2016 عام العلوم والتكنولوجيا

2016 عام العلوم والتكنولوجيا

20 يناير 2017
(صورة للكوكب بروكسيما، الصورة: KORNMESSER/ فرانس برس)
+ الخط -

قد يكون عام 2016 مرهقًا بالنسبة لكثيرين، فقد مرّ العالم بالكثير من الصّدمات، ابتداءً بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ورحيل كثير من المشاهير، وليس انتهاءً بانتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية.

في الوقت نفسه، كانت هذه السنة عام فتوحات كبيرة لأولئك الذين يشغّلون كل أدواتهم في العلم التجريبي، ليصلوا لفهمٍ أفضل للطبيعة والكون من حولنا. وفي الواقع بدأ عام 2016 باكتشاف كبيرٍ جدًا، يعدّ الأكبر في القرن الواحد والعشرين ألا وهو اكتشاف الموجات الثقالية (الجذبوية الكمومية) من قِبل فريق علماء دولي.

وجاء هذا الاكتشاف على سبيل المصادفة، بعد 100 عامٍ تقريبًا من تنبؤ أينشتاين بوجودها، وما هذا إلا دليل على قوّة التنبؤ القائم على المنهج العلمي. أينشتاين، واستنادًا إلى الملاحظات من يومه، جنبًا إلى جنب مع قوّة الرياضيات وخياله، كان قادرًا على وصف الظاهرة التي كان من المستحيل بالنسبة له اختبار وجودها عمليًا. ولكن ومع استمرار إصرار العلماء في هذا القرن، تمكّنوا من بناء جهازٍ عملاقٍ يعمل بحساسية عالية تحيّر العقل، ليروا أو ليكتشفوا تمايلاً في نسيج الزمكان أصغر بـ 10,000 مرةٍ من عرض البروتون.

وفي معرض الحديث عن المقوّمات الأساسية للكون، ففي عام 2016، تم اكتشاف 4 عناصر جديدة (113 و115 و117 و118)، وتمّت إضافتها للجدول الدوري، وهذا لا يعني أنها ظهرت العام الماضي أوّل مرّة، لأنها ظهرت قبلًا في عام 2013، ولكن تسمية العناصر، ليست بالأمر السهل كما تتصوّر. العناصر هي كالآتي: نيهانيوم (Nh)، وموسكوفيوم (Mc)، وتيناسين (Ts)، وأوغانسين (Og)، ولا يزال السعي نحو العثور على عناصر جديدة مستمرًا ولا يتوقّف.

ولنلف رؤوسنا قليلًا إلى السماء، وصل المسبار "جونو" إلى مدار كوكب المشتري أو كما يعرف بملك مجموعتنا الشمسية. وإلى أن يستقرّ في مدارهِ حول الكوكب، فإن المجتمع الفلكي ينتظر بفارغ الصبرِ، أن يعرفوا ما يخفيه لنا هذا الكوكب العملاق الغازي.

وكان أيضًا العام الماضي عامًا كبيرًا لأولئك الذين يتصيّدون الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية. في الواقع، لقد تم اكتشاف كوكبٍ في مرحلة تشكلهِ (وفقًا لمعايير المجرّة) يدور حول أقرب نجمٍ لشمسنا، الكوكب "بروكسيما سنتوري ب". في حين أن هذا الكوكب يبعد عنا 4.24 سنة ضوئية (فقط 40,113,000,000,000 كيلومتر)، إلا أنه يصنّف على أنه ضمن فئة الكواكب التي يمكن السفر إليها.

وعودةً إلى الأرض، فإن الآلات الذاتية والروبوتات والسيّارات ذاتية القيادة، كانت من أهم المواضيع في العام الماضي. وعلى الرغم من أن تحطّم سيارة "تسلا" قد أثار جدلًا حول الأمان في السيارات ذاتية القيادة، إلا أن هذا يعتبر مؤشرًا على أن مثل هذه السيارات بحاجة إلى المزيد من العمل عليها والتدقيق فيها بدلًا من إطلاق الاتهامات تجاه مفهوم السيّارة نفسها.

ولكن هذا الخبر قد يأتي كصدمة للسائقين المحترفين والموظفين الذين قد يفقدون وظائفهم لصالح الروبوتات، وقد غطينا هذا الموضوع مسبقًا في مقال عن الذكاء الاصطناعي في ثلاثة أجزاء. في الواقعِ، إن "ألفا غو" الخاص بغوغل، قد أظهر لنا أن الذكاء الاصطناعي قد يكون قريبًا حتى في ألعاب مجرّدة مثل لعبة "غو"، في عالم يعتقد البشر بأنهم يحتكرون التفكير لأنفسهم. ولكن هذا العام كان التفكير بالذكاء الاصطناعي من زاوية إيجابية أكثر منها سلبية، ففي حين أن البعض سيخسرون وظائفهم إلا أن الكثير سيجنون وظائف جديدة في المقابل. والثورة الكبيرة التي ستنتج عن أتمتة العمل قد تؤدي نهايةً إلى إعطاء الكثير من المال للجميع بدون أي مقابل منهم وبدون أي عمل.

طبعًا كل ما قلناه أعلاه لا يعني أن التكنولوجيا دائمًا حميدة، ففي ذات العام الماضي، تصدّرت الجرائم الإلكترونية الأخبار بشكلٍ كبير. وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الحكومة عن إصدار استراتيجية الأمن السيبراني. ورأينا أيضًا ظهورًا هائلًا لقوات شائنة تستغل الثغرات الأمنية في الإنترنت لشن هجمات تهدف إلى تدمير البنية التحتية لها.

أما لعبة "بوكيمون غو"، وبين ليلة وضحاها حققت نجاحًا ساحقًا، إلا أن وباء ملاحقة الوحوش الافتراضية قد بدأ يخفت قليلًا.

كل هذا ليسَ إلا ملامسة لسطح بحر الاكتشافات والاختراعات العلمية لعام 2016، ولا يسعنا إلا أن نشكر جميع الأكاديميين الذين أخذوا من وقتهم ليشاركونا نتائج بحوثهم وملاحظاتهم، وأن نشكر القارئ الذي تعامل مع وتقاسم قصصهم مع العالم.

المساهمون