8 منعطفات وتحولات تاريخية في اليمن عام 2016

8 منعطفات وتحولات تاريخية في اليمن عام 2016

27 ديسمبر 2016
مشاورات الكويت لم تُفض إلى اتفاق ينهي الأزمة (Getty)
+ الخط -

على الرغم من فشل مختلف الجهود في الوصول إلى حل سياسي وسلمي ينهي الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من عامين، كان عام 2016 حافلاً بالتحولات والمحطات السياسية، التي كانت عادة ما تثمر تهدئة مؤقتة أو نسبية. 

وفي السياق، تمكّن تحالف الانقلاب، خلال عام 2016، من المناورة بالعديد من الأوراق، مثل تأليف المجلس السياسي، فيما مرّت البلاد بمحطات وأحداث كبرى، أبرزها قصف الصالة الكبرى، وتعزز مؤشرات البلاد نحو التقسيم، وانكماش تنظيم القاعدة جنوباً، وظهور شبح المجاعة في ظل أزمة إنسانية تفتك بالملايين وتزداد وطأتها كل يوم. 

واعتباراً من يناير/كانون الثاني 2016، كان التصعيد العسكري بين قوات الشرعية المدعومة من التحالف، من جهة، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيون) و"حزب المؤتمر" الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، من جهة أخرى، سيد الموقف. وفشلت جولة مشاورات كان من المقرر أن تُعقد منتصف يناير/كانون الثاني، وفقاً للبيان الختامي لجولة المشاورات الثانية في بيل السويسرية (ديسمبر/كانون الأول).

وقام المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بزيارة إلى صنعاء استمرت أياماً، خرج منها بالإفراج عن مواطنين سعوديين ووزير في الحكومة وأربعة من قيادات حزب "التجمع اليمني للإصلاح". 

 




الحوثيون والسعوديون.. يتفاوضون

في فبراير/شباط، كان أبرز تحول سياسي هو تعيين الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، مستشاره العسكري والقائد العسكري النافذ، علي محسن الأحمر، نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، بالتزامن مع تصاعد المعارك شرق صنعاء. 

ومطلع مارس/آذار، حدث أكبر تحول في مسار الحرب، فلأول مرة منذ بدء عمليات التحالف الذي تقوده السعودية في العام الذي سبقه، جرى الكشف عن تفاهمات سرية بين الحوثيين والجانب السعودي أفضت إلى هدنة حدودية غير معلنة. 

وفي السابع من مارس/آذار، أكد مصدر قيادي في جماعة الحوثيين، لـ"العربي الجديد"، أن وفداً من الجماعة توجّه من محافظة صعدة (معقل الجماعة)، عبر منفذ علب، إلى مدينة ظهران الجنوب السعودية، لعقد لقاءات مباشرة مع الجانب السعودي، بالتزامن مع استمرار التهدئة في الحدود. وفي التاسع من الشهر نفسه، اعترفت قوات التحالف بالتفاهمات مع الحوثيين، وقالت، في بيان، إن "شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت إلى إيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات، وقد استجابت قوات التحالف لذلك عبر منفذ علب الحدودي".

وبالنظر إلى مسار الحرب ومختلف التطورات السياسية في اليمن خلال العامين الأخيرين، كانت التفاهمات السعودية - الحوثية بمثابة أبرز تحول سياسي في مسار الأزمة في البلاد في الربع الأول من عام 2016. جلس الحوثيون وممثلون عن السعودية على طاولة لأول مرة، بعدما كانت الرياض تعتبر الحوثيين ذراعاً لطهران في حدودها الجنوبية. ونجحت فعلاً في الأسابيع الأولى بتطبيق الهدنة في المناطق الحدودية، كما نجحت أكثر في عملية لتبادل أسرى، سلم الحوثيون خلالها نحو 10 جنود سعوديين، وتسلموا العشرات من مسلحي الجماعة الأسرى لدى الجيش السعودي، وآخرين قال الحوثيون إنهم أُسروا في جبهات القتال الداخلية باليمن. 






