هل ستجري الانتخابات العراقية؟

هل ستجري الانتخابات العراقية؟

09 ابريل 2014

صور مرشحين في الدعاية الانتخابية بالنجف (أ.ف.ب)

+ الخط -

على الرغم من أن الاستعدادات تجري على قدم وساق في العراق، لإجراء الانتخابات التشريعية، إلا أن هناك هواجس حقيقية في شأن إمكانية عدم إجرائها، مع تعقيدات المشهد العراقي، والأنباء التي تتحدث عن مساعي المالكي، لإعلان حالة الطوارئ.
معقد هو المشهد العراقي، وما يزيده تعقيدا،ً أَنّ هذا المشهد الذي لم يستقر، منذ الغزو الأميركي للبلاد ربيع 2003، بات عرضةً لتداخلات إقليمية ودولية، غذّتها الأوضاع المشتعلة في  المنطقة، وخصوصاً في الجارة سوريا، وما يدورهناك في محاولةٍ لإجهاض ثورة شعب.
في نهاية الشهر الجاري، من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية، وهي الثالثة التي تجري منذ الغزو، وتؤكد الظروف الحالية، أنها لن تكون عادية. ليس بسبب الوضع الأمني المتردي في عموم البلاد، وحرب الأنبار التي مضى عليها نحو ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وإِنما لأن هذه الانتخابات تجري في وقتٍ يسعى فيه رئيس الحكومة الحالية، نوري المالكي، إلى الفوز بولاية ثالثة، وهو مسعى تقابله، في الطرف الآخر، جهات وقوى سياسية عراقية فاعلة، لإفشاله، وكلٌّ يستخدم، في سبيل ذلك، كل الأدوات المتاحة له، الشرعية وغير الشرعية.
في خلفية المشهد القاتم للوضع في العراق قبيل الانتخابات، حرب طويلة شنها، المالكي، في الأنبار، بحجة محاربة تنظيم دولة العراق والشام "داعش"، خلفت، حتى الآن، مئات القتلى والجرحى في صفوف القوات الحكومية، ومثلهم من المدنيين، بالإضافة إِلى تشريد نحو 700 ألف مدني من سكان المدينة الأكبر في العراق.
يزداد المشهد القاتم سوداويةً مع قراراتٍ باتت تصدرها، بكثرة في هذه الأيام، مفوضية الانتخابات التي صارت تخضع لسيطرة المالكي، ومنها قرارات بالاجتثاث ضد عشرات المرشحين، بعضهم نواب حاليون. ويترافق ذلك كله مع تصريحاتٍ ناقدة ولاذعة، على لسان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ضد، نوري المالكي، فقد وصف الأخير بأنه يمهد لديكتاتورية جديدة.


ومثل الصدر، فعل رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، الذي وصف عملية قطع الرواتب التي قامت بها حكومة المركز ضد الإقليم، إثر خلافات على عملية تصدير النفط، بأنه أكثر جرماً من قصف حلبجة بالكيمياوي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.
ما بين هذا وذاك، تأتي أنباء عن محاولة المالكي فرض قانون الطوارئ، لتزيد المشهد تعقيداً، ففي حال تم فرض القانون، سيكون في وسع، المالكي، حل البرلمان، بالإضافة إلى تعطيل الأحزاب السياسية، وفرض الإقامة الجبرية على شخصياتٍ عديدة مؤثرة في الساحة العراقية.
يدرك المالكي، جيداً أن أي انتخاباتٍ تجري في العراق، بعد ولايتين قضاهما في الحكم، لن تكون قادرة على إعادته إلى المشهد السياسي، فلقد خبر ذلك في انتخابات 2010، يوم أن حلت قائمته في المرتبة الثانية، بعد قائمة العراقية، بزعامة، إياد علاوي، وبفارق صوتين، غير أن فبركةً دستوريةً وقضائيةً، ونجاحه في إقامة تحالفات أكبر من كتلة علاوي، والدخول في مفاوضات شاقة، استمرت نحو عشرة أشهر، عادت به إلى سدة الحكم.
سنوات ثمان، والمالكي، يبرع في إحداث الأزمات، وهو الذي أتيحت له فرصة تاريخية، لإخراج العراق من مأزقه، فلقد كان محل توافق نادر بين الهوى الإيراني والأميركي، كما أتيحت له فرصة إعادة اللحمة الوطنية، التي مزقتها الحرب الأهلية، التي شهدها العراق، عقب تفجير مرقدي سامراء، في الثاني والعشرين من فبراير/ شباط 2006، فضلاً عن أموال مهولة، دخلت الخزينة العراقية، وغيرها عشرات الفرص، من دون أن يعرف المالكي، كيف يستفيد منها.
هناك خشية حقيقية في الشارع العراقي، اليوم، من محاولة أخيرة، قد يلجأ إليها المالكي، لإفشال الانتخابات المرتقبة، ليس كون هذه الانتخابات قد تغير الواقع العراقي، وإنما الخشية، كل الخشية، من أن تقود أية خطوات تصعيدية من المالكي، إلى خطوات مماثلة من هذا الطرف أو ذاك، وبالتالي، دخول العراق في أتون أزمة، أكبر مما يمر بها حاليا.
هناك، اليوم، محاولات يقودها المالكي، مدفوعاً برغبةٍ إيرانيةٍ في بقائه في منصبه، لإعلان حالة الطوارئ، وبالتالي، حل البرلمان، ومن ثم انتقال حتى سلطات البرلمان الشكلية، إليه، الأمر الذي ربما يدمر آخر أنفاق مرور العراق إلى الضوء. وقد تفنن المالكي، وطوال فترة حكمه، في محاولة الإمساك بكل الصلاحيات، فحتى الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان، نجح في تعطيله مرات عدة، من خلال كتلته، وبالتالي، فإن آليات اللجوء إلى قانون السلامة الوطنية، وإعلان حالة الطوارئ، قد تكون المسمار الأخير في نعش عملية سياسية، ولدت عرجاء.
السؤال الأكثر إلحاحاً الآن، في حال نفذ المالكي، خطته الرامية إلى إعلان الطوارئ، ومن ثم حل البرلمان، ما هي الخيارات المطروحة لفرقاء العملية السياسية في العراق؟
سنياً، سيكون مشروع القتال خياراً لا مناص منه، خصوصاً وأنه بدأ فعلياً، منذ بدأت حرب الأنبار، كردياً، فإن خيار الانفصال يبقى قائماً، على الرغم مما قد تشوبه من معوقات، حيث لا يسعى الأكراد إلى مثل هذا الخيار حالياً، بسبب مطالبتهم بالاستحواذ على كركوك ومناطق أخرى.
شيعياً، هل ستعمل القوى السياسية الشيعية على منع المالكي، من تنفيذ مخططه؟ أم أن الضغوط الإيرانية قادرة على إعادتها إلى حظيرة السلطة، حتى ولو كان المالكي على رأسها؟

 

96648A48-5D02-47EA-B995-281002868FD0
إياد الدليمي
كاتب وصحافي عراقي. حاصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي الحديث. له عدة قصص قصيرة منشورة في مجلات أدبية عربية. وهو كاتب مقال أسبوعي في عدة صحف ومواقع عربية. يقول: أكتب لأنني أؤمن بالكتابة. أؤمن بأن طريق التغيير يبدأ بكلمة، وأن السعادة كلمة، وأن الحياة كلمة...