تشاد ما بعد ديبي... وسؤال الرهان

تشاد ما بعد ديبي... وسؤال الرهان

20 يونيو 2022
+ الخط -

لم تشبع المعارضات بجميع جِيناتها من تسويق مصالحها باسم "الشعب"، ولم تحدد مسارات أي مقومات لها لتصل بنا والوطن إلى مراسي الدمقرطة وفريضتها الغائبة، عربات تحمل جثثاً وأخرى تحمل جرحى الحروب، وآخرون من نوافذ فنادق الخمس نجوم يسلون أعناقهم للفضائيات يصرخون في جلد الأنظمة، باسم تسويق الخلافات السياسية والاستثمار فيها، بلد مرقع بتخلفه، وأنظمة تحاكم ذاتها في الفشل وتأمل في الإصلاح بعد العجز الذي يطارد ساداتها وكبرائها، مراحل طويلة قطعناها في ظل حكومات تتسكع في تطويل روح "الطغاة" وأيد خارجية تطاول كل خلافات الداخل، من يقوم عروش الأنظمة في تشاد؟ ومن يحكم إرادتنا بهؤلاء الحكام؟ إلى أين تسير تشاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

المتتبع لتاريخ هذا البلد السياسي وتفريخ معارضته المسلحة والسياسية فيه، يدرك تماما حجم الخطر الذي يطاردنا كلعنات، شرخ في النخب المثقفة وتحويلها إلى خشوم بيوت "شعوبا وقبائل" وصناعة طغاة وتدريبهم على بيع الوهمنة، كثير من جيل حكم الإنقاذ معطل الآن بكوابيس البطالة، ثلاثون عاما ونحن مخنوقون بتخدير الخطاب السياسي وتغيير بعض النقاط فيه لإطالة أمد الأمل الممحوق.

لم تسلم مؤسسات الوطن بجميع فروقاتها من اشكالات الفساد

مات ديبي بعد أن وصل بالبلد إلى حلول "مؤجلة لربع قرن"، مات وقبله رحلت طموحات ثلاثة أجيال، فرنسا وليبيا والسودان ثالوث لعب بخيوط الحكم في تشاد على أمد بعيد، معارضة تخرج وأخرى تدخل، وأنظمة تستمد طاقتها من "الحلفاء في المصالح"، ثروة معدنية وحيوانية وخيرات لا تعد ولا تحصى تنهب بعلم من حكوماتنا، اتفاقات كثيرة وأخرى جف حبرها دفعت فواتيرها تشاد، كل مؤسسات الدولة معطلة منذ نصف قرن على حساب مزاج حكام القبيلة والمحاصصة السياسية وبيع الذمم وصناعة أساتذة التطبيل.

ماذا يعني حكم ابن الرئيس؟ يعني مماطلة وتبادل للأدوار، يعني إحياء لذاكرة الوالد الراحل، ينتظر الآن حزب الرئيس الراحل الفرصة وكل أعضائه مسؤولون في مراكز حساسة في الدولة الانتقالية، كل رهانات الواقع تشير لغياب الدولة وتؤكد غياب فرص الوصول إلى بنائها بمؤسسات ناجحة تسهم في خلق احتمالات قد تمهد لنهضة يضرب بها المثل في المنطقة.

فساد إداري على طول الوقت

لم تسلم مؤسسات الوطن بجميع فروقاتها من إشكالات الفساد، وتفرخه على كل الصعد، غياب الرقابة الإدارية في كل إدارات الدولة، الرئيس الراحل حاول أن يمهد لكل خطاباته وإرسال تشفيرات للفاسدين والمرتشين الذين تسلقوا المناصب ووصلوا سريعا، يعرف تماما بمشكلة الرشاوى والاختلاسات، أين بدأت وكيف، لكن كيف ينتهي من سرطانها؟

إجابات ظلت مؤجلة في حسابات الرئيس السياسية، وتقبل الآخر بكل أفكاره الفاسدة، بدأت مؤسسات الدولة بالترهل والعجز في أدائها الوظيفي في فترة حكم ديبي، ولم تشهد منذ زمن ما بعد الاستقلال فسدة ومرتشين ولصوصا مثل هؤلاء، يأتون عن طريق القبيلة والحزب وعلى ظهور "الدوشكات" وعرباتها..

كل هذا عرقل دولة المؤسسات ورسم لثراء فاحش في الطبقات الحاكمة، جنرالات ووزراء وبرلمانيين، وشيوخ دين، ووعاظ السياسة وغيرها.

DCDA8F68-FEF8-4439-9CD6-C2BDBF199BE7
أبو بكر عبد السلام

إعلامي وناشط في الشأن التشادي والأفريقي، وسكرتير تحرير صحيفة "انجمينا الجديدة".