وزير خارجية جنوب السودان لـ "الجديد": لا مكان للانقلابات

وزير خارجية جنوب السودان لـ "الجديد": لا مكان للانقلابات

13 فبراير 2014
وزير خارجية جنوب السودان برنابا ميريال بنجامين
+ الخط -

رغم أن جنوب السودان من أحدث الدول في العالم وتعد دولة صغيرة حديثة الولادة، إلا أن وضعها الجغرافي والاقليمي يجعلها تشكل أهمية خاصة للعديد من الدول العربية في المنطقة مثل مصر والسودان، كما أن العديد من الملفات الهامة تمر من خلالها مثل ملف نهر النيل وأزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا. وتكتسب دولة جنوب السودان أهمية خاصة لأنها دولة غير موقعة على الاتفاقية المنظمة لمياه النيل وتعترف بالحقوق التاريخية لمصر، وهي الاتفاقية التي وقعت ابان الاحتلال البريطاني. وبالطبع فإن دولة جنوب السودان لم تكن موجودة وقت توقيع هذه الاتفاقية لكنها الآن دولة جديدة قد يرى البعض أنها متحررة ليس فقط من هذه الاتفاقية وإنما من أوضاع تاريخية قديمة كانت تحكم هذه المنطقة. كما أن جنوب السودان شغلت عناوين الاعلام طوال الاسابيع الاخيرة بسبب محاولة للانقلاب خلفت أزمة سياسية وإنسانية. لهذا التقينا ببرنابا ميريال بنجامين وزير الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية جنوب السودان والذي يزور بريطانيا حاليا وكان لنا معه هذا الحوار:

* استؤنفت المحادثات بين طرفي الصراع في جنوب السودان، فما الذي ستقدمه حكومة الرئيس سلفا كير للمتمردين التابعين لنائبه رياك مشار؟

علاقتنا قوية مع مصر ونرفض أي حل عسكري لأزمة سد النهضة

 

 

 

- بالفعل استؤنفت المحادثات بعد اطلاق سراح المعتقلين المتهمين الذين شاركوا في الانقلاب. وأتوقع ان تستمر المحادثات حتى الوصول الى المصالحة بين شعب جنوب السودان على اساس حل سياسي مبني على دستور جمهورية جنوب السودان، وهو دستور يوفر الحل ديموقراطياً لكل الشعب. فالرئيس سيلفا كير هو رئيس حزب الحركة الشعبية ورئيس الجمهورية، بينما نائب رئيس الجمهورية السابق الدكتور رياك مشار كان في المنصب رقم 2 سواء في الحكومة أو في الحزب، ولو أراد ان يكون رئيساً للجمهورية فلا بدّ أن يخوض الانتخابات التي ستجرى في سنة 2015. وهذاهو الحل امام التمرد الذي حدث في جنوب السودان ولن نسمح لأي حركة انقلابية، ولا احد سيسمح بحركة انقلابية سواء في الاتحاد الافريقي أو في القارة الافريقية بأكملها. نحن نعرف أن شعب جنوب السودان يريد السلام، ومن اجل هذا وافقت الحكومة على المشاركة في محادثات تهدف الى الوصول الى حل سلمي في البلاد.

* البعض يقول إن الاستقلال عن السودان كان هو الهدف الكبير الذي جمع بين الفصائل المختلفة في جنوب السودان، وبمجرد تحقيق هذا الهدف الكبير ظهرت الانشقاقات بين هذه الفصائل. فهل انتهى شهر العسل بين الفرقاء في جنوب سودان؟

- الخلافات وحدوث انقلابات عسكرية امر موجود في الدول الافريقية كلها، ويمكنك أن ترى ما يحدث الآن في الكونغو وفي مصر وحدث في كينيا في السابق. وجنوب السودان جزء من افريقيا، وهذا اختلاف سياسي مثلما يحدث في باقي دول القارة، لكن الفارق بيننا وبين الآخرين أننا في خلال 30 يوماً من بدء الأزمة جلسنا معاً واتفقنا على وقف الأعمال العدائية بينما في دول افريقية اخرى قد تمر عشرون سنة دون أن يتمكن أطراف الصراع من الوصول الى حل او حتى الجلوس معاً إلى مائدة واحدة. وعلينا أن نتذكر أن شعب جنوب السودان صوّت بنسبة 99% لصالح الاستقلال عن السودان، ونحن دولة ناضلت 50 عاماً للحصول على حريتها، لهذا فإن ما يجري في جنوب السودان هو امر داخلي وسنكون قادرين على حله.

