هل يكف الفنانون السوريون عن تمثيلنا في كُل مَحفل؟

هل يكف الفنانون السوريون عن تمثيلنا في كُل مَحفل؟

14 نوفمبر 2017
+ الخط -


يَصدح صوتها عالياً، في خَلفية التقرير الذي يذكر أنها كانت صوت الملايين من السوريين المقموعين، ولوهلة أتوقف عن الاستمتاع بما أسمع من غناء جميل، فهي لم تكُن يوماً صوتي، ولا صوتَ الآخرين، بل كانت ولمعرفتي الشخصية بها صوتاً في أغلب الأحيان مزعجاً للسوريين.

ويحدثُ أن أُتابع بالصدفة وثائقياً موسيقياً، وفيه عازفٌ سوري يتربع على عرش الموهبة العالمية. وفي الحديث معه، يُعبر عن رغبته بإيصال صوت السوريين المنسيين. وأفكرُ كَم هي جميلة هذه المقولاتُ الطنّانة. لكنك لَم تكُن يوماً صوتي، ولا صوت الملايين. لم يكن صوتُنا يوماً كسوريين واحداً بطبيعة الحال.


فمَن نحن إذاً لتستمر مُختلف الوسائل الإعلامية بتمثيلنا، وإيصال صوتنا المغمور، ونَفَسنا المخنوق، وماذا نريد أن نقول عبر أغنية لا تَعنينا، وموسيقى نَخبوية، لا يستسيغها معظم السوريين في الحقيقة. ومن هم الفنانون الذين يُعبِّرون عنّا نحنُ الذين لم نعرف بعدُ عدَدنا الكامل، هدفَنا الواحد وصوتَنا الصادح.

نحن ببساطة، مجموعة من الناس، لا تختلف عن بقية البشر. لكلٍّ مِنا صوتُه، رأيُه، فكرُه، قلمُه، وحلمُه الفريد. لسنا مضطرين بحال من الأحوال للسير خلف فنان، أو اعتناق مظلة إعلامية نتفيأ بِرأيها.

فهل لنا من الحرية ما يسمح للفنانين السوريين بالكفِ عن تمثيلنا؟ وعن تأليف المقطوعات الموسيقية الأثرية التي تُدافع عن وجودنا؟ وهل في الفنانين قليل من الرحمة كي يخاطبونا بصيغة مدنية، بعيدة عن التعالي الفني والثقافي؟ فقد باتوا ثِقَلاً مزعجاً، سنقوم برميه عاجلاً أم آجلاً، في الطريق نحو حريتنا الفكرية، والفنية، والنفسية بالضرورة.

ذكرى

في بداية الثورة السورية، أُصيب شاب يافع في حمص أثناء التظاهر إصابات بالغة أودَت بِحياته في ساحة الساعة القديمة بحمص، كان يردد بصوت مُتقطع قبل استشهاده: بدي سندويشة زعتر.. آخر مرة قبل ما موت.

لا صوتَ يُمثلني سواه منذ تلك اللحظة.
9BAC13F6-67B4-4BA6-A324-1015B2C63936
زينة قنواتي

صحافية سورية مقيمة في براغ، درست الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، والصحافة والإعلام في جامعة براغ. عملت في مجال تأليف قصص الأطفال. وحاصلة على شهادة تدريبية في علاج الصدمة.