الألم السوري... تكونيات لونية متحررة

الألم السوري... تكونيات لونية متحررة

31 ديسمبر 2016
+ الخط -


في لوحاتي الأخيرة التي رسمتها في عام 2016 بعنوان "الألم السوري" أترفع عن التفاصيل الصغيرة في أعمالي  من أجل تجسيد دفقات حسية، وذلك من خلال حركة اليدين، ضمن مسارات حدسية أجسد بحركتها مكامن أعماقي النفسية، التي أتلمسها على هيئة تكوينات لونية متحررة، من سطوة العقل ورصانتها.

أنا في تجربتي الأخيرة ألبي نداء رغباتي النفسية، وأشتغل تحت سيطرتها في وضع الألوان التي لا تخلو من بعض الانفعالية المتوترة، والمصحوبة بمقامات لونية عديدة، وبحث عن إشارات تفتح البوابات في معنى وجود الإنسان، ومدى علاقته وارتباطه بالمكان الذي ولد فيه " الوطن".. وبالتالي أعتمد على حدسي الداخلي فيما أريد طرحه من الأسئلة والقضايا.

إنها الألوان مرة أخرى.. حيث القرى تتناثر في الاتجاهات وتنام هادئة وادعة تحلم بالمواسم والفرح والمواويل. بيوت غافية على خاصرة التلال بألوانها الكآبية وأطفالها الحفاة الذين يركضون في البيادر كأفراخ القطا...ويرسمون على التراب محراباً للآلهة. بهذه الشحنة العاطفية الجياشة أتناول  هذه العناصر وأخواتها في  تجربتي.. لوحاتي المعنونة "الألم السوري".

اللوحات منفذة بالألوان الزيتية والأكريليك والأحبار على القماش. وتنتمي إلى المدرسة التجريدية التعبيرية، أما مواضيعها تتداخل مع سيلانات ألوانها، وهنا الأحمر سيد المساحات في اللوحة بسطوته وقوته مع الحاشية الكآبية والترابية الداكنة ودرجاتها التي تشكل امتداداً للكتلة كخلفية للوحات.

في أعمالي البيت يشبه الإنسان. والإنسان يشبه الشجرة. والشجرة تشبة الحيوان. والحيوان كأنه بحيرة مع شخوص غامضة الملامح مجهولة الأسماء تحس بخوفها..واختبائها في ثنايا اللوحة، وتحس بعشقها.. وبالوقت نفسه ترى انكساراتها.. تعود بك إلى عالم طفولي كل شيء فيه واضح وصريح وتعود بك إلى عالم مخيف ومرعب تنهض من أعماقك مشاعر غريبة.. لا تستطيع إدراكها إن كانت تمثل حزناً أم فرحاً.

أنا من الفنانين الذين لا يحبون تصنيفهم تحت أي مدرسة فنية بذاتها، بل في كل تجربة أسعى إلى تشييد أسلوب تشكيلي جديد عن سابقه تلبية لنداء رغبة داخلية في البحث عن جماليات جديدة في اللوحة، ربما توازي رغبتي في الاستقرار الوجودي والمكاني، و تفادى سيطرة العقل في تنفيذ أعمالي.

وأعتمد إلى حد كبير على شعوري وحدسي الداخلي، في إيجاد إيقاعات لونية متناغمة في علاقتها مع الكتلة المجاورة، والفراغ الذي يحيط بالعناصر الأساسية في اللوحة
.


زيوريخ

 

BD1CBBD2-1316-4061-AAEB-F6640B87E0AC
دلدار فلمز

شاعر وفنان تشكيلي سوري مقيم في زيوريخ. يكتب في النقد التشكيلي والأدبي في الصحافة العربية، وعمل معدّاً ومقدّماً للبرامج في قنوات تلفزونية كردية. له مجموعة شعرية بعنوان (عاش باكراً)، وصدر له في النقد الفني كتاب بعنوان (تاريخ الرسم).