ووصلت التفاهمات السعودية - الحوثية مرحلة متقدمة، تخللتها تصريحات تهدئة على غرار ما قاله وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، مطلع مايو/أيار، إذ أكد أن "الحوثيين جيراننا". وبقي رئيس وفد الجماعة للمفاوضات، محمد عبدالسلام، أسابيع في ظهران الجنوب لعقد لقاءات أفضت إلى تشكيل لجان لاحتواء الخروقات في الجبهات الحدودية، وصولاً إلى فرق فنية، بمشاركة ممثلين عن الحوثيين والسعوديين لنزع الألغام التي زرعها مسلحو الجماعة والموالون لصالح في بعض المناطق الحدودية. 

الإطاحة ببحاح وتصعيد الأحمر وبن دغر

شهد الثالث من أبريل/نيسان تطوراً سياسياً مثيراً، تمثل في إصدار الرئيس هادي، قرارات مفاجئة، أطاح من خلالها نائبه خالد بحاح من منصبيه كنائب للرئيس ورئيس للحكومة، بعد خلافات عميقة بين الرجلين (هادي وبحاح)، وبعدما كان بحاح (المعروف بقربه من الإمارات) مرشحاً للصعود في أي تسوية سياسية تُقلص صلاحيات هادي أو تزيحه من منصبه. 

وعيّن هادي، علي محسن الأحمر نائباً للرئيس، وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للحكومة، فيما أعلن بحاح رفضه قرار إقالته، من دون أن يكون لرفضه تأثير على إبعاده.  

مشاورات الكويت 

إذا كانت التفاهمات السعودية - الحوثية أبرز تحول سياسي في اليمن في الربع الأول من 2016، فإن جولة المشاورات التي عُقدت في الكويت تعد أبرز محطة سياسية منذ بدء عمليات التحالف قبل ما يزيد عن 20 شهراً. 

فمن حيث التوقيت، جاءت المشاورات بعد ما يزيد عن عام من انطلاق عمليات التحالف، بما يعني تراجع فرص الحسم العسكري، إذ أخذت الحرب مدى أطول مما كان يُعتقد بالبداية، كما جاءت المشاورات بعد التفاهمات السعودية - الحوثية، التي كان من المفترض أن تمثل حافزاً كبيراً للوصول إلى حل سياسي. 

ومن حيث التحضيرات ومكان الانعقاد، فقد سبق جولة المشاورات سلسلة لقاءات وجولات مكوكية للمبعوث الأممي بين صنعاء والرياض وعواصم عربية أخرى، طوال الأشهر التي سبقت انطلاقها. وانعقدت المشاورات في دولة خليجية تعتبر عضواً في التحالف العسكري لإعادة الشرعية في اليمن.

والأهم من ذلك الاتفاق على هدنة كانت هي الأطول، على الرغم من كون الالتزام بتنفيذها كان نسبياً، حيث أعلن المبعوث الأممي، في 23 من مارس/آذار، عن اتفاق الأطراف اليمنية على وقف إطلاق النار ابتداءً من العاشر من أبريل/نيسان (قبل أسبوع من انطلاق المحادثات). وجرى الاتفاق على تشكيل "لجنة التنسيق والتهدئة" المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار، والتي تألفت من ممثلين عن الطرفين ومشرفين أمميين، وعقدت اجتماعاتها للإشرف على الهدنة من الكويت. 





وكان مقررا أن تنطلق المحادثات في 18 أبريل/نيسان، لكنها تأجلت حتى 21 من الشهر نفسه، بسبب تأخر وفد الانقلابيين الذي احتج على خروقات الهدنة، قبل أن تنطلق بمشاركة 14 ممثلاً عن وفد الحكومة برئاسة وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي، ونائبه في الوفد وزير الخدمة المدنية، عبدالعزيز جباري. فيما كان وفد الانقلابيين مؤلفاً من 14 عضواً أيضاً، بينهم سبعة عن الحوثيين برئاسة محمد عبدالسلام، وسبعة عن حزب صالح، برئاسة الأمين العام للحزب عازف الزوكا.

واستمرت المشاورات لما يزيد عن ثلاثة أشهر، وصلت في بعض مراحلها إلى "غرفة الإنعاش". وقد كان المفاوضون يعودون بعد وساطات من أمير دولة الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، ومجموعة السفراء الـ18 المشرفة على التسوية في البلاد. وتطلّب الأمر في إحدى المرات تدخلاً من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي توسط لإعادة الوفد الحكومي بعد تعليق مشاركته لخمسة أيام، في 22 مايو/أيار. 

