هل خسرنا تعاطف حزب العمال البريطاني؟

هل خسرنا تعاطف حزب العمال البريطاني؟

15 ابريل 2020
+ الخط -

يصعب الجزم بأن تحول قيادة حزب العمال البريطاني، من معسكر أقصى اليسار الى معسكر وسط اليسار، سيؤدي الى تغيير تعامل الحزب مع القضايا التي تهم المجتمع العربي في بريطانيا، وأهمها قضية فلسطين.

المحرّر السياسي في صحيفة الإندبندنت (اندرو جريس) يوضح أن سبب التغير في الحزب هو رغبة أعضاء الحزب في الفوز في الانتخابات بعد أربع هزائم مؤلمة، وأن أغلب الأعضاء ومنهم أتباع أقصى اليسار قد اقتنعوا بأن (النقاء الأيديولوجي) ليس كافياً للفوز في الانتخابات.

حزب العمال كان قد أعلن فوز سير كير ستارمر بقيادة الحزب، خلفاً لجيرمي كوربين الذي قاد الحزب منذ عام 2015. ستارمر الذي يوصف بأنه من تيار وسط اليسار نافس المرشحة التي توصف بأنها تمثل أقصى اليسار ربيكا لوينج بيلي، والمرشحة ليسا ناندي التي دعمها تيار اليسار الراديكالي (البليريين).


فور تسلمه قيادة حزب العمال قدّم ستارمر اعتذاراً رسمياً للجالية اليهودية في بريطانيا عن الأفعال التي وصفها بأنها معادية للسامية داخل حزب العمال، وتعهد ستارمر بالقضاء عليها، ما أثار تساؤلات عديدة لدى الأقلية العربية والمسلمة في البلاد، حول موقفه من القضايا العربية، وخصوصاً قضية فلسطين.

يوصف موقف ستارمر بأنه غير واضح تجاه القضية الفلسطينية، فمن جهة ستارمر هو عضو في مجموعة نواب حزب العمال الداعمين لفلسطين في البرلمان، وتعهد بتبني جميع مطالب المجلس الإسلامي البريطاني ومن ضمنها العمل على إنجاز الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، ومن جهة أخرى صرح ستارمر لصحيفة جويش نيوز بأنه يدعم فكرة الصهيونية، وكذلك تعهد بتبني جميع مطالب ممثلي مجلس اليهود في بريطانيا التي تشمل توسيع دائرة الاتهام بمعادة السامية لتشمل كل من يعادي دولة الاحتلال الإسرائيلي.

خلال العقد الماضي، خصوصا خلال فترة قيادة جيرمي كوربين، حصلت تغيرات جذرية تدعم انخراط الأقليات العرقية في مراكز صنع القرار داخل حزب العمال، من هذه القرارات: اعتماد وجود ممثل للأقليات في اللجنة العليا التي يرأسها رئيس الحزب، كذلك إقرار انتخاب ممثل للأقليات ضمن قيادة جميع فروع الحزب الـ 650 التي تمثل الحزب.

استفادت المجتمعات العربية في بريطانيا من هذه القرارات، واندمج العرب داخل حزب العمال، وأصبحنا نرى ممثلين عن الجالية العربية في قوائم حزب العمال، في أغلب الاستحقاقات الانتخابية والتي تشمل: الانتخابات البرلمانية، والمجالس المحلية، وانتخابات عمدة المحافظات الكبرى.

كذلك قام حزب العمال في عام 2019 بترجمة برنامجه الانتخابي للغة العربية لأول مرة، وأضاف ضمن برنامجه الانتخابي التزامات مهمة طالبت بها المجتمعات العربية في بريطانيا مثل وقف تصدير السلاح لدولة الاحتلال، والتعهد بالاعتراف بفلسطين في أول يوم تفوز فيه حكومة حزب العمال، ووقف التبادل التجاري مع المستوطنات، وكذلك تبني دعم حقوق اللاجئين، ومنع بريطانيا من المشاركة في حروب في الشرق الأوسط ودعم حرية التعبير، ومحاربة الإسلاموفوبيا.

التطورات الحاصلة في الحياة السياسية البريطانية تحتم على المجتمعات العربية في بريطانيا أن تستمر بالعمل وتواصل انخراطها في حزب العمال بقيادته الجديدة، وبالأحزاب البريطانية الأخرى حتى تستطيع التعبير عن مطالبها، وتضمن ألا يتم إسكات الصوت المنادي بإنهاء الاحتلال، ودعم حقوق الشعوب، والدفاع عن حقوق المهاجرين، وإنهاء الحروب غير القانونية.

049DC45E-F3E1-4A58-95E2-3B909BD3C177
عمر مفيد

كاتب فلسطيني مقيم في لندن، عضو الهيئة التنفيذية للمجموعة العربية في حزب العمال البريطاني، وناشط سياسي مهتم بمشاركة الأقليات العربية داخل الحياة السياسية البريطانية