نتنياهو يتورط بالحرب: توازن رعب جديد يغيّر المعادلات

نتنياهو يتورط بالحرب: توازن رعب جديد يغيّر المعادلات

10 يوليو 2014
ربما يخسر نتنياهو رئاسة الحكومة (الأناضول)
+ الخط -

بعد دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الرابع، بات بالإمكان إعادة تركيب المشهد الأول الذي دفع برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكومته إلى اتخاذ القرار.

من المؤكد أن تقارير وصلت إلى نتنياهو تؤكد أن انتفاضة فلسطينية ثالثة بدأت في الضفة والقدس المحتلة، ومع كل تأخُّر في قمعها، ستزداد شراستها. شاهد الرجل القطار في شعفاط يدمر، ويافا تتظاهر والناصرة تشتتبك مع شرطة الاحتلال، ونقل له مخبروه من المستعربين أن الملثمين يظهرون في الخليل وجنين، والأمن الوقائي الفلسطيني لن يستطع ردعهم. قرأ "بيبي" تقرير جهاز "الشاباك"، فوجد أن الشهيد محمد أبو خضير قد يتحول إلى محمد بوعزيزي فلسطيني، بالتالي لا بد من من وأد الانتفاضة سريعاً، وتدمير "الربيع الفلسطيني" الموحد تحت غطاء المصالحة الفلسطينية.

قدم الأمنيون للمجلس الوزاري المصغر، "الكابينيت"، خطط اجتياح غزة، وقال رئيس جهاز "الموساد"، تامير باردو، إن "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، يشكل أكبر تهديد للأمن الوطني الإسرائيلي في المرحلة الراهنة، وليس المشروع النووي الإيراني". وأوضح  وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، أن عملية عسكرية برية داخل قطاع غزة "قد تكون ضرورية". وأخبروه أن الغطاء العربي والدولي قد تأمن، بعدما زار أخيراً رئيس الاستخبارات المصرية، محمد تهامي، إسرائيل، وأكد أن "الوساطة المصرية انتهت، ويمكنكم فعل ما ترونه مناسباً"، بحسب ما ذكرت إذاعة "صوت إسرائيل". ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، داني روبنشتاين، أن هناك اتفاقاً وتنسيقاً وتعاوناً بين نتنياهو والسيسي، لإسقاط حكومة "حماس". وخرج بعد ذلك وزير الخارجية المصري سامح شكري، ليؤكد أن "حدود مصر هي الأهم"، بالتزامن مع تدمير السلطات المصرية 19 من الانفاق بين سيناء وغزة.

تفاجأت الحكومة الإسرائيلية بردة فعل المقاومة، فلجأت إلى قصف منازل الناشطين، بما أن بنك الأهداف الإسرائيلي محدود هذه المرة.

استطاعت المقاومة فرض معادلة جديدة وهي "الدم بالدم، والهدوء بالهدوء". ورفعت "كتائب القسام" من شروطها للعودة إلى التهدئة. وكانت الشروط: وقف الحملة التي ينفذها الاحتلال في القدس والضفة، ووقف العدوان على غزة، ووقف القصف وتحليق الطائرات فوق القطاع، إضافة إلى الإفراج عن محرري صفقة "وفاء الأحرار"، والكف عن تخريب المصالحة الفلسطينية.

شروط "القسام" من منطلق قوة، فالامكانيات كثيرة ووافرة ومباغتة. فقد خسر الاحتلال عنصر المفاجأة مع التمهيد للعدوان، واستطاع المقاومون استيعاب الضربات الجوية الأولى، وبدأوا بالمبادرة. تؤكد معلومات من غرفة عمليات "القسام" أن "المقاتلين بانتظار القرار السياسي لقصف كل المستوطنات المحاذية للقطاع". كلام جديد يستند إلى صواريخ مضادة للدروع أبرزها "الكورنيت" وصواريخ مضادة للطائرات في مقدمتها "ستريلا" و"ايجيلا".

قد يعيد نتنياهو النظر في عدوانه، وربما يخسر رئاسة الحكومة، وخصوصاً إن تم قصف الجليل، والمقاومة تملك القدرة على ذلك مثلما يبدو. وترجح مصادر في "سرايا القدس"، أن يستمر العدوان أسبوعين على أقل تقدير، على أن يحاول الاحتلال اجتياح القطاع برياً، لكنه في النهاية سيطلب وقف إطلاق النار. وتستند الطلبات الإسرائيلية لإعادة التهدئة، إلى واقع أن أكثر من نصف الإسرائيليين مختبئون في الملاجئ، ولن يتحمل السياسيون والاقتصاديون استمرار ذلك. وقد استطاعت المقاومة توسيع دائرة الاستهداف عبر الصورايخ الطويلة المدى وفي مقدمتها "R160" المصنع محلياً نسبةً للقائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، و"J80" نسبة للقائد أحمد الجعبري. صيرورة المعركة تفرض على الاحتلال توقع كل شيء، فالمطارات العسكرية والمدنية والمصانع بمجملها تحت مرمى النيران.

أهداف عملية "الجرف الصلب" هي تدمير غزة و"حماس" ومنع المصالحة الفلسطينية، والأهم قتل الانتفاضة الشعبية في مهدها. يضع الإسرائيليون احتمالات فتح جبهة لبنان، ربما ليس عن طريق "حزب الله"، إنما من خلال مندفعين فلسطينيين، لذلك يتم تشديد الإجراءات عند الحدود اللبنانية وكذلك في الجولان.

ماذا سيفعل الإسرائيليون لو ظهر تنظيم "داعش" في فلسطين، علماً أن تقديرات إسرائيلية اتهمت تنظيم "القاعدة" بالوقوف وراء أسر المستوطنين الثلاثة في الخليل؟

ميزان القوى لصالح الفلسطينيين بكل المقايس، وهي مرحلة صنع توازن رعب جديد. سيحرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويخسر نتنياهو المعركة في الميدان والحصاد السياسي.

المساهمون