هل أخطأ ترامب؟

هل أخطأ ترامب؟

11 ديسمبر 2017
+ الخط -
الشيء الوحيد الذي يزعج أكثر من قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، هو ردة فعل الحكام والزعماء العرب والمسلمين، الذين عبّروا بنوع من المفاجأة والاستغراب عن تنديدهم بما قام به ترامب، على الرغم من أنّ الرجل كان واضحا حتى قبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، بتأكيده على أنه سيُفعّل قرار نقل سفارته إلى القدس، وهو القرار الذي كان قد اتخذه ووافق عليه الكونغرس الأميركي سنة 1995. لكن الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم أميركا، منذ هذا التاريخ، كانوا يعملون على تأجيل التنفيذ، تجنبا لما يمكن أن يترتب على ذلك من قلاقل قد تضر بمصالح دولتهم في منطقة الشرق الأوسط. إلا أنّ ترامب الذي يصر على أن يكون رئيسا مختلفا لم يفكر إلا في إرضاء أصدقائه وداعميه من الإسرائيليين، غير مكترث بإعدام عملية السلام، وغير مكترثٍ بأن تصبح بلاده طرفا في الصراع، بعد أن حاولت أن تتظاهر سنواتٍ بأنها وسيط محايد.
قلت إن ما يزعج أكثر هو ردة فعل الحكام العرب والمسلمين الذين انتظرنا منهم ردا فعالا وعمليا بدل لغة البيانات والبلاغات التي عودونا عليها، فاعتقدنا أن أقل ما سيقومون به هو طرد سفراء الولايات المتحدة من جميع البلدان العربية والمسلمة، في احتجاج واضح على فعل ترامب غير المبرّر، إلا أنه للأسف، لا شيء من ذلك حصل، بل والأسوأ هو الخبر الذي نشرته بعض الصحف العالمية القريبة من مركز صنع القرار الأميركي، والمتعلق بأن دونالد ترامب حصل على موافقة السعودية ومصر قبل توقيعه قراره ذاك، ما يعني أن القدس باعها مَنْ هم من المفروض فيهم حمايتها، فلا داعي إذن أن ننتظر من حكامنا شيئا.
بدل أن تقضي هذه الشعوب وقتا كثيرا متنقلة بين "فيسبوك" و"تويتر" وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضي، محاولة تحرير القدس عبر تغيير صورة البروفايل إلى صورة مسجد قبة الصخرة أو علم فلسطين، أو عبر كلمات تنديدية وأغان حماسية.. بدل هذا كله يقتضي الواجب أن تغادر الشعوب نحو الميادين والشوارع، كما فعلت سنة 2011 للمطالبة بإسقاط حكامها.
آن الأوان لتفهم الشعوب العربية أن مصالحها لا تشبه مصالح حكامها، بل تتناقض تماما، بحكم أن مصالح هؤلاء الحكام تتلاقى ومصالح قوى خارجية، لا تريد خيرا بهذه الأمة العربية، وتسعى غلى خرابها وخراب هويتها وثقافتها وأديانها أيضاً.
المساتي
المساتي
عبد السلام المساتي
خريج الدراسات الإنجليزية وأستاذ للغة الإنجليزية في المغرب. صدر له "مغرب ما بعد الربيع العربي، من ابن كيران إلى كورونا"، ورواية " كاتب ونساء وعبث" و"خواطر الثامنة مساء"، ومجموعة قصصية بعنوان "الهزيمة". دائما ما أقول " الناس، أحدهم يلقي بك لتحترق وسط جحيمه، وآخر يرفعك لتسعد وسط نعيمه، وآخر لا يراك، لا تهمه. لذا كن من تشاء".
عبد السلام المساتي