محمد الشطي: سياسات اقتصادية جديدة في المنطقة

محمد الشطي: سياسات اقتصادية جديدة في المنطقة

03 ديسمبر 2014
السكرتير التنفيذي في منظمة "أوبك" محمد الشطي( العربي الجديد)
+ الخط -

أشار السكرتير التنفيذي في منظمة "أوبك"، وممثل الكويت في المنظمة، محمد الشطي، أن انخفاض أسعار النفط يجبر الحكومات في المنطقة على اعتماد سياسات اقتصادية جديدة ‏تسمح لها بتنويع مصادر الدخل، بدل الاعتماد فقط على الإيرادات النفطية، وقال في مقابلة لـ "العربي الجديد": لاشك أن انخفاض أسعار النفط عالمياً، سيجبر الدول المنتجة للنفط بتغير سياساتها الاقتصادية، والقيام بإصلاحات عديدة." وهنا نص المقابلة

* كيف تنظر الى سوق النفط في الكويت والخليج خلال الفترة الحالية؟
لا بد من الإشارة إلى أن أسعار نفط خام "برنت"، بقيت تدور حول 100 دولار ‏للبرميل لسنوات، وهو ما أعطى استقراراً لمنطقة الخليج العربي. وأسهم ذلك في دفع الخطط ‏الاستثمارية المستهدفة لرفع القدرات الإنتاجية والتصديرية للنفط الخام والغاز، وإضافة ‏مصافٍ جديدة والتوسّع في صناعة البتروكيماويات. ‏
وبالرغم من أن خفض أسعار النفط الخام لم يؤثر في مشاريع التنمية، في صناعة النفط ‏والغاز، في المنطقة بصفة عامة، إلا أن ضعف الأسعار، يعني أن أسعار النفط في المنطقة قد حققت هبوطاً فعلياً، أي أن الدول تخسر من الإيرادات، مقارنة مع أعلى مستوى وصلت إليه ‏الأسعار في شهر أغسطس/ آب الماضي.‏

* هل من خطوات يمكن تحقيقها لخفض تأثيرات انخفاض الأسعار على الاقتصادات؟
‏من خلال خبرتنا ومراقبتنا في "أوبك"، فإنه في العادة وفي العديد من البلدان، يشجع هبوط ‏أسعار النفط الخام على القيام بسياسات إصلاحية في الاقتصاد. ونعتقد أنه على الحكومات ‏مراجعة سياسة الدعم، وتغيير النمط الاستهلاكي الذي تم إيجاده أو خلقه لدى المواطن الذي ‏يعتمد على الدولة في كل شيء. كما توجد محاولات أيضاً لتنويع مصادر الدخل، وهنا تبرز أهمية تطوير ‏القاعدة الاقتصادية والإنتاجية في دول الخليج، وخلق ركائز أساسية لاقتصادات حقيقية ‏تساعد على إيجاد مصادر متنوعة للدخل، بخلاف قطاعي النفط والغاز الطبيعي‎.‎
وفي هذا الإطار، يجب تحديث وإصدار مزيد من القوانين والتشريعات الاقتصادية ‏والاستثمارية، وهي من العوامل الأساسية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ‏وغير المباشرة إلى الاقتصادات المحلية. وينبغي رسم الاستراتيجيات والخطط اللازمة لدعم ‏الصناعة الوطنية، إضافة إلى تشجيع ‏صغار المستثمرين على المشاركة في الخطط الإنمائية للدول‎.‎
والمعطيات التي بين أيدينا، تبيّن أن الاعتماد على النفط بصورة رئيسية يجعل ‏دول مجلس التعاون مكشوفة بدرجة كبيرة على مخاطر كثيرة، وتظهر ضرورة تطوير بدائل، ‏والتوسّع في استخدامها لمنع التأثر بتذبذب أسعار النفط.‏

* ما أبرز التحديات والصعوبات التي تواجهها صناعة النفط اليوم في المنطقة ‏والعالم؟
صناعة النفط في المنطقة تحقق الفوائض المالية الضخمة. ومن خلال الدراسات ‏التي تصلنا على الدوام، فإن هذه الصناعة تواجه العديد من التحديات الحالية والمستقبلية. ‏ولعل أهم التحديات تكمن في المنافسة لإيجاد بدائل للطاقة، والاكتشافات الهيدرو - كربونية الجديدة، ‏وسياسات الدعم المختلفة لاستهلاك المنتجات البترولية والكهرباء، وتطوير النفوط الصعبة ‏والمصادر غير التقليدية، وذلك إضافة إلى توفير وتأهيل الخبرات والقدرات الفنية المحلية والعالمية ‏والمحافظة عليها. وأيضاً تبرز تحديات في ما يتعلق بالتكنولوجيا المطلوبة لتطوير إنتاج النفط، وتوفير الشروط ‏البيئية. وكذلك التنبّه إلى اعتماد السياسات الحمائية لدى بعض الدول المتقدّمة، والتي تشكل عائقاً أمام ‏مبيعات المنتجات البترولية مثل وقود الطائرات والبتروكيماويات.‏