وتمحورت نقاشات المشاورات منذ انطلاقها بين رؤية الجانب الحكومي الذي يطالب بتنفيذ مقتضيات قرار مجلس الأمن 2216 بانسحاب المليشيات من المدن ومن مؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة الثقيلة، قبل أي حل سياسي. فيما تمسك الحوثيون وحلفاؤهم، منذ البداية، بمطلب أن يتم الاتفاق على سلطة توافقية جديدة تتولى الإشراف على مختلف الإجراءات الأمنية والعسكرية والاقتصادية. الأمر الذي اعتبرته الحكومة محاولة لـ"شرعنة الانقلاب" عبر المشاورات، ورفضت الدخول في نقاش الإجراءات السياسية، في مقابل رفض الطرف الآخر أسبقية الإجراءات الأمنية، وبذلك مضت الأشهر من دون تجاوز الخلاف الجوهري بين الطرفين. 

في 30 يونيو/حزيران، أعلن المبعوث الأممي تعليق المشاورات لمدة 15 يوماً بسبب عيد الفطر، وكشف في مؤتمر صحافي عن مضامين رؤية أممية، جرى إعدادها خلال المشاورات بالتوفيق بين رؤيتي الوفدين. وتتضمن الرؤية الأممية شقاً سياسياً يتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة مختلف الأطراف، وشقاً أمنياً يتعلق بانسحاب الحوثيين وحلفائهم من صنعاء ومدن أخرى، بصورة متزامنة ومتسلسلة في آن.

وأعلنت الحكومة رفضها القاطع الدخول في أي نقاش بالجزء السياسي قبل تنفيذ الجزء الأمني، واشترطت على المبعوث الأممي أن يعدل رؤيته قبل العودة إلى المشاورات في 15 يوليو/تموز. وهو ما حصل فعلاً بتقديم المبعوث الأممي رؤية جديدة تركز على الجانب الأمني في الجولة الثانية من مشاورات الكويت، ما دفع الانقلابيين إلى رفضها، في ظل أجواء معقدة رافقت جلسات الأسابيع الأخيرة، انتهت بإعلان رفع المشاورات في السابع من أغسطس/آب، من دون أي نتائج، بل كانت نهايتها بمثابة بداية لعودة التصعيد العسكري، في العديد من الجبهات، وفي مقدمتها جبهة الحدود اليمنية السعودية، وشرق صنعاء.

 

وأعلن التحالف، في 8 أغسطس/آب، إغلاق مطار صنعاء، ومنع وفد الانقلابيين من العودة إليها، وظل عالقاً في عُمان، حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول. 

المجلس السياسي.. وترتيبات صنعاء

ومع تصاعد مؤشرات فشل مشاورات الكويت، انتعشت الحرب والتطورات السياسية في آن، ولكن هذه المرة من زاوية مختلفة محصورة على مناورات وترتيبات الانقلابيين في صنعاء. 

ففي 28 يوليو/تموز، وقّع الحوثيون وحزب صالح، لأول مرة، اتفاقاً يتضمن تشكيل مجلس سياسي أعلى يدير البلاد وفقاً للدستور، على حد وصفهم. ويتألف من عشرة أشخاص، بالمناصفة بين الجماعة والحزب، وكانت هذه الخطوة تطوراً نوعياً اعتبرته الحكومة "رصاصة الرحمة" على المشاورات، باعتبارها تمثل خطوة سياسية أحادية الجانب، واستمرارا للخطوات الانقلابية السابقة. 

ومن جانب آخر، كان لهذا الاتفاق أبعاده وآثاره فيما يتعلق بشريكي الانقلاب، إذ بموجبه دخل حزب صالح، لأول مرة، شريكاً رسمياً مع الحوثيين، وتمكن من تسجيل نقاط لصالحه بعد خلافات صامتة مع الجماعة. 

وبموجب الاتفاق جرت عملية إزاحة لما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، التي كانت أعلى واجهة بسلطة الأمر الواقع، وهي المسؤولة عن إصدار ما سُمي بـ"الإعلان الدستوري" الانقلابي في فبراير/شباط، قامت من خلاله بحل المؤسسات الدستورية ونصبت نفسها سلطة مؤقتة برئاسة محمد علي الحوثي، الذي استمر يمارس "مهام الرئيس" في مناطق سيطرة الانقلابيين المشتعلة بالحرب. وأتاح "اتفاق المجلس السياسي" عودة البرلمان كمؤسسة دستورية يمتلك حزب صالح أغلبية فيها، وأثارت عودة البرلمان قلقاً بالنسبة للحكومة الشرعية، إذ إن شرعية البرلمان والحكومة تنطلق من المصادر الدستورية والمراجع الانتقالية ذاتها. 

