اليمن: الصراف ذكرى من الماضي الجميل

اليمن: الصراف ذكرى من الماضي الجميل

02 مارس 2014
+ الخط -

مع مطلع كل شهر، يسارع جميع الموظفين في اليمن بالذهاب إليهم.. يتحسسون خطواتهم، يحصون عليهم أنفاسهم خوفاً من أن تخرج من أجسادهم وتنقطع قبل صرف الراتب الشهري، وأحياناً يصطفون في طوابير طويلة وينتظرون دورهم قبل قدوم "معتمد القبض" بساعات من أجل الحصول على مرتباتهم.

إنه السيد الصراف الذي يُدخل السعادة إلى نحو مليون من اليمنيين العاملين بالجهاز الإداري للدولة، حيث تتلاعب يداه بداية كل شهر بالأوراق النقدية الجديدة التي تدخل السعادة على كل مَن يراها لأنها تفك ضائقته المالية.. تلبي طلباته.. تسدّد الديون.. تشتري السلع للاسر وأحياناً اللعُب للاطفال.

والغريب أنه رغم الاهمية الشديدة لمهنة الصراف البشري، إلا أنه من الملاحظ أنها بدأت تتراجع منذ عدة سنوات، واصبحت في طريقها للانقراض التام، لتتحول الى ذكرى بسبب اعتماد الحكومة اليمنية آليات مكاتب البريد والصراف الآلي لدفع الرواتب بدلاً من الصراف البشري.

ويقدّر الكادر الوظيفي في القطاعين العام والمختلط في اليمن بنحو مليون موظف.

ويطلق اليمنيون اسم أمناء الصناديق على الصرافين، وكانوا دائمي الشكوى من تدني كفاءاتهم وتأخيرهم لصرف المرتبات، ويعدّ التعليم من أوائل القطاعات التي تحررت منهم.

ويبلغ بند الأجور في الموازنة العامة للدولة لعام 2014، نحو 978 مليار ريال يمني، ما نسبته حوالى 34% من إجمالي الموازنة، أما المكافآت والحوافر فيقتصر وجودها على بعض المؤسسات ذات الايرادات، كوزارات الاتصالات والمالية والنفط.

وكان الموظفون يتتبّعون أمناء الصناديق أحياناً، في بيوتهم والأندية وأماكن خارج العمل لقبض مرتباتهم.

ويقول موظفون إن أجورهم كانت تحتجز أحياناً عدة أيام وتستثمر في صفقات تجارية سريعة الربح.

وتغيّر الحال بعدما صُرفت لهم بطاقات خاصة يتسلّمون بواسطتها رواتبهم من أي صراف آلي في الشارع أو من مكاتب البريد، في أي وقت يشاؤون ودون خصومات ولا مماطلات أو متاعب.

وتضمن خاصية الصرف الآلي لمرتبات الموظفين الحكوميين نسبة عالية من الشفافية وتقلّصاً في الاسماء الوهمية التي كان يتسلّم رواتبها مسؤولو بعض المرافق.

وتشير إحصائيات البنك المركزي اليمني الى أن إجمالي الصرافات الآلية العاملة في اليمن حتى نهاية عام 2012، وصلت إلى 747 صرافاً آلياً وأكثر من 2321 نقطة بيع، فيما بلغ عدد البطاقات الالكترونية 852.440 ألف بطاقة.

بدأ اليمن في عام 2006 تطبيق نظام صرف الرواتب لموظفي مؤسسات الدولة عبر مكاتب البريد، وذلك بعد صدور قرار مجلس الوزراء بإعطاء الهيئة العامة للبريد الحق الحصري في دفع مرتبات موظفي الجهاز الحكومي للدولة. وما زالت قطاعات في اليمن، من بينها الجيش والأمن، غير مدرجة في هذا النظام.

ومع استكمال تعميمه على كل قطاعات الدولة، يكون اليمنيون طووا صفحة "أمناء الصناديق" إلى غير رجعة.

الدولار الأميركي =  214.9 ريالاً يمنياً

المساهمون