* في ما يتعلق بالعلاقات مع الدول المجاورة ومحيط جنوب السودان الاقليمي، كيف ترى مستقبل العلاقات مع السودان؟

- العلاقات مع السودان في حالة طيبة، والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس سيلفا كير يتحادثان معاً، ولقد كنت في الخرطوم قبل أسابيع في زيارة تهدف الى تدعيم العلاقات بين الخرطوم وجوبا. كما أن الرئيس البشير يساعد الرئيس سيلفا كير ويرفض الانقلاب في جنوب السودان، وهو موقف رسمي من السودان قدمته الخرطوم للرئيس سيلفا كير ولحكومة جنوب السودان. ونسعى الى التوصل الى اتفاقية سلام شامل بتنفيذ ما اتفقنا عليه مع الخرطوم، ولا يوجد أي خلافات بين البلدين.

إذا كان مشار يرغب في أن يصبح الـ"رقم واحد" في البلاد فعليه خوض الانتخابات القادمة في 2015

 

 

* البعض يرى أن فكرة الانفصال عن السودان منعت عنكم رؤية اشياء ضرورية مثل حاجتكم إلى السودان اقتصادياً، فكيف يؤثر هذا في العلاقات المشتركة؟

- أولاً جمهورية جنوب السودان لم تنفصل عن السودان وانما كانت هذه ارادة الشعب، وهي أن تكون له دولة حرة، وذلك منذ أن كان الانكليز يحكمون البلاد. أما من ناحية العلاقات الاقتصادية، فالاعتماد هنا متبادل بين السودان وجنوب السودان. مثلاً، يشكل جنوب السودان السوق الاكبر للسودان، والجنوب لديه مقدرة الآن في النفط الذي يتمتع به على أراضيه ويساعد دولة السودان لأنه يعطيها جزءاً من هذا النفط. نحن نتعاون اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وتاريخيا عندما كنا دولة واحدة، كانت هناك الكثير من المشاكل لكن بعدما اصبحنا دولتين تحولنا الى جيران يتمتعون بالسلام ويتعاونون في كل اوجه التعاون الممكنة.

* وماذا عن العلاقات مع مصر، ما الذي يمكن أن تقدمه الدولة منهما للأخرى؟

- علاقتنا مع مصر جيدة جداً، العلاقة بين القاهرة وجوبا قوية وقائمة على تاريخ لأن جمهورية مصر العربية تساعدنا كثيراً في الجنوب سواء في مجال التعليم او الصحة وتنمية القدرات داخل جنوب السودان. وقد استفدنا من الخبرات المصرية، ونعتقد أن العلاقات مع مصر سوف تستمر قوية وقائمة على اساس التعاون وحسن الجوار.

* ولكن هناك ازمة بين مصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة.. فما موقفكم من هذه الأزمة؟

- نحن في جنوب السودان نريد حّلاً سلمياً لهذه الأزمة ونرفض أي حل عسكري او حرب. ومياه النيل ملك لجميع الدول الموجودة على حوض النيل، ويمكن حل مشكلة سد النهضة عن طريق التفاهم بما يحقق الاستفادة للدولتين.. مصر وإثيوبيا، من دون أي ضرر لأي طرف منهما.

المفاوضات والحل الدستوري السبيل الوحيد للمصالحة مع المتمردين

ما هي نتائج مباحثاتك مع المسؤولين في بريطانيا وأهم القضايا التي بحثتها في الزيارة؟

- نحن بحثنا مع وزارة الخارجية البريطانية أهمية التعاون الثنائي بين الدولتين، وخصوصاً المساعدات التي تقدمها بريطانيا لجنوب السودان لتحقيق السلام والتنمية والمساعدة في تدريب أبناء جنوب السودان وتحسين قدراتهم. وكما تعرف فإن بريطانيا كانت في السودان عندما كان الشمال والجنوب دولة واحدة، وهم لهذا لديهم خبرات كبيرة ومعرفة بجمهورية جنوب السودان ولهذا نحن هنا لتقوية العلاقات بين البلدين.

* هل عرضت بريطانيا المشاركة لتخفيف حدّة التوتر في الأوضاع بعد اندلاع الاشتباكات في جنوب السودان؟

- بريطانيا تشدد على ضرورة السلام في جنوب السودان وضرورة وقف العنف في جنوب السودان، وهم يتعاونون معنا ولا سيما في مجال الاغاثة الإنسانية.