وتمكن الانقلابيون من خلال اتفاق "المجلس السياسي" من المناورة وتحريك المياه الراكدة سياسياً في المناطق التي يسيطرون عليها في العاصمة صنعاء. ففي 6 أغسطس/آب، جرى الإعلان عن تسمية أعضاء المجلس السياسي، برئاسة القيادي الحوثي، صالح الصماد، واختير قاسم لبوزة من حزب صالح نائباً له.

وفي 20 سبتمبر/أيلول، أصدر المجلس السياسي للانقلابيين قراراً يتضمن "العفو العام" عن مؤيدي الحكومة الشرعية والتحالف، وفق شروط محددة. 

وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، كلف الانقلابيون محافظ عدن الأسبق، عبدالعزيز بن حبتور، بتشكيل ما أسموه "حكومة الإنقاذ الوطني"، كخطوة أحادية خارج إطار التسوية. 

وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن في صنعاء عن تسمية أعضاء الحكومة الانقلابية، تقاسم فيها الحوثيون وحزب صالح وحلفاؤهم الحقائب الوزارية. ومثلما أن هذه الخطوات، ابتداءً من المجلس السياسي مروراً بإحياء البرلمان وصولاً إلى الحكومة، خلفت حراكاً سياسياً أحادياً من قبل الانقلابيين، إلا أنها قُوبلت جميعاً برفض من المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية الدولية الراعية للتسوية، بما يعني استمرار الحصار وعدم اكتساب حكومة الانقلابيين شرعية تستطيع من خلالها إحداث تغيير على أرض الواقع. لكنها قد تفيد بترتيب الأوضاع في مناطق سيطرة الانقلابيين، ومنها العاصمة صنعاء، وذلك من خلال خطوات على غرار سحب اللجان الثورية الإشرافية للحوثيين من بعض الوزارات.

 

 

الرباعية.. ومبادرة كيري 

اعتباراً من مايو/أيار، دخل عنوان جديد المسار السياسي اليمني، وهو "اللجنة الرباعية"، التي تألفت من وزراء خارجية أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، لتكون بمثابة المقرر للرؤية الدولية وللمقترحات الأممية التي يتقدم بها المبعوث الأممي.

وفي السياق، عقدت اللجنة أول اجتماع لها في لندن 28 مايو/أيار، بحضور وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ونظيره البريطاني، بوريس جونسون، والسعودي عادل الجبير، والإماراتي، عبدالله بن زايد، وعقدت اجتماعاً ثانياً في 20 يوليو/تموز في لندن أيضاً. 

مبادرة كيري 

واعتباراً من 25 أغسطس/آب، دخل ملف الجهود الدولية للحل السلمي في اليمن، في إطار عنوان جديد هو "مبادرة كيري"، إذ أعلن وزير الخارجية الأميركي مقترحاته الشهيرة خلال اجتماع مع الرباعية والمبعوث الأممي إلى اليمن في مدينة جدة، وهو إعلان أعقب لقاءات عقدها مع العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده محمد بن نايف، وكذلك ولي ولي العهد وزير الدفاع، محمد بن سلمان. 

وتتألف مبادرة كيري، وفقاً للمقترحات التي أعلنها في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي عادل الجبير، من بنود، أبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الأطراف. 

وفي الشق الأمني، تطالب بانسحاب مسلحي الحوثيين وحلفائهم من صنعاء ومدن أخرى، وقيامهم بتسليم الأسلحة الثقيلة، بما فيها الصواريخ البالستية لطرف ثالث، وأخرى تتعلق بتأمين الحدود مع السعودية.  

في 23 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد أشهر من الأخذ والرد حول المبادرة وتفاصيلها في إطار المجموعة الرباعية ومع الأطراف اليمنية، خرجت المقترحات، لأول مرة، في نسخة مكتوبة لخطة دولية تستوعب مقترحات كيري. وهي الخطة التي عُرفت بمبادرة المبعوث الأممي، والتي قدمها لشريكي الانقلاب في صنعاء الشهر الماضي. أما الحكومة الشرعية فقد رفضت رفضاً قاطعاً استلامها، واعتبارها خارطة طريق لـ"حرب مستدامة ومكافأة للانقلابيين". 

