حلم في حديقة القاتل
جنرال غارق في حفرة من الوحل والطين، مغمض العينين. يوهمنا أنه في حالة نشوة وانتصار، ويحاول استدراجنا إلى حفلة حمراء على ضفاف الفرات، وفي عمق الحلم، تتردد عدة أصوات لا نعرف مصدرها بالضبط.
رويدا رويداً نكتشف أنه صوت الطفل، يصرخ في وجه من يصدر أوامر بقتل والده على ضفة النهر. والده الذي كان يعمل حتى هبوط الشمس بعد ذلك كان قد قرر أن يتجول بين الأشجار المسنة على كورنيش الجسر المعلق.
لا يظهر لنا وجهُ والدة الطفل بوضوح، إنما تبقى طوال الحلم صامتة. تميزها خصلة الشعر التي تغطي نصف وجهها. ومن إحدى بيوت الحي، نسمع صوت المغني العراقي ياس خضر (مرينا بيكم حمد، واحن بقطار الليل، واسمعنه دق قهوة شمينا ريحة هيل، يا ريل صيح بقهر، صيحة عشق يا ريل، هودر هواهم ولك، حدر السنابل كطة).
فجأة، أستيقظ من النوم ويحضر إلى الذهن كل ما تعانيه الأمهات على ضفاف الفرات هذه الأيام. وأسمع أصواتهن عبر كلمات مقتضبة. وأسمع بأن إحداهن تفكر في تهريب ابنها عبر لفه بسجادة خارج المدينة. ولكن تفقد توازنها في الوقت نفسه، لا مجال لتحقيق ما تفكر فيه.
تبقى رغبات تلك النسوة في فعل أي شيء، مجرد محاولات للخلاص من جحيم القتل والحرب، التي تنفذ على يد كائنات معنفة، سمات ملامحها الحقد والكراهية.
قهر وهذيان وصوت قاتل يقرع الباب الخلفي للبيت، والناس ضائعون في صحراء الرعب والخوف.