أبحث عن موعد في العيادة النفسية

أبحث عن موعد في العيادة النفسية

11 اغسطس 2021
+ الخط -

في ليلة الأحد، ضربات قوية طرقت قلبي، كلما وضعني عقلي أمام خيارات وقرارات وتحديات حياتية صعبة أو بسيطة، يغضب قلبي وترتفع ضرباته ويؤثر سلباً على أداء جسدي، وكأنه يدافع عني، اتركوها فهي لم تعد تحتمل. هذه المرة أزرق ذراعي وساقي وصاحبهم ألم، فتحرك زوجي دون أخذ رأي ليتصل بسيارة الإسعاف.

حضر المسعفون وأرهقوني بكثير من السؤال والجواب وفحص أولي، وأخيراً نشرت المسعفة تحت لساني رذاذاً وقالت إنه ضروري لينخفض ارتفاع ضغط الدم، وذهبت معهم للمشفى لاستكمال الفحص.

صعدت للسيارة وجلست وأخذت عيني تدور مع الضوء الأزرق فله أثر في السيارة من الداخل، اشفقت على نفسي الرافضة للذهاب للمشفى، ولكنه ضروري، ووبختها على الذهاب، هذا ليس مكانك، هذه السيارة لا تناسبك ولا تناسب عمرك.

أغلقت هاتفي وأنا أقول " لسنا كلنا مرضى نفسيين يا عزيزي" وغصت في نوم عميق لاثنتي عشرة ساعة

أين يجب أن يكون مكانك الآن؟

اتخيل نفسي جالسة على كرسي مريح وعيني محلقة بالسقف دون صوت ودون إضاءة، وترد نفس أخرى بداخلي لا؛ مكانك بجوار صديقة وموسيقى صاخبة بجواركم وصوت ضحكاتكم تعلو فوق صوت الموسيقى، وكل نفس بداخلي تجيب إجابة مختلفة، ولكن كلهم أجمعوا أن مكاني ليس في سيارة الإسعاف.

انتهى الحوار بوصول السيارة للمشفى، جلست سبع ساعات اختزلهم الآن في أخذ عينة دم لتخبرهم أن هذه العلامات كانت تجلطاً بالدم أم لا.

فجر اليوم التالي نادى اسمي الطبيب وجلسنا وأخبرني أن الفحوصات ليست سيئة، وأني مريضة ضغط ويمكن له من حين لآخر أن يرتفع عن المعتاد أخيراً نصحني بأخذ موعد عند طبيب نفسي!  ظهرت على وجهي علامات التعجب والاستنكار والرفض.

وقف الطبيب وجلس مرة أخرى، جلسة غير معتدلة على طرف سرير الكشف وبدأ الشرح مع حركات بيديه للإقناع، قائلا:" الطبيب يبحث في تحليل الدم عن سبب للمرض ليعالجه عندما لا يصل لشيء، يعلم أن المريض يحتاج لاستشارات نفسية، وسبب لي ذلك بأن المسؤوليات والضغوطات وخاصة بعد جائحة كورونا زاد عدد المصابين بالاكتئاب".
شكرته وخرجت من المشفى وعدت للمنزل وأنا أردد لا يمكن هذا الكلام، هذا الطبيب لا يعلم من أنا لا يمكن أن اكتئب أعلم نفسي جيداً وأنا بخير.

هاتفت صديقة وأخبرتها وأخبرتني أن الأمر وارد، وأن حالات الاكتئاب زادت في الفترة الأخيرة، وأوصتني بالاهتمام بأمر الطبيب النفسي.

حتى وبعد أن علمت ذلك أرفض احتياجي لطبيب نفسي، أتحدث وأتحدث مع نفسي، أبحث عن معلومات طبية خاصة بوضع الضغط والسمنة والمرض النفسي، لقد أرهقني هذا الطبيب فوق إرهاقي.

أغلقت هاتفي وأنا أقول "لسنا كلنا مرضى نفسيين يا عزيزي" وغصت في نوم عميق لاثنتي عشرة ساعة. 

استيقظت في السادسة.. شربت القهوة.. 
ذراعي تؤلمني.. 
قلبي يخفق.. 
ونبضاته تتحرك للأعلى.. 
أبحث عن موعد في العيادة النفسية.

دلالات