في 14 و15 نوفمبر/تشرين الثاني، شهدت العاصمة العُمانية مسقط تطوراً هاماً، إذ قام كيري بزيارة التقى خلالها، لأول مرة، بوفد من الحوثيين يتألف من رئيس الوفد والقياديين في الجماعة حمزة الحوثي ومهدي المشاط.

وخرج كيري من لقاءات مسقط بإعلان اتفاق على تجديد الهدنة واستئناف المشاورات وتشكيل حكومة وحدة وطنية في صنعاء قبل نهاية 2016، وهو الإعلان الذي واجه رفضاً صارماً من الحكومة الشرعية، التي تجاهلها كيري في لقاءات مسقط. 



 


في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهدت العاصمة السعودية الرياض، اجتماعاً للجنة الرباعية بحضور كيري، خرج بتعديلات طفيفة تحدد تسلسل الخطوات المقترحة للتسوية، وتشير إلى اجتماع مرتقب للجنة التهدئة والتنسيق في الأردن، بعد أن تعذّر اجتماعها في ظهران الجنوب السعودية منذ أشهر.

قصف الصالة الكبرى 

عند الحديث عن أبرز محطات اليمن عام 2016، تحضر حادثة "الصالة الكبرى" كأحد أهم التطورات المفصلية في اليمن خلال العام، وهي الحدث الأكثر دموية منذ تصاعد الحرب في البلاد بعد تدخل التحالف في مارس/آذار 2015. 

ففي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، قصف التحالف بغارتين مجلس عزاء في العاصمة صنعاء كان يُقام في وفاة والد وزير الداخلية، الموالي للحوثيين، اللواء جلال الرويشان، في "الصالة الكبرى". 

وقع القصف بين الثالثة والثالثة والنصف عصراً، حيث كان المئات يحضرون العزاء، بينهم مسؤولون بمختلف دوائر الدولة ومدنيون وقادة عسكريون وأمنيون، وقد نتج عن القصف ما يقرب من 140 قتيلاً وأكثر من 500 جريح. 

وكان من ضحايا القصف أمين العاصمة صنعاء، الذي يوصف بأنه من الشخصيات المعتدلة، عبدالقادر علي هلال، كما قُتل في الحادثة قائد قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري)، اللواء علي بن علي الجائفي، والعديد من قيادات الدولة المدنية والعسكرية. 

 ويعتبر القصف للعزاء الحدث الأكثر دموية ولاقى إدانات واسعة على الصعيدين المحلي والإقليمي والدولي، اعتذر عنه التحالف، وقال إنه ناتج عن معلومات مغلوطة، لكن ذلك لم يخفف من آثاره، ومن كونه خطأ له آثاره السلبية على كافة المستويات، وبالذات الحزام القبلي المحيط بالعاصمة صنعاء، والذي ينتمي إليه أغلب الضحايا، الذين كانوا يحضرون العزاء. 

انكماش القاعدة 

مع مطلع عام 2016، كان مسلحو تنظيم القاعدة يسيطرون على العديد من المدن اليمنية جنوباً، وأبرزها مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، شرقي اليمن، وابتداء من يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، توجه التحالف العربي بعمليات جوية محدودة جنوباً جنباً إلى جانب مع الطائرات الأميركية بدون طيار، التي تصطاد المشتبهين بالانتماء لتنظيم "القاعدة" أثناء تنقلهم على مركبات بين الحين والآخر. 

بدأت القوات الحكومية في مارس/آذار، مدعومة بقوات من التحالف، بعمليات لطرد مسلحي "القاعدة" من أحياء في عدن، ومنها حي المنصورة، كما جرى إخراجهم من مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج، شمال عدن.

وفي 24 أبريل/نيسان، دخلت القوات الحكومية، لأول مرة، مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت.

وفي مايو/أيار انسحب مسلحو "القاعدة" من مدينتي زنجبار وجعار، بمحافظة أبين، وكل ذلك تم من دون معركة حقيقية، باستثناء ضربات جوية محدودة، انسحب على إثرها مسلحو التنظيم من المدن الرئيسية، وبذلك استعادت القوات الحكومية التي تألفت حديثاً من مجندين من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، السيطرة على العديد من المدن التي كانت واقعة تحت سيطرة التنظيم. 



