المزة... ملطشة الأسد يمنة ويسرة

المزة... ملطشة الأسد يمنة ويسرة

17 يناير 2017
+ الخط -
أيام زمان، يوم كان الصراخ بديلا للاستراتيجيات، ويوم كان المواطن يظن بأن "أشاوس" القائد الخالد يعرفون ما يدور في غرف نوم الأزواج، وما تناولته العائلة على العشاء، كان يقال لنا التالي:" أميركا هي رأس الأفعى".



وزيادة على حالة البؤس، إذ كان السوريون يُهربون فاكهة الموز من لبنان، وبعض الخبز. وكان "الشبيحة الظرفاء" في معبر العريضة، لا يفكرون سوى في مصلحة المواطن اللاهث وراء رغيف الخبز... ويوم وصلت الكهرباء إلى مؤخرة دريد لحام ( التنفيسية) قبل أن تصل قرى الجزيرة السورية، جاءت الصرخة الأخرى "أميركا هي إسرائيل وإسرائيل هي أميركا".

شخصيا، مقتنع بأن الشعار الأخير ليس اختراعا ممانعا، بل هو حقيقة واقعة، قبل أن يتفلسف نظريا صاحب "النظرة الثاقبة" عنها. امرأة بسيطة من مخيم في غزة قالتها قبل أن يورث بشار كل الشعارات، حين كان جيمس بيكر يحاول اختراع وفد بديل عن م ت ف.

في ذاكرة السوريين قصص قد لا يفهمها من لم يعش مثلها، وما أظن أن عاصمة عربية مشرقية عاشت مثلا أن تؤخذ سيدة مسنة احتجت ذات يوم على طماطم "زمن الحصار"، أي نعم. كل شيء رُد إلى الحصار، رغم أن العريضة معبر كان يشتغل 24 ساعة في "خدمة المواطنين"، ليحلق شعرها، ويقال لها: "يمكنك أن تذهبي وتقولي إننا حلقنا شعرك...".

واكتملت المؤامرة الكونية بأن صار لتركيا حصة الأسد عند بشار، فدمر صناعة النسيج السوري وغيره من الصناعات. أيام كانت أموال "البترودولار" حلالا لما يسمى "إعادة إعمار القنيطرة المدمرة"؛ فالرز الخليجي قصته قديمة أقدم من مخترعات انقلابي آخر في الجمهوملكيات.

مع كل ذلك، نفذت المؤامرة الكونية (بالمطلق أسميت كونية منذ الأيام الأولى) برياحها من تونس إلى مصر فحوران. 

والمؤامرة هنا جارية منذ ما قبل تدمير محطة الكبر في الشمال (وقيل إنها نووية). ومنذ أن كانت دمشق تقنن الكهرباء بحجة أن عنفات سد تشرين خربة وبانتظار استيراد الجديد منها. لم يسأل أحد كيف أن "الرفاق" الروس "وقيادات القطر الحكيمة" لم يتناقشا طيلة عقدين في استيراد عنفات لسد تشرين... فالمؤامرة التي عرفها الدمشقيون، وغيرهم، كان "فينتيل" التنفيس عنها يرخى قليلا في "بقعة ضوء" فلم يبق شيء ينقص عند الفقراء تحديدا، وليست أحياء المزة فيلات وأبو رمانة والمهاجرين، سوى مردى إلى "المؤامرة".


قصف طيران الاحتلال عشرات المرات ممشطا سورية من أقصاها إلى أقصاها. مضافاً إليه "رأس الأفعى" بإنزال جوي في البوكمال. وكشف النقاب عن مؤامرات الزعبي الذي نحر مثلما نحر "خونة" كثيرون مثلما "انتحر غازي كنعان" في 2005. وتبين خيانة عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي.


ويا للمفارقة، رئيس أركان دولة الممانعة يتقاعد في عقر دار رأس الأفعى أميركا ويموت فيها، و صاحب النياشين، وكتب الطبخ، والتحرش بالوزيرة الفنلندية الذي ينعم اليوم بأموال "المؤامرة" في باريس...