* كيف تتعامل دول "أوبك" مع هذه التحديات؟
تظهر الأرقام الواردة من البيوت الاستشارية العالمية، ومن "أوبك" أيضاً، أن الطلب ‏على النفط ينخفض في البلدان الصناعية منذ عام 2005، وما زال مستمراً حتى اليوم. وقد انحسر الطلب في الأسواق الآسيوية المتنامية، ما أثّر سلباً على تجارة النفط والمنتجات ‏البترولية.
ومن المتوقع تشغيل عدد من المصافي في منطقة الخليج، والتي بدأ بعضها بالعمل في ‏النصف الثاني من عام 2014، وبعضها سيبدأ في بداية عام 2015، وغيرها خلال ‏السنوات القادمة لغاية 2020. ما يعني في المجمل ارتفاع المعروض من المنتجات البترولية ‏في السوق، وزيادة الضغوط على هوامش أرباح المصافي خلال السنوات المقبلة.
كما نشهد أيضاً تطوير نفوط من مصادر غير تقليدية، تشمل النفط الصخري أو النفوط ‏الرملية، في وقت يجري أيضاً تطوير إنتاج النفط من أماكن في القطب الشمالي كانت ‏محظورة في السابق.

‏* ما هي أبرز المشاريع النفطية القائمة في المنطقة اليوم؟ ‏
إن المراقب لسوق النفط اليوم يعرف أن المشاريع في القطاع متنوعة، ولعل أبرزها إضافة ‏طاقات تكريرية جديدة، وقدرات تصديرية وإنتاجية من النفط الخام، والتوسع في صناعة ‏البتروكيماويات البترولية. وأيضاً، تحقيق التكامل مع صناعة التكرير، وعمليات تطوير الغاز ‏والصناعات المرتبطة.‏

* ما هي أبرز الشركات الأجنبية الموجودة في القطاع النفطي في الخليج؟
أولاً، إن التحدي الأبرز الذي نشهده اليوم هو تشابه الاستثمارات في صناعة البترول والغاز ‏في المنطقة. ونحن نشهد مشاركة العديد من الشركات الأجنبية في تطوير صناعة النفط ‏والغاز في الحقول، وأبرزها إكسون، وشيفرون، وتوتال، وشل، وشلمبرجيه، ‏وبيكر هيوز، وفلور، وبتروفاك، بالإضافة إلى عدد كبير من الشركات الصينية والكورية ‏واليابانية.‏

* ما سبب تراجع أسعار النفط في الفترة الحالية؟ وإلى متى سيستمر؟
‎ ‎لا بد من الاعتراف أن رؤية المسؤولين والمعنيين بقطاع النفط في المنطقة تتحد على ‏أن سوق النفط تعاني حالياً من اختلال في ميزان الطلب والعرض، وقد أسهم في ذلك عدد من ‏الأمور، منها استمرار ارتفاع إنتاج النفط الصخري، وارتفاع إنتاج منظمة "أوبك"، وبلوغ ‏متوسط الإنتاج اليومي نحو 31 مليون برميل يومياً، وتعافي ‏إنتاج ليبيا ونيجيريا وإيران، بالإضافة إلى استمرار إنتاج العراق، من دون تأثره بالحالة ‏الجيوسياسية هناك، وهي عوامل تركت تأثيراً كبيراً على أسعار النفط، وأدت إلى تراجعه ‏نوعاً ما.‏
وكذلك أسهم ضعف الطلب العالمي على النفط في خفض الأسعار حالياً. وقد نتج ضعف الطلب عن تباطؤ مؤشرات الاقتصاد، في أماكن متنوعة ‏من العالم كالصين وأوروبا وأميركا، كذلك تأخر بداية فصل الشتاء، حيث يتم دعم الطلب، ‏واستمرار هيكلة أسعار النفط الخام. ويضاف إلى كل ذلك تراجع قوة صرف الدولار مقابل ‏العملات الرئيسية.
ونرى أن استمرار تراجع الأسعار رهن استمرار العوامل التي ذكرت، وسط توقعات بأن ‏نشهد توازناً مع بداية فصل الشتاء بين اكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول.

* كم يبلغ إنتاج دول الخليج النفطي يومياً؟
يقدّر إنتاج البلدان في منطقة الخليج العربي من النفط الخام بنحو 22.7 مليون برميل ‏يومياً، تمثّل 25% من إجمالي الطلب العالمي على النفط، الذي يصل إلى 91.2 ‏مليون برميل يومياً.‏
وتساهم المملكة العربية السعودية بنحو 9.6 ملايين برميل يومياً من النفط، والإمارات العربية ‏المتحدة بنحو 2.6 مليون برميل، والكويت بنحو 2.8 مليون برميل، وقطر بنحو 0.7 مليون ‏برميل، والعراق بنحو 3 ملايين برميل يومياً، فيما تساهم إيران بنحو 2.7 مليون برميل ‏يومياً.‏
كما تعتبر منطقة الخليج العربي من أهم المناطق الاستراتيجية التي تمتلك احتياطيات نفطية ‏عالية تبلغ 800 مليار برميل، تعادل 48% من إجمالي الاحتياطي النفطي في العالم. ما ‏يبرز أهمية هذه المنطقة التي تعد صمام أمان السوق النفطية في العالم.‏

المساهمون