نتائج الانتخابات الإسبانية تمدّد الأزمة: الائتلاف الحكومي حتمي

نتائج الانتخابات الإسبانية تمدّد الأزمة: الائتلاف الحكومي حتمي

28 يونيو 2016
حقق الحزب المحافظ تقدماً لافتاً (بوراك أكبولوت/الأناضول)
+ الخط -
بخلاف ما أعلنته العديد من استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة، لم ينجح تحالف اليسار في إسبانيا الذي تقوده حركة بوديموس الراديكالية في الانتخابات الإسبانية التي جرت أول من أمس الأحد، من تحقيق الاختراق المنشود وإلحاق الهزيمة بالحزب العمالي الاشتراكي الذي كانت غالبية التوقعات تبشر بهزيمة