هكذا في الأرض كما في السماء

هكذا في الأرض كما في السماء

26 مارس 2018
(ذكرى الطلاب الشهداء في خويغالبا، نيكاراغوا 1978، سوزان ميسيلاس)
+ الخط -

بلايينُ المجرَّاتِ مع بلايينِ النُّجُومِ
(ثمَّةَ أكثر من مائةِ ألفِ مليونِ مجرَّةٍ)

لمجرتنا فقط بضعةُ تريليوناتٍ من النجومِ
وهي واحدةٌ بين ملايين المجرَّاتِ

غازٌ مِنَ النُّجُومِ
وغازٌ مِنَ المَجَرَّاتِ

أُشرعُ النَّافذَةَ وأنظُرُ
إلى النجوم التي قَدِمْنا منها
يبدو أن للفضاءِ الكوْنِيِّ الذي نُوجدُ
فيهِ غاية ومعنى
الفضاءُ الكونيُّ الذي يَعِي ذاتَهُ:

غبارٌ نجميٌّ
يستطيعُ ليلاً
أنْ ينظرَ إلى النُّجومِ

وُلِدْنا مِنِ انْفجارِ المُستعراتِ العظمى
أبناء الشَّمسِ والنِّظامِ الشمسيِّ
أنمتلكُ دوراً في الفضاءِ الكونيِّ
أقولُ نعم

نحنُ في فضاءٍ كونيٍّ شبهِ فارغٍ
الجزءُ الأعظمُ منهُ لا يُرى
مغمورينَ في اللغزِ مِنْ كلِّ الجهاتِ
وسط هيُولى لا نراها
فضاءٌ كونيٌّ يكادُ يكونُ كلُّهُ غير مرئيّ
وما الهيولى لسنا ندري

كلُّ مجرَّةٍ تنأى عنَّا
بسرعَةٍ تكادُ تكونُ سرعَةَ الضَّوءِ
ضوءٌ حتَّى الآن ما زالَ يصِلُ إلينا
فضاءٌ كونيٌّ أبعادُهُ ربَّما مَجهولةٌ
مع عوالمَ أخرى لا نراها
ملايين الملايين من النجومِ
جِدُّ صغيرةٍ لكنها مثل الشمس
والمجرَّة ذاتُها نقطةٌ مِنَ الفضاءِ الكونيِّ
ضئيلةٌ بالنسبةِ لِعالمِ الكونيات
الشمسُ نجمٌ عاديٌّ ومألوفٌ
في زاويةٍ ما مِنَ الفضاءِ الكونيِّ
لسنا إزَّاءَهُ صُدْفَةً
أيُمكنُ أن يكونَ ثمَّةَ شيءٌ
هائل جداً بلا غايةٍ؟
وملايينُ الناسوتِ في الفضاء الكوني!
لا ندري إن كانت قد تجسَّدتْ فيها
نظرية عالَمٍ خُلِقَ من أجل لا شيء

أواه قد أحبَّنا الإلهُ
إذ أوجد الفضاءَ الكونيّ

لا شيءَ يوجدُ وحيداً
أن تكون معناهُ أن تكون متَّحِداً
أن تكونَ معناهُ أن تكونَ مع آخرَ
الكلُّ موصولٌ بالكلِّ
ولا شيءَ مفصولٌ

كلُّ الكائناتِ الحَيَّةِ كنَّا منصهرين
في كائنٍ واحدٍ إبَّانَ الانفجار العظيمِ
ونحنُ نَحِنُّ إلى تلك الوحدةِ
نحنُ كونٌ مُشاعٌ
زواجٌ/ صداقةٌ/ جماعةٌ

الهيُولى من تلقاء ذاتِها تميلُ إلى التوحُّدِ
في الجُزيْءِ الأكبرِ إمكاناً
الموادُّ الزُّلالية تنبثِقُ متى استطاعتْ
ملايينُ المجرَّاتِ في الفضاء الكوني
بالتركيبة ذاتها التي هي تركيبتُنا
من "الكواركِ" الوضيعِ حتى المجرَّةِ
الهيولى في تناميها نحو الإلهِ

بعدئذٍ صِرْنا خلايا عبر اليخضورِ
نحن أسخياءُ بالشَّمسِ
نستحمُّ دوماً بالضوء والغذاءِ
فالضوءُ غذاءٌ
لأن النباتات تتغذى بالضوء
تفاعلٌ كيميائيٌّ يُسمَّى تخليقاً ضوئيّاً
يخضورٌ: ضوءُ الشَّمسِ وماءُ الأرضِ
ولذلك فالنباتاتُ خضراءُ
تنوُّعٌ في أشكالِ الأوراقِ وأحجامِها
بعضُها فوقَ بعضٍ تتصارعُ لأجل الشَّمسِ
الضوءُ وقد تحوَّلَ إلى شطيرةٍ وصار نبيذاً
"أنا الضوءُ" قال المسيحُ
ضوءٌ وغذاءٌ

الفضاءُ الكونيُّ ليس للإنسان فقط
والبشارةُ هي للخليقةِ كلِّها
العالم كلُّهُ بصرخاتِ الولادةِ
لغزهُ الذي يحيطنا جميعاً
وهو يكادُ يكونُ كلَّ فضاءٍ فارغٍ
أكبرُ جُزءٍ منهُ هيولى مجهولةٌ
لا تُرى
فضاءٌ كونيٌّ وُلِدَ من الفراغِ

ومجدَّداً السُّؤالُ
لماذا أنا موجودٌ
لِماذا ثمَّة فضاءٌ كونيٌّ
كواكبُ كثيرةٌ جدّاً وحواليها النجومُ
أبناءُ المُسْتَعِراتِ العظمى
حيث الهيولى السَّاكِنةُ تحولتْ إلى حياةٍ
حياةٌ تُكمِلُ الهيولى
ونحنُ ضميرُ الفضاء الكونيّ
ينبغي لنا أن نُكملَ الفضاءَ الكونيّ
وإن كنَّا بعدُ غير مكتملين

كوكبٌ عاديٌّ مع نجمةٍ عاديَّةٍ
دونما شيْءٍ مُتفرِّدٍ في السَّماءِ المُتلألئةِ بالنُّجومِ
عدا حكاية الإله معنا

إله تحوَّلَ إنساناً وأناسٌ آلهةً
الكلُّ موصولٌ بالكُلِّ
وبالتَّوَحُّدِ اللايُقاومُ
جاذبيةٌ كُبرى للطاقةِ الذَّرِّيَّةِ
فضاءٌ كونيٌّ فيهِ الجنسُ
صرخةٌ بأنَّنا غيرُ مُكتملينَ

Ernesto Cardenal شاعر من نيكاراغوا ولد عام 1925.
** صفحات من قصيدة طويلة. ترجمة عن الإسبانية: خالد الريسوني

دلالات

المساهمون