عبدالرحمن الراشد: خفض إنتاج النفط يُزيد خسائر السعودية

عبدالرحمن الراشد: خفض إنتاج النفط يُزيد خسائر السعودية

24 ديسمبر 2014
عبدالرحمن الراشد (خاص/العربي الجديد)
+ الخط -

رأى الرئيس السابق للغرفة التجارية في المنطقة الشرقية في السعودية، عبدالرحمن الراشد، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط بما يمثل 90% من إجمالي الدخل يحتاج إلى مراجعة فورية.. إلى نص الحوار:

* إلى أي مدى سيتأثر الاقتصاد السعودي والخليجي على وجه العموم بهبوط أسعار النفط لأقل من 65 دولاراً حاليا؟

- السعودية ودول الخليج تعتمد في اقتصادها على النفط كمصدر دخل قد يكون الأوحد، ويشكل
نسبة أكثر من 90% من دخلها، وعندما يهبط هذا الدخل بنسبة تزيد على 40% عما كان عليه بداية العام، فبلا شك سيكون ذلك مؤثرا بشكل كبير على الاقتصاد. صحيح أن لدينا احتياطيا كبيرا من النقد الأجنبي، ولكن أسعار النفط متقلبة، ولا يمكن التحكم فيها وتسعيرته معقدة جدا، ولا يمكن التنبؤ بها وقد تدخل فيها حسابات سياسية.

طالما أن السعودية ستتأثر، لماذا هناك إصرار من الحكومة على عدم خفض الإنتاج لمحاولة دعم الأسعار؟

ببساطة لأننا لسنا المنتجين الوحيدين للنفط، يوجد منتجون كثيرون من خارج (أوبك) ولو خفضنا الإنتاج كلاعب رئيس في السوق، لن يؤثر ذلك على الأسعار لأن المنتجين من خارج (أوبك) سيزيدون إنتاجهم، في وقت ستتأثر السعودية من هذا الخفض أكثر، وبالتالي لو خفضنا الإنتاج سنخسر أكثر لأن السعر سيستمر في النزول وسنخسر من تقليل الإنتاج أيضاً.

* أكثر من خمسين عاما والسعودية تعتمد على النفط كمصدر دخل وحيد، ألا ترى أن الوقت قد حان للبحث عن مصدر دخل آخر بدلا من الاعتماد على تقلبات أسعار النفط، هذا الشيء ما زال غائبا؟

- التنظير دائما أسهل من الفعل، مقومات البلد لا تساعد، فنحن لسنا بلدا صغيرا. السعودية بلد كبير ومترامي الأطراف وإدارته ليست سهلة، وتنويع مصادر الدخل يعني إنشاء اقتصادات أخرى، كالسياحة وغيرها لدعم هذا الاقتصاد، ولكن لاعتبارات كثيرة لا يمكن استغلال كثير من هذه المصادر مثل السياحة الدينية.

* تحاول وزارة العمل حل مشكلة البطالة، ولكن كثيرين يرون أن ما تقوم به ليس كافيا، وما تزال البطالة مرتفعة بحسب بعض الإحصاءات إذ تصل إلى 36% من المواطنين، هل ترى أنها فعلا قادرة على حل هذه المشكلة؟

- حل مشكلة البطالة يأتي من خلال خلق الوظائف، وهذا الأمر يعتمد على الأنشطة الاقتصادية، فإذا كان هناك نمو اقتصادي في القطاعات الإنتاجية فهذا سيقلل من البطالة، ولكن يجب أن يتم التخطيط لهذه الوظائف بشكل جيد، وأن يكون هناك كوادر سعودية قادرة على شغلها، وليس الاعتماد على العمالة الخارجية. يجب أن يكون الهدف الأول هو تشغيل المواطنين.

* هل ترى أن الوضع يتحسن أم ما زال يحتاج إلى مزيد من الجهد؟

لو نظرنا للقطاع الخاص سنجد أن النمو في التوظيف يتزايد، وثقافة الشباب تغيرت فلم يعد العمل في الحكومة أولوية لهم، ووجد أن القطاع الخاص مغر له، ولهذا نجد أن خريجي برنامج البعثات التعليمية يتجهون إلى القطاع الخاص فور عودتهم للمملكة.

* ولكن أرقام وزارة العمل تعتمد على الكم أكثر من الكيف، وهي وظائف متدنية الأجوربشكل كبير وتلامس الحد الأدنى للأجور فهل مثل هذه الوظائف يعتد بها؟

يجب أن ننظر ما هي الوظائف التي خلقها الاقتصاد هل هي ذات قيمة مضافة عالية؟ سنجد أن
أغلب الإنفاق موجه للبناء والتشييد، ما يخلق وظائف خدمية بالأساس، وهي في الأصل متدنية الأجور، كونها تحتاج عمالة مهنية غير متعلمة. الأرقام وحدها لا تكفي، فعندما نريد توطين الوظائف يجب أن نعرف كم وظيفة نريد أن نوطن، وهل يوجد القادرون على القيام بها من أبناء البلد أم لا.

* وهل الوزارة تقوم بذلك فعلا؟

يجب أن تكون أرقام الوزارة محددة أكثر، وأن نعرف كم وظيفة تخلق سنويا في السعودية. هي اعتمدت على توطين الوظائف القائمة فعلا، وليس خلق وظائف جديدة.

* حسب وزارة العمل فإن 60% من هؤلاء حاصلون على شهادات جامعية، ومع ذلك لم يجدوا سوى وظيفة بائع براتب لا يتجاوز 3000 ريال (806 دولارات)؟

- خريج جغرافيا أو تاريخ بالتأكيد لن يجد وظيفة. لابد أن يتم تغيير تخصصات الجامعات السعودية لتكون متوافقة مع سوق العمل.

