الكلام ولا شيء سوى الكلام

الكلام ولا شيء سوى الكلام

16 مارس 2018
+ الخط -
لا يخفى على أحد ما يحدث في قطاع غزة، وحجم المعاناة الهائلة التي يتكبدها السكان جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تزداد سوءاً كل يوم إلى درجة أضحى الوضع جحيماً لا يطاق، فالبضائع كاسدة، والأسواق خالية، والمحلات التجارية مقفرة، والعمال يعانون، والموظفون يزدادون فقراً، والخريجون يملؤون الأرصفة، والكل يصرخ ويشتكي ويتألم من الوضع السيئ في القطاع المحاصر.

ومع كل هذه المعاناة، لا نجد من المسؤولين عن القطاع إلا تصريحات وكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل على العكس من ذلك، تزيد من حالة اليأس والإحباط المنتشرة في القطاع المحاصر، ولا أمل إلا في الله.

فالكل تخلّى عن مسؤوليته اتجاه القطاع المحاصر، والتراشق الإعلامي ليل نهار، والكل يحمل المسؤولية للآخر، ولا أحد يلتفت إلى معاناة الإنسان الغزي التي تزداد كل لحظة، الذي أضحى ينظر إلى الغد بعين وجلة خائفة تشعر دائماً بأن القادم أسوأ من الذي مضى، ويردد في نفسه يا منجي من المهالك يا رب، استرها معنا يا الله فليس لنا سواك.

والغموض مسيطر على كل شيء في قطاع غزة، فتصريحات المسؤولين لا تبل ريق العطشان، بل على العكس تزيد من عطشه الذي وصل إلى منتهاه، فعقب عودة وفد حركة حماس من القاهرة بعد قضائه مدة طويلة نسبية في القاهرة لم نسمع أي تصريح عما حدث، بل مجرد تصريحات عمومية تزيد الأمور غموضاً أكثر من قبل، والمواطن الغزي ينتظر وليس له سوى الانتظار.

والأسوأ من ذلك أن السلطة الفلسطينية ما زالت تنفذ الإجراءات العقابية بحق موظفيها في قطاع غزة، حيث بلغت نسبة الخصومات على الموظفين العسكريين 50% ليزداد القطاع بؤساً وفقراً، وكأن سكانه لا يكفيهم ما هم فيه، حتى تأتي هذه العقوبات لتزيد الأمور سوءاً.
نحن اليوم نعيش في مهزلة بكل المقاييس، فالكل يتكلم ولا شيء سوى الكلام الذي لا يفيد، ولا أحد يقدم أي حلول لتخفيف معاناة الناس، ورفع الكرب عنه، بل كأن الجميع يتأمر عليه ليذيقهم شتى أنواع الألم والعذاب والذلة والمسكنة.

كفى يا قوم، ارحموا الإنسان الغزي، خففوا عنه وطأة الحصار والأوضاع المأساوية التي يعيشها، نحن اليوم في كارثة إنسانية بكل المقاييس، ومن لا يرى ذلك يبقى أعمى ويحتاج إلى عينين جديدتين ليرى الأمور على حقيقتها، ساعدوا الإنسان الغزي ولا تقتلوه، فويل لكم إن مات هذا الإنسان الذي ضحى بكل شيء من أجل وطنه، حتى لم يبق لديه إلا كرامته فلا تنزعوها منه، حتى لا تقتلوا كرامة الوطن بأكمله بقتلكم كرامة الإنسان الغزي.
628B453A-6CE7-43FA-BC9C-FD29A4213040
صلاح عطية برهوم

كاتب مقالات ومحرر صحفي عملت لدى العديد من المواقع الإلكترونية.يقول: أسعى إلى أن يكون لي دور في نهضة الأمة الإسلامية وتحريرها من نير الإستبداد والتخلف والجهل المسيطر عليها منذ عقود.

مدونات أخرى