أكراد العراق: دخول الجيش للمناطق المتنازع عليها ممنوع

أكراد العراق: دخول الجيش للمناطق المتنازع عليها ممنوع

06 نوفمبر 2014
البشمركة لن تسمح للجيش العراقي بالدخول لكركوك(صفين حميد/فرانس برس)
+ الخط -
لا تقف مشاكل العراق عند تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو الخلاف السياسي والمذهبي في البلاد، إذ تتعدى إلى ملفات أخرى قد تجعل حلم الاستقرار بعيد المنال عن مواطنيه، ولا سميا بعدما فجرت قيادات كردية مفاجئة من العيار الثقيل بإعلانهم رفض دخول الجيش العراقي للمناطق التي سيطرت عليها القوات الكردية بعد أحداث العاشر من يونيو/حزيران الماضي يوم سقوط الموصل حتى لو استقرت الأوضاع وعادت كل الأمور إلى طبيعتها.

وتعتبر هذه القيادات أن القوات الكردية المتمثلة بالبشمركة تقف على أراضٍ كردية لا يمكن التراجع منها وتسليمها للقوات العراقية الاتحادية مجدداً كونها دفعت دماء غالية في عملية استردادها من "داعش".

ويقول مسؤول كردي بارز في إقليم كردستان لـ"العربي الجديد" إن "القوات الكردية لن تتحرك أو تنسحب شبراً واحداً من المدن والبلدات التي سيطرت عليها خلال الشهرين الماضيين، والتي كانت مشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي المعروفة بالمدن المتنازع عليها".

ويوضح المسؤول، في لقاء في مكتبه في مدينة أربيل، أن "كركوك التي نعتبرها قدس الأكراد ومدن زمار وقوش وسنجار وخانقين وغيرها باتت جزءاً لا يتجزأ من الإقليم الكردي، ولن نتنازل عنها بالانسحاب وتسليمها للقوات العراقية التي تخلت عن مواطنيها الأكراد وجعلتهم فريسة بيد داعش"، مشدداً على أنّ "الدماء التي ضحينا بها في تلك المدن غالية جداً".

وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على إجراء استفتاء شعبي عام للمدن التي يُطالب الأكراد بضمها إلى الإقليم على اعتبار أنها ذات غالبية كردية لتحديد مصيرها في بقائها ضمن سلطة بغداد الاتحادية أو إلحاقها بسلطة إقليم كردستان

من جهته، يقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني صلاح حاجي دلو، إنّ "القوات الكردية لن تسمح للجيش العراقي بالدخول إلى كركوك كونها مدينة تخضع لسيطرة البشمركة التي تتمتع بجاهزية كاملة في مواجهة أي خطر مستقبلي". وأوضح دلو أن "قوات البشمركة تسيطر على الأرض الآن وعلى القوات العراقية التوجه لمناطق أخرى لتحريرها من داعش".

وكان رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، قد أعلن في تصريح سابق له عن "انتفاء الحاجة للمادة 140 من الدستور بعد دخول قوات البشمركة إلى المناطق المتنازع عليها". وأوضح برزاني أنّ "الأكراد صبروا لتحقيق المادة 140 عشر سنوات من دون جدوى، ودخولنا اليوم لتلك المناطق والسيطرة عليها جاء بعد انسحاب القوات العراقية منها واضطرارنا إلى تولي حمايتها بأنفسنا".

وتلزم حكومة حيدر العبادي الصمت إزاء الملف الكردي، وتسعى إلى عدم إثارة الموضوع في الوقت الحالي رغم تكرار التصريحات الكردية المؤكدة على عدم انسحابها من تلك المدن البالغة 11 مدينة في محافظات نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين.

ويعزو المحلل السياسي عبد الحميد الخالدي، سبب ذلك إلى حرص العبادي على "عدم فتح الملفات كلها في وقت واحد وإعطاء جدول زمني لكل مشكلة". ويوضح الخالدي لـ"العربي الجديد" أن "الوضع الحالي لحكومة العبادي لا يسمح لرئيس الوزراء بالدخول إلى معركة سياسية مع الأكراد، ولا سيما أنهم حالياً في مرحلة تعاون عسكري ضد تنظيم داعش. كما أنه لا بديل عن القوات الكردية في مسك الأرض في تلك المدن، ولا سيما مع رمي ثقل الجيش الأكبر في مناطق أخرى غير تلك المتنازع عليها".

ووصف ملف المدن التي استولى عليها الأكراد واقتطعوها من سلطة بغداد بـ"القنبلة الموقوتة التي سرعان ما ستنفجر بعد الانتهاء من ملف داعش، ولا سيما أن جميعها نفطية وتضم حقولاً يعتبرها العراق حيوية لاقتصاده".

بدوره، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد الجاف، أنّ المناطق التي تسيطر عليها البشمركة لن تعود لحكم بغداد بل للإقليم فمن يدافع عنها أحق بها.

ويضيف الجاف في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "مدن كركوك ومخمور وسنجار وطوز خورماتو وأقضية أخرى ضمّت بالفعل إلى الإقليم، وهي تأتمر بأمره لا أمر بغداد، وليس لدينا مشكلة في المعارضين. فالمدن كردية اقتطعها (الرئيس الراحل) صدام حسين وحاول تعريبها على مدى السنوات الثلاثين من حكمه للبلاد".

ويعتبر الجاف أن "المادة 140 من الدستور لم يعد لها أي مبرر، ولو أرادت بغداد العمل بها وإجراء استفتاء فإنها ستخسر وقتاً وجهداً فقط لأن الشعب في تلك المناطق حسم أمره لصالح من حرره من داعش". ولفت إلى أنّ "الأقليات العربية والتركية الموجودة في تلك المدن لن يمسّ وجودهم ولن يعاملوا إلا كما يعامل الأكراد هناك".

وأخفقت بغداد طيلة السنوات العشر الماضية في تنفيذ مشاريع تنموية وفي تحقيق الأمن في مختلف مدن البلاد على خلاف الإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، إذ حققت إدارة الإقليم قفزات نوعية في الملف الاقتصادي والخدمي ومجال البنى التحتية فضلاً عن بسطها الأمن في عموم مناطق الإقليم. وهو ما دفع بمواطني المناطق المتنازع عليها إلى تنظيم تظاهرات للمطالبة بضمهم إلى الإقليم وتنفيذ الاستفتاء الشعبي حول ذلك، إلا أن حكومة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، رفضت ذلك. ولطالما شكّلت المناطق المتنازع عليها أبرز نقاط الخلاف السياسي بين بغداد وأربيل.

المساهمون