ وضعها وتقبلها الأسماع والأذواق. أنا كثير السّماع ومختاراتي شرقية وغربية أتقبّل ما أحبّه منها بشغف وبمساواة كاملة.على أنّ أم كلثوم تبقى دائماً في القمّة، أعود باستمرار إلى أغنية "مادام تحبّ بتنكر ليه.. دا اللي يحبّ يبان في عينيه".



بطاقة:
كاتب تونسي من مواليد 1933، من رواياته: "قبة آخر الزمان" (2003)، و"تغريبة أحمد الحجري" (2006)، و"حب الزمن المجنون" (2001)، ومن مجموعاته القصصية: "ظلال على الأرض" (1973)، و"مربعات بلاستيك" (1976).

دلالات

المساهمون