* يرى بعضهم أن وزارة العمل تتخذ قرارات ارتجالية من دون أن تدرسها بشكل جيد وتؤثر في النهاية على السوق، كما فعلت عندما رفعت بطاقة العمل من مائة ريال للعامل الواحد سنويا إلى 2400 ريال دفعة واحدة، هذا الأمر رفع أسعار الخدمات كثيرا؟

- مثل هذه الأمور هي ما يزيد أسعار السلع، فهناك قرارات من جهات رسمية تزيد التكلفة، وهي أعلى مما كانت عليه قبل عامين، فالرخص ارتفعت وحتى الحد الأدنى للأجور تم رفعه وفي نهاية المطاف من سيتحمل هذه التكلفة المضافة هو المستهلك، فالتاجر في نهاية المطاف سيحمل الزيادات الحكومية على قيمة السلعة.

* دائماً ما يتهم القطاع الخاص السعودي بأنه ضعيف في دعم الاقتصاد المحلي، بعضهم يقدر مشاركته بـ 2.5% من اقتصاد المملكة، ما أسباب الضعف في نظرك؟

على العكس، القطاع الخاص يمثل أكثر من 40% من الاقتصاد المحلي، ولكن المشكلة أن المحرك الأول للاقتصاد الخاص هي الحكومة، فإيراد النفط يشكل مصدر الدخل الرئيسي في الدولة، والقطاع الخاص مرتبط بالإنفاق الحكومي، فإذا تأثر الإنفاق الحكومي الذي يعتمد على النفط فسيتأثر القطاع الخاص.

* هناك من يرى أن وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعية يقوم بعمل جيد، وهناك من يقول إنه يبالغ في عقوباته على التجار، كرجل أعمال كيف ترى عمل وزارة التجارة والصناعة ومعاقبة الشركات والتشهير بها؟

هناك شركات تعمل وهي جزء من الاقتصاد السعودي، فمقدم الخدمة ومستقبلها جزآن مهمان
في المعادلة الاقتصادية ولا يمكن تغليب مصلحة طرف على الآخر، وهي مصلحة مبنية على النظام والمساواة، فلا يمكن ترجيح كفة أحدهما، لا بد أن يكون هناك نظام واضح ومتوازن ومراقبة عادلة للجميع.
وزارة التجارة والصناعة حاليا تقوم بالتشهير بالشركات، وهي حسب النظام عقوبة، غير أن العقوبة يجب ألا تطبق إلا بحكم قضائي نافذ، هذا هو الأساس، هناك درجات للعقوبة بحسب الضرر، تبدأ بالغرامة وتنتهي بالتشهير والسجن، ولا بد أن تكون هناك جهة قضائية مستقلة للحكم في هذه المخالفات، فلا يمكن أن تكون وزارة التجارة هي محرر المخالفة ومصدر العقوبة في وقت واحد. كما أن إغلاق الشركات فيه قطع للأرزاق.

* هل ترى أن عمل وزارة التجارة والصناعة الحالي غير قانوني؟

لا يمكن أن تكون المخالف والقاضي في الوقت نفسه.

* ولكن من حق المتضرر اللجوء إلى القضاء؟

بعد ماذا؟ بعد أن يتم التشهير به؟ التشهير عقوبة في الأصل ولا تطبق إلا بحكم قضائي، من حق الوزارة أن تثبت المخالفة ثم ترفع ذلك للقضاء ليقرر هو العقوبة، فهناك محاكم تجارية يجب أن تحكم فيها وليس الوزارة نفسها، فماذا سيحدث لو تم نقض الحكم، فالتاجر تم التشهير به، من دون وجه حق، الضرر وقع فعلا.

* منذ ثلاث سنوات ووزارة الإسكان غير قادرة على حل مشكلة السكن، ما زال 77% من السعوديين بلا سكن مملوك لهم، مع أن في حساب الوزارة 250 مليار ريال (66 مليار دولار) مخصصة لبناء 500 ألف وحدة سكنية؟

أوكل الملك عبدالله، لوزارة الإسكان بناء 500 ألف وحدة سكنية وتوزيعها على الموجودين في قوائم الانتظار لديها، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات لم نشاهد أي شيء. يجب أن يتم محاسبة الوزارة عن عدم بنائها أي شيء.

* هل 250 مليار ريال كافية؟

إذا لم تكن كافية، فلتطلب المزيد، ولكن هم لم يبنوا شيئا حتى الآن.

* إلى أي مدى سيؤثر قرار مؤسسة النقد "البنك المركزي" بقصر التمويل العقاري على
70% فقط من قيمة العقار على الأسعار مستقبلا، كثيرون لن يكون بمقدورهم توفير نسبة الـ 30% المتبقية؟

سيكون هناك تغيير كبير في طريقة البيع، فحركة العقار ستتأثر كثيرا، ومن المتوقع أن تتراجع الأسعار لأن حركة البيع ستكون أبطأ.

* يقول محللون إن مؤسسة النقد فكرت في مصلحة المصارف وليس المشترين؟

مثل هذه القرارات هي ما تتسبب في الركود المقبل لأسعار العقارات، يجب أن تتدخل وزارة الإسكان في دعم طالبي السكن بمنحهم قروضا إضافية عن طريق المصارف لتوفير المبلغ المطلوب، كثيرون يبحثون عن مساكن جاهزة والوزارة مطالبة بدعم المطورين.

المساهمون