 

داعش.. وتجمعات المجندين 

شهد العام 2016 تصاعداً للهجمات الانتحارية التي يتبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتركزت أغلبها في المحافظات الجنوبية والشرقية، استهدف العدد الأكبر منها تجمعات لجنود أو طالبي تجنيد في القوات الحكومية، أو نقاط أمنية. 

ولا يكاد يمر شهر من دون عملية انتحارية أو اغتيال يتبناه التنظيم، وآخر ذلك هجومان انتحاريان، الأول في العاشر من ديسمبر الجاري، والثاني في 17 من الشهر نفسه، استهدفا تجمعين للجنود، في عدن. 

الانفصال.. وترسيخ مراكز جديدة

خلال العام 2016، تصاعدت مؤشرات مُضي البلاد نحو التقسيم.

ففي المحافظات الجنوبية، نشأت قوات عسكرية وأمنية بدعم من الإمارات العربية المتحدة، ومن تيارات تؤيد الانفصال، أو الحكم الذاتي ضمن نظام الأقاليم، بحيث صارت المحافظات الجنوبية والشرقية شبه خالية من القوات التي تتألف من جنود وضباط من أبناء المحافظات الشمالية (باستثناء معسكرات محدودة في المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت). فيما شهدت عدن حملات مضايقات وترحيل لبعض المواطنين من المحافظات الشمالية في مايو/أيار العام الجاري. 

وعلى الصعيد السياسي، جاء تشكيل حكومة انقلابية في صنعاء، في مقابل وجود حكومة شرعية تتخذ من عدن مقراً لها، لتعزز احتمالات مضي البلاد نحو التقسيم، مع بروز دعوات للانفصال جنوباً، بضوء أخضر من بعض دول المنطقة، مثل الإمارات التي تشرف على ترتيبات الوضع السياسي جنوبي البلاد.

كما أن الحكومة الشرعية أصدرت، في سبتمبر/أيلول، قراراً بنقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، ما جعل البلاد أمام مصرفين مركزيين وحكومتين وانقسام عسكري من حيث القوى العسكرية المسيطرة في كل جزء. 

ومن زاوية أخرى، بات اليمن مقسماً بين أربعة مراكز: 

صنعاء - التي يسيطر عليها الانقلابيون والمحافظات المحيطة بها، والتي تمثل الأغلبية السكانية، وعدن التي تسيطر عليها قوات محلية تميل إلى الانفصال أو الحكم الذاتي على الأقل، وحضرموت البعيدة نسبياً عن ظروف الشمال والجنوب، وأخيراً محافظة مأرب، وسط البلاد، والتي تتخذ منها قوات الشرعية والأطراف الشمالية المناهضة للحوثيين وصالح مقراً لها. 

الرواتب.. وظهور المجاعة

اعتباراً من سبتمبر/أيلول، دخلت الأزمة الإنسانية في اليمن مرحلة جديدة، ارتفعت معها التحذيرات من انتشار المجاعة في العديد من المحافظات، بعد وصول البنك المركزي اليمني الذي كان يسيطر عليه الحوثيون إلى مرحلة العجز عن دفع رواتب موظفي الدولة.

وقد أقرت الحكومة في الشهر ذاته نقل مقر المصرف من صنعاء إلى عدن، وتعهدت بتسليم الرواتب في مختلف المحافظات، إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم، فيما الأزمة الإنسانية والاقتصادية تزداد وطأة كل يوم. 

وتتحدث المنظمات الدولية عن أرقام مفزعة للمعاناة والمأساة الكارثية التي تعصف بملايين المواطنين، حيث إن أكثر من 80 في المائة من سكان اليمن يحتاجون إلى نوع من المساعدة، فيما أصبحت أكثر من 50 بالمائة من المنشآت الصحية خارج الخدمة، ونزوح أكثر من ثلاثة ملايين مواطن من منازلهم، أغلبهم إلى مناطق داخلية.

وفقد آلاف إلى عشرات الآلاف من الموظفين وظائفهم، مثلما تسببت الحرب في تعطل عدد كبير من الشركات وتراجع الحركة التجارية والاقتصادية وغيرها من أوجه الانهيار الشامل في البلاد.




المساهمون