دور الأونروا والتبعية الفلسطينية: تحليل نقدي

دور الأونروا والتبعية الفلسطينية: تحليل نقدي

22 أكتوبر 2023
+ الخط -

مقدمة:

لعبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) دورا هاما في تقديم المساعدات الإنسانية الحيوية للاجئين الفلسطينيين لأكثر من سبعة عقود، ومع ذلك، فقد أثيرت أسئلة حول كيفية تأثير وجود الأونروا في الأراضي الفلسطينية على الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية وتبعية التي يخضع لها الفلسطينيون، يتناول هذا المقال بشكل نقدي استخدام الأونروا داخل الأراضي الفلسطينية كمصدر محتمل للتبعية الفلسطينية ويستكشف الآثار الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها.

الدور التاريخي للأونروا:

تأسست الأونروا في عام 1949 لتقديم الإغاثة الطارئة والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين، وكانت مهمتها الأساسية هي تخفيف معاناة الفلسطينيين الذين نزحوا ولجأوا بعد نكبة عام 1948، على مر السنين، قامت الأونروا بتوسيع خدماتها لتشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، مما دفعها لتصبح فعلياً المزود الرئيسي للخدمات الأساسية في الأراضي الفلسطينية.

الاعتماد على الأونروا:

التعليم: تدير الأونروا مدارس في الأراضي الفلسطينية، والتي كان لها دور فعال في توفير التعليم لأجيال من اللاجئين الفلسطينيين. ولا شك في أن هذا الدعم التعليمي قد مكّن العديد من الفلسطينيين، ومع ذلك، فقد عزز ذلك أيضاً الشعور بالاعتماد على نظام التعليم في الأونروا، على الرغم من الوجود التعليمي الحكومي ذي المصادر والتمويل المحدود، ما رجح كفة نجاح مدارس الأونروا عن غيرها من المدارس المدعومة من جهات حكومة.

الرعاية الصحية: كانت مرافق الرعاية الصحية التابعة للأونروا حاسمة بالنسبة لوصول اللاجئين الفلسطينيين إلى الخدمات الطبية، وفي حين أن ذلك كان مفيداً، إلا أنه أدى أيضاً إلى إنشاء نظام للرعاية الصحية حيث يعتمد العديد من الفلسطينيين على عيادات ومستشفيات الأونروا، دون وجود نظام خدماتي حكومي يستوعب كل هذه الأعداد.

خدمات الإغاثة: إلى جانب التعليم والصحة كان توفير الأونروا المساعدات الغذائية والمالية بمثابة شريان الحياة للعديد من اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما شكل حقاً وضعاً اعتمادياً كبيراً، حيث يعتمد جزء كبير من الفلسطينيين اللاجئين على هذه المساعدات لتلبية احتياجاتهم اليومية.

أدى الاعتماد على الأونروا إلى إعاقة تطوير المؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية ذاتية الاستدامة، وقد تم خنق النمو الاقتصادي

التوظيف: الأونروا هي واحدة من أكبر جهات التوظيف في الأراضي الفلسطينية، حيث توفر فرص العمل لآلاف الفلسطينيين، وقد ساهم هذا أيضاً بشكل أو بآخر في مستوى من التبعية الاقتصادية.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية:

النمو الاقتصادي المحدود: أدى الاعتماد على الأونروا إلى إعاقة تطوير المؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية ذاتية الاستدامة، وقد تم خنق النمو الاقتصادي حيث يعتمد الكثيرون على خدمات الأونروا بدلا من البحث عن بدائل.

النفوذ السياسي: إن وجود الأونروا ونفوذها في الأراضي الفلسطينية كانت له أيضاً آثار سياسية، لقد كانت أداة مساومة في المفاوضات الدولية، وفي بعض الأحيان، أدت إلى إدامة وضع اللاجئين الذي لا يزال دون حل.

المجتمع المدني: كان للدور المهم الذي لعبته الأونروا انعكاسات على تنمية المجتمع المدني الفلسطيني، والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت منظمات المجتمع المدني قد تم تمكينها بشكل كاف أو ما إذا كانت الأونروا قد تولت الأدوار التي كان ينبغي أن تكون ضمن نطاق اختصاصها.

خاتمة:

إن دور الأونروا في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين هو دور كبير وحاسم، وقد حقق بلا شك تأثيراً إيجابياً كبيراً، ومع ذلك، فإن وجود الوكالة ساهم أيضاً في خلق بعض التبعيات داخل المجتمع الفلسطيني، ومن الضروري معالجة هذه المخاوف لضمان عدم ارتهان الوضع الفلسطيني للمؤسسات الأنوروا على اختلافها ومع استمرار المناقشات حول مستقبل اللاجئين الفلسطينيين، فإن اتباع نهج متوازن لمعالجة هذه التبعية ومحاولة التخلص منها بشكل تدريجي عن طريق وضع سياسات واضحة وتدريجية للتعامل مع الوضع للحفاظ على استمرار الخدمات التي يحتاجها اللاجئين دون الحاجة لمصدر خارجي من شأنه أن يبتز حياتهم في أقل المتطلبات الرئيسية التي يحتاجها المواطن الفلسطيني.

تقوى نضال أبو كميل
تقوى نضال أبو كميل
باحثة سياسية، حاصلة على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولة، وتعمل حاليًا كباحثة في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA). تتركز اهتماماتها البحثية الرئيسية على نشاط حقوق الإنسان والسياسة في الشرق الأوسط، السياسة الانتخابية. تعرّف عن نفسها، بمقولة غسان كنفاني "أنا من شعب يشتعل حبًا، ويزهو بأوسمة الأقحوان وشقائق النعمان على صدره وحرفه، ولن أدع أحدًا يسلبني حقي في صدقي".