بكل الأحوال أيضا، منذ ما قبل قصف الكبر، قصفت في لبنان منصات الصواريخ السورية، وأحرقت في ظهر البيدر دبابات الممانعة، وحلق الطيران المعادي فوق القصرين، في "دمشق ولاذقية الأسد"... وقصفت عين الصاحب، وكرت السبحة إلى أن صارت جمرايا أكثر من خبر عادي... مرئي بالعين المجردة.

لندع جانبا تحليلات "الاستراتيجيين اللبنانيين" على ورقات وشاشات الممانعة عن "الرد السوري الصاعق". وعما قاله الوريث ذات يوم قبل 3 سنوات:" لقد أخبرنا أكثر من جهة... أكثرها غربية... بأنه في المرة القادمة سيكون هناك رد دون العودة إلى القيادة".


دعوني أخبركم قصة يعرفها ناس مخيم اليرموك:


ذات يوم، وعند حديقة الطلائع (فلسطين لاحقا) كانت دوريات الشرطة والأمن تجوب بكامل أسلحتها بعد يوم من قصف الاحتلال لمواقع قرب دمشق. باستهزاء، صرخ بعض الشباب على الدوريات: شو شباب إن شاء الله وجدتم الزمان والمكان المناسبين للرد؟

لا داعي لوصف المزيد من المشهد، تم هذا قبل أن تكتمل فصول المؤامرة الكونية والفضائية.

في الواقع لا حاجة لجردة طويلة مع "اختراق السيادة الوطنية". يكفي فقط أن نتذكر كيف تحول مطار المزة وما يحيط به... وقبلا كان مطار دمشق وهنغارات تفريغ السلاح ومرتزقة إيران والعراق وأفغانستان...

ما يهمني شخصيًا هو سؤال الكذب المستمر مثل التنفس عند معسكر الممانعة، فأين عاصفة السوخوي الروسي التي تغنت بها وسائلهم؟ وأين قائد الممانعة فلاديمير بوتين من تدمير صورايخه في مطار المزة ويعفور؟

في العادة حين يراد إقناع الناس بالمؤامرة الكونية، وفقط للحفاظ على ماء وجه يتحول إلى بصاق لزج على وجه المتحدثين بثقة غبية، لا يكرر شعار "سنرد". التسويف منذ سنوات ما قبل 15 مارس/آذار لم يسر يوما على السوريين والعرب. التاريخ شاهد على استئساد وتنمر على المسحوقين... ولا يكفي الإيحاء بعد 43 سنة من زقزقة عصافير الجولان "المحرر"، الممنوع بالمناسبة دخوله من أهله منذ فض الاشتباك 1974 إلا بموافقة أمنية. بعيدا طبعا عن تمثيليات الزحف التي كشفت زيف الألغام في 2011 و2012.

نحن أمام ملطشة عنوانها المزة هذه المرة، بعد ملاطش كثيرة، تلقاها الوريث، بمباركة مادلين أولبرايت، مرات ومرات، ملطشة يدير فيها تارة خده الأيمن وتارة الأيسر.

في الملخص: إذا كانت أميركا رأس الأفعى، والذين يرد عليهم في تدمير قراهم ومدنهم يفهم منه الرد على طائرات المحتل، وبتهجير لم تشهده "دولة وطنية" منذ تبادل باكستان والهند أكبر تهجير للسكان... سيظل السؤال: رأس الأفعى الواقف خلف المؤامرة الكونية ( في سورية... ولتتسع المهزلة في مصر أيضا) من أيام أولمرت في قصف الكبر إلى نتنياهو حاليا، فلماذا لا يُرد عليها بمثل ما ترد غزة، على الأقل بصاروخ؟

أها... "تريدون توريطنا في معركة لم نعد لها"؟ يرد هؤلاء، دون أن ترمش عين واحدة عما كانوا يفعلونه منذ أن اغتصبوا السلطة بما يسمى "حركة تصحيحية".

سؤال برسم أصحاب مقولة "الصواريخ المشبوهة في جنوب لبنان". الممانع في القصير وحلب. وتدمر إن شئتم. فهل بقاء هذا "الرئيس" الملطشة في حضن بوتين وملالي طهران فيه منفعة لسورية.

دلالات