وزير فلسطيني: الجيش المصري خنق غزة بإغلاق الأنفاق (مقابلة)

وزير فلسطيني: الجيش المصري خنق غزة بإغلاق الأنفاق (مقابلة)

30 مارس 2014
هدم الأنفاق يخنق غزة
+ الخط -

قال وزير الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية بغزة، الدكتور علاء الدين الرفاتي، إن نسبة الفقر في قطاع غزة تعدت الـ 60%"، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 40%.
وأقر الرفاتي في مقابلة خاصة مع مراسلة "العربي الجديد" بقطاع غزة أن حكومته تعاني من أزمة مالية كبيرة، جراء إغلاق الجيش المصري لأنفاق تهريب البضائع الواصلة بين غزة ومنطقة سيناء المصرية، كاشفا أن الضرائب المحصّلة على وارداتها كانت تمثل 40% من إيرادات الحكومة.
وأكد الوزير في الحكومة التي تشرف عليها حركة حماس، أن القطاع لا يستوعب سوى 35% من نسبة العمالة الموجودة فيه، إذ تعاني المنشآت الصناعية، من صعوبات كبيرة، بسبب الحصار، حيث لا تعمل سوى بـ 20% من طاقتها.
وتطرق الرفاتي في الحوار مع "العربي الجديد" للعديد من القضايا الاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة.
وإلى نص الحوار مع وزير الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية بغزة الدكتور علاء الدين الرفاتي:

* بداية، كيف تقيِّم طبيعة الوضع الاقتصادي والمعيشي في قطاع غزة؟
- الوضع الاقتصادي في قطاع غزة يعاني الحصار منذ تسعينيات القرن الماضي، كما أن الإجراءات الإسرائيلية القائمة تهدف إلى إضعاف القدرات الإنتاجية للقطاع، ويستخدم الاحتلال سياسات ممنهجة لإلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي وجعله سوقا استهلاكيا لتكون غزة رافدا للعمالة الرخيصة داخل الكيان الإسرائيلي.
وهذه الحالة خلقت تشوهات عند الجانب الفلسطيني في منعه من الاعتماد على نفسه، وجعله يعتمد على المساعدات والهبات التي تقدمها الدول المانحة للسلطة بشكل كبير، بالإضافة إلى أن حجم القطاع لا يستوعب سوى 35% من نسبة العمالة بمعنى أن العجز وصل إلى 65%.

وازداد الحصار بشكل كبير منذ العام 2006 إبان فوز حركة "حماس" في الانتخابات، وأطبق على الشعب خلال عام 2007، حيث أغلقت كافة المعابر مع الاحتلال اليهودي وأصبح لا يسمح بإدخال سوى 17 سلعة.

هذه الحالة جعلت الجانب الفلسطيني يضطر إلى إدخال ما يلزمه من الجانب المصري، فحفر الأنفاق مع مصر في حالة استثنائية، وبدأت حينها الكثير من القطاعات تعود إلى العمل من جديد، حيث عادت 1000 منشأة إلى العمل نتيجة توفر الوقود الرخيص والمواد الخام.

ولكن في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي تم هدم الأنفاق، مما أعاد الشعب للعيش في حالة حصار كما كانت في عامي 2007-2008، وهذا أثر على نسبة البطالة حيث وصلت إلى 40% وارتفعت نسبة الفقر إلى 60%، وأصبحت المنشآت الصناعية لا تعمل إلا بـ20% من طاقتها.

* ما هي أسباب الأزمة المالية للحكومة؟ وكيف تقيِّم واقعها؟

- هناك صعوبات تعاني منها الحكومة الفلسطينية في تغطية نفقاتها الجارية بسبب الركود في الأنشطة الاقتصادية، بالإضافة إلى التشديد القائم من قبل الاحتلال على المعابر، وهناك ظروف إقليمية ناتجة من الربيع العربي أثّرت على اهتمام الشعوب بالقضية الفلسطينية.

وتعاني الحكومة من ضائقة مالية نتيجة ضعف تحصيل الإيرادات من الشعب، بسبب الركود الاقتصادي، حيث إن نسبة كبيرة من سكان القطاع لا تستطيع توفير أساسيات الحياة لأطفالها، وتعاني من حالة فقر بنسبة كبيرة مما يجعل الحكومة عاجزة عن تحصيل الضرائب.

كما أن جزءا مهما من المساعدات التي تقدم للشعب الفلسطيني تراجع بسبب التغيرات الإقليمية وانشغال الشعوب بأزماتها الداخلية، بالإضافة إلى هدم الأنفاق والتي كانت تمثل 40% من إيرادات الحكومة، بالإضافة إلى منع دخول قوافل التضامن مع غزة.

* كيف ستتدبر الحكومة الفلسطينية المنتخبة أمورها وتصرف رواتب موظفيها؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامها لمواجهة الأزمة؟

- نحن نراهن على أبناء شعبنا الفلسطيني، وقدرته على الإبداع في مواجهة الحصار وإمكاناته في أن يحول المحنة إلى فرصة، وذلك بتفجير طاقاته الكامنة مما يساهم في تعزيز الاتصال المحلي والذي يعتبر الضمان الاستراتيجي لصمود شعب.

وبالقياسات الدولية فإن فترة عجز ثمانية أشهر لا تعتبر  طويلة، وهناك إجراءات لمواجهة حالة الركود والتي سيكون لها دور ايجابي في تحسين الإيرادات، من ضمنها إعادة هيكلة الاقتصاد الفلسطيني مع الوضع القائم، وعلى سبيل المثال إبان انتفاضة الأقصى تم توقف 120 ألف عامل عن عملهم داخل الخط الأخضر وجرت هيكلتهم داخل القطاع الخاص، ونحن قادرون على تخطي هذه الأزمة.

* هل للمشاريع القطرية دور في تنشيط الحركة الاقتصادية في قطاع غزة؟

- نعم، للمشاريع القطرية دور كبير في تنمية وتنشيط الوضع الاقتصادي وخاصة المنحة القطرية الأخيرة والتي بلغت 416 مليون دولار، كان معظمها لدعم البنية التحتية التي تعتبر مهمة لأي عملية تنمية، وإنفاق هذا المبلغ من شأنه أن يوجد دورة اقتصادية تشجع الاقتصاد الفلسطيني وتساهم في خلق فرص عمل.

* هل هناك تفرقة عنصرية في تخصيص المشاريع لغزة ورام الله من قبل حكومة رام الله؟

- فيما يتعلق بالمساعدات في الصحة والتعليم وكفالة الأسر عبر برنامج الغذاء العالمي، فإن غزة تأخذ نصيبها، ولكن في المجالات الأخرى هناك استحواذ عليها من قبل رام الله، فمثلاً في بعض مشاريع البنية التحتية كان هناك موقف للشاحنات في معبر كرم أبو سالم بتمويل من البنك الأوروبي تم إيقافه من قبل وزارة أشغال رام الله.

هل هناك نوع من الوصاية من رام الله على اقتصاد غزة وذلك بتحديد ما يتم توريده لغزة من بضائع بالتعاون مع الكيان الصهيوني؟ .

منذ الحصار يحاول الاحتلال أن يكرس عملية الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة وأن هناك العديد من المنشآت تكاملية بين الضفة والقطاع وبالعكس، كما يحاول الاحتلال إضعاف الجانبين.

وتتحكم السلطة في حركة السلع وحجم الإيرادات، فمثلاً نحن نحتاج إلى 600 ألف لتر سولار يومياً لتشغيل محطة الكهرباء، لكن إسرائيل لا تسمح بإدخال الكمية وفي أقصى الحالات تسمح بإدخال 300 ألف لتر، وتقوم السلطة في رام الله بفرض ضريبة بقيمة دولار على كل لتر تصب في ميزانيتها على حساب تكلفة إنتاج الكهرباء على المواطن الفلسطيني في غزة.

* سبق أن طرحتم فكرة خصخصة المعابر التجارية للقطاع، إلى أين وصلت الأمور في هذه القضية؟

- خصخصة المعابر تهدف إلى نزع الحجج التي يتذرع بها الاحتلال الاسرائيلى لفرض الحصار على قطاع غزة، بادعائه أن" حماس" هي التي تدير قطاع غزة، فجاءت مبادرة من القطاع الخاص لخصخصة المعابر، وأبدت الحكومة في غزة استعداداتها لتسليم المعابر للقطاع الخاص إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يعطِ أي ردود مما أوقف مشروع الخصخصة.

* هل هناك إمكان لإدخال مواد البناء عبر معبر رفح؟ وهل هناك شيء في الأفق بخصوص التعاون مع مصر؟

- هناك تواصل بين القطاع الخاص ومصر الشقيقة، وذلك من أجل تحقيق المصالح المشتركة والتبادل التجاري بين قطاع غزة ومصر، وحسب المعلومات الواردة فإن هناك وعودا بإدخال مواد البناء خلال الأيام القادمة عبر معبر رفح.

* ما هو انعكاس ارتفاع أسعار الوقود التي بلغت نحو 2 دولار للتر على الواقع الاقتصادي بالقطاع؟

- الوقود أحد المدخلات الأساسية لأي عملية إنتاجية، وبارتفاع أسعاره يرتفع إنتاج كافة السلع، ويؤثر على قدرتها التنافسية محلياً وخارجياً في حالة التصدير، بالإضافة إلى أنه يؤثر على مستوى المعيشة.

* يقال إن هناك حالة عدم رضى من القطاع الخاص على أداء الحكومة الفلسطينية، ما مدى صحة ذلك؟

- الأوضاع التي نعيشها تشهد ظروفاً صعبة، فنسبة البطالة 40%، والفقر 60%، والكثير من القطاعات يعيش في وضع معيشي صعب وحالة اقتصادية متدنية، ولكن الشعب الفلسطيني يدرك أن المشكلة سياسية بالدرجة الأولى، ولذلك فهو متفهم أن الأوضاع خارجة عن إرادة الحكومة الفلسطينية في غزة، وأنها ناتجة من الضغوط التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي للتضييق عليه وتهجيره من أرضه وإبعاده عن قضيته.

* ما هي الرسائل التي تود توجيهها للمجتمع الدولي وللأمة العربية بشكل عام؟

- لا بد أن تتحمل الدول العربية دورها تجاه القضية الفلسطينية لأنها ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل هي قضية العرب والمسلمين كافة، ولأن الشعب الفلسطيني موجود في الخندق الأول للدفاع عن الأمة العربية والإسلامية فلا بد أن يقفوا معه، ولا بد للشعوب أن تقف بجانبه حتى يستطيع أن يواجه الهجمة الصهيونية ويحقق حلمه في التحرير والعودة إلى دياره التي هجر منها.