هادي يعزز قبضته على الجيش: تغيير 20 عسكرياً

هادي يعزز قبضته على الجيش: تغيير 20 عسكرياً

18 مارس 2014
التغييرات تتزامن مع انفلات أمني واسع (محمد حويس- Getty)
+ الخط -
بعد أقل من أسبوعين على إقالة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وزيري الداخلية والنفط، فضلاً عن رئيس جهاز الأمن السياسي، غالب القمش، أحدث الرئيس اليمني، مساء الاثنين، تغييرات عسكرية جديدة، شملت 20 موقعاً قيادياً دفعة واحدة، أغلبها في مناصب ميدانية مهمة في الألوية والمناطق العسكرية.
وجاءت أبرز القرارات بتعيين اللواء، عوض محمد فريد رويس، وهو من أبناء محافظة شبوة قائداً للشرطة العسكرية، خلفاً للواء، مجلي مجيديع، من أبناء مأرب، الذي نقل إلى قيادة قوات العمليات الخاصة التي كانت تعرف بالقوات الخاصة. وكانت تحت قيادة نجل الرئيس السابق، أحمد علي عبد الله صالح. كما عيَن العميد عبد الرقيب الصبيحي، من أبناء لحج، رئيساً لأركان قوات العمليات الخاصة (نائباً للواء مجيديع).

كذلك شمل القرار تعيين قادة جدد لـ 7 ألوية عسكرية؛ اللواء 23 ميكا في محافظة حضرموت، اللواء 137 في محافظة المهرة، اللواء 15 مشاة في محافظة أبين، اللواء 121 مشاة في محافظة الحديدة، اللواء الرابع في صنعاء، ولواء "الخاصة" صنعاء، بالإضافة إلى تعيين رئيس لأركان لواء 31 مدرع في أبين. 
ويلاحظ أن نسبة، لا بأس بها، من التعيينات، تمت عبر ترقية قيادات داخل الألوية نفسها. كما لوحظ أنها لم تعتمد مبدأ المناصفة في التعيينات بين الشمال والجنوب، تماشياً مع ما أقرّه مؤتمر الحوار لفترة مؤقتة في إطار المعالجات المطروحة للقضية الجنوبية. ويظهر أن نصيب الشمال أكبر من نصيب الجنوب، سواء من القادة المعينين أو المعزولين.
وتحدث المحلل العسكري اليمني، علي محمد الذهب، لـ"العربي الجديد" عن وجود أربعة تغييرات بارزة، أولها تعيين اللواء الركن، عوض بن فريد، قائداً لوحدات الشرطة العسكرية، بعدما كان يشغل منصب مساعد وزير الدفاع للموارد البشرية. وهو منصب لم يكن له فيه دور حقيقي، نظراً لحداثة هذا المنصب وفق الهيكل الجديد لوزارة الدفاع. وكان، بن فريد، يشغل سابقاً منصب قائد إحدى المناطق العسكرية. وأثبت، بن فريد، قدرة ملحوظة من خلال رئاسته اللجنة المكلفة حل النزاع، الذي نشب في محافظة الجوف بين أنصار الله وقبليين محليين قبل فترة وجيزة. وعمل على حل النزاع وإعادة الوضع الأمني إلى سابق عهده.
وتمثل وحدات الشرطة العسكرية، التي عيّن، بن فريد، قائداً لها، أقوى الدوائر العسكرية التابعة لهيئة القوى البشرية في وزارة الدفاع. وهي دائرة (وحدة) مسلحة تنتشر في عموم محافظات الجمهورية. وتفوق قوة وعتاداً وحدة قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) التابعة لوزارة الداخلية، التي توجد معها في إطار المدن الكبرى والصغرى من البلاد، كلها حسب اختصاصها ومهامها المختلفة.
أما ثاني أبرز التغييرات، وفقاً للذهب، فتتمثل في تعيين اللواء الركن، مجلي أحمد مجيديع، قائداً لقوات العمليات الخاصة، بعدما كان قائداً لوحدات الشرطة العسكرية.
والعمليات الخاصة قوة مسلحة ضاربة، تتكون من وحدات عدة، بما في ذلك القوات الخاصة. وتسيطر على مناطق ومهام أمنية وعسكرية معينة داخل العاصمة وخارجها. ولها وحدات فرعية في بعض المحافظات. وجاء قائدها الجديد خلفاً للواء الركن، عبدربه أحمد القشيبي، الذي شغل هذا المنصب قبل عام، بعدما كان مديراً للأكاديمية العسكرية العليا، قبل أن يعود إلى هذا المنصب بموجب القرار الأخير.

أما تعيين اللواء الركن علي سعيد عبيد الحيقي، ملحقاً عسكرياً لم يحدد في أي بلد معه، فكان بدوره مفاجئاً. وكان الرجل يشغل منصب مدير الأكاديمية العسكرية منذ عام، علماً أنه كان قبل ذلك يشغل منصب نائب رئيس الأركان لشؤون التدريب، وفق الهيكل السابق. وهو من القيادات الجنوبية التي كانت ضمن المجموعة التي أعلنت فك الارتباط بين الشطرين الشمالي والجنوبي في عام 1994، ثم عاد بعد العفو العام، الذي أصدره الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، إبان حكمه، ليشغل منصب نائب رئيس الأركان لشؤون التدريب. ويبدو أنه كبر سنّه ساهم في اختياره كملحق عسكري. 
ويقول الذهب: إن رابع أبرز التغييرات، تعيين العميد الركن، محمد عبدالله السياغي، قائداً للواء الرابع (314) مدرع احتياط. وهو من ألوية وحدات الاحتياط (احتياط القائد الأعلى). كما أنه يُناط به حماية مجمع الدفاع والقيادة العليا للجيش، ومقار سيادية حساسة داخل العاصمة. كذلك تتولى مهام أخرى خارجها.
 ويبدو أن هذا التغيير جاء نتيجة إخفاق القيادة السابقة للواء في التصدي الى الهجوم الإرهابي، الذي تعرض له مجمع وزارة الدفاع في ديسمبر/كانون الأول الماضي. 
وكانت هجمات تنظيم القاعدة، الذي ينشط في اليمن، وصلت إلى واحد من أحصن معاقل الجيش في العاصمة، وهو مجمع وزارة الدفاع، الذي تعرض الى هجوم إرهابي عنيف نفّذه التنظيم في الخامس من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وذهب ضحيته قرابة 60 عسكرياً ومدنياً، وما يزيد عن مئتي جريح. يُضاف إلى ذلك الهجمات الإرهابية الأخرى، التي استهدفت مواقع للجيش والأمن في محافظات أبين، شبوة، حضرموت، البيضاء وعدن.
كذلك تعرض مبنى السجن المركزي في صنعاء الى عملية استهداف مسلح، في شهر فبراير/شباط نتج عنها هروب أكثر من خمسة وعشرين سجيناً، أغلبهم عناصر من تنظيم القاعدة.

كما تأتي هذه القرارات في ظل وضع أمني وعسكري حساس يشهده اليمن، ولا سيما بعد توسع جماعة "أنصار الله" ووصول قواتها إلى مشارف العاصمة صنعاء.
ولعل الاجتماع المفاجئ الذي عقده هادي، قبل يومين، مع زعامات قبيلة من منطقة بني مطر التي تشكل جزءاً من محيط الدائرة المحيطة في العاصمة، دليل على استشعاره الخطر، الذي قد ينال العاصمة من هذه الجهة، فيما لو تكررت الاشتباكات بين جماعة "أنصار الله" ورجال قبائل، وحتى عناصر من الجيش في منطقة همدان الأسبوع الماضي.

ويرى عسكريون أنه على الرغم من الكفاءة والخبرة، التي يتحلى بها من شملهم قرار هادي، إلا أن هذه التغييرات، وفق بعضهم، تنطلق من محاصصة بين هادي وأنصار الثورة من القيادات العسكرية السياسية، التي يمثلها مستشاره العسكري اللواء، علي محسن الأحمر. على أن خصوم الجنرال العسكري بدوا محتفلين بقرارات الأمس. كما تبين التغييرات، حسب رأيهم، أن نزعة الولاءات لا تزال تعمل عملها في تلك التعيينات.
 غير أن الايجابي، كما يرى عديدون، أن هناك ترقية لقيادات عسكرية شابة وكفؤة، كما أن هناك تنوعاً جغرافياً في التعيين، بعدما كانت المناصب أغلبها حكراً على منطقة معينة من دون سواها قبل ثورة فبراير 2011.
وإجمالاً، فإن هذه التغييرات تصب في ترسيخ سلطة الرئيس، هادي، ونظامه الجديد، كما تقلص مجدداً ما تبقى من نفوذ سلفه، علي عبدالله صالح، الذي ظل لعقود، يحكم قبضته على المؤسسة الأمنية بحصر العديد من المواقع العسكرية الميدانية الحساسة في محيط العائلة والمنطقة.

دلالات

المساهمون