نسب المشاهدة في العالم العربي: الحقيقي والمزوّر وما بينهما

نسب المشاهدة في العالم العربي: الحقيقي والمزوّر وما بينهما

11 سبتمبر 2020
أرقام مشاهدات أغاني عمرو دياب تبدو منطقية (كريم صاحب/فرنس برس)
+ الخط -

في السنوات الأخيرة، تحوّل مقياس النجاح عند بعض الفنانين العرب إلى أرقام المشاهدات والإعجابات التي يحققونها أو تحققها أعمالهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن لعبة الأرقام نفسها، تحديداً الأرقام المرتفعة بشكل "مريب"، تطرح علامات استفهام كثيرة، خصوصاً عندما يحاول الفنان أو الشركة المنتجة إخفاء خاصية الترويج الاعلامي المدفوع، ما يوقع المتابعين والجمهور في فخ النجاح المغلوط.

قبل سنوات، قام تطبيق "إنستغرام" بحذف عدد من المتابعين الوهميين من صفحات خاصة بالفنانين والمغنين في مختلف أنحاء العالم. وهو ما كشف لجوء عشرات المشاهير إلى شراء المعجبين والمتابعين، بهدف تضخيم شعبيّتهم، بحثا عن فرص لجني الأرباح والعمل عبر تطبيقات مواقع التواصل.

لكن خطوة "إنستغرام" ومعها مواقع أخرى مثل "تويتر" و"فيسبوك" لم تنجح تماماً في الحدّ من الشعبية الوهمية، ولا تزال التهم تلاحق هذا الفنان أو ذاك بشراء "بوتس" يوزّعون الإعجابات والمشاركات عشوائياً.

مناسبة الحديث هو ما نشره الفنان المصري خالد سليم قبل أيام، على خاصية "ستوري" عبر صفحته على "إنستغرام". إذ قال سيلم إن عدد متابعي الإعلان الترويجي لبرنامج "قعدة رجالة" (الموسم الثالث يبدأ عرضه في 26 سبتمبر/أيلول الحالي على osn)، بلغ أكثر من مليون مشاهدة. الرقم الذي قد يكون عادياً، لا يبدو كذلك عند النظر إلى نسب المشاهدات على صفحة سليم نفسه، حيث لا تتخطى فيديوهاته عتبة الـ100 ألف مشاهدة. كما أن الإعلان الترويجي للبرنامج نفسه على صفحة زملائه الذين يشاركونه تقديم البرنامج لم تتجاوز أرقام مشاهدته 38 ألفا، كما هي الحال مثلاً على صفحة الممثل السوري قيس الشيخ نجيب.

التشكيك في الأرقام والاحتفاء بها لا يشمل طبعاً خالد سليم فقط، بل هي خطة يلجأ إليها أغلب "النجوم" ومن خلفهم مدراء أعمالهم، وشركات الإنتاج التي يتعاملون معها، بهدف إمضاء عقود فنية وإعلانية تجلب مئات الآلاف من الأرباح على الفريق كله: من الفنان حتى العاملين معه.

كذلك، فإن الأرقام المتلاعب بها، تجعل تقييم نجاح هذا الفنان أو ذاك، وهذا العمل أو الآخر، أمراً صعباً، فتفقد المنافسة مقوّماتها الموضوعية. لذلك يتجه حالياً عدد كبير من النقاد ولجان توزيع الجوائز، إلى دراسة عوامل أخرى غير الأرقام على مواقع التواصل.

لنأخذ على سبيل المثال أغنية "أماكن السهر" التي أصدرها النجم المصري عمرو دياب قبل أسبوعين. حتى اليوم، شاهد الفيديو على موقع "يوتيوب" أكثر من 10 ملايين شخص، وهو رقم يبدو عادياً لأسباب كثيرة: قيام الممثلة دينا الشربيني ببطولة العمل، بعد أشهر من الإعلان عن قصة حبها مع دياب. العامل الثاني هو عرض الأغنية على قناة "فودافون" إلى جانب قناة الفنان المصري. والعامل الثالث هو الأغنية نفسها، وتوقيتها ولحنها وكلماتها، وقبل كل ذلك نجومية دياب نفسه.

كذلك، فإن رقم 10 ملايين لا يبدو مستغرباً إذا ما أجرينا جولة على مختلف أعمال "الهضبة". لننظر مثلاً إلى أغنية "يا بلدنا الحلوة" التي أصدرها قبل شهر: عدد مشاهداتها 36 مليونا. وهو رقم يتكرّر كثيراً مع الفنان المصري. لذلك بناءً على ما سبق، تفقد أعداد المشاهدات قيمتها الفعلية إذا ما عزلناها عن الإنتاج نفسه ومضمونه والتفاعل الحقيقي معه، وهو ما يطرح تحديات أمام نوع مزيّف من صناعة النجوم برز مع تغلغل مواقع التواصل في حياة العرب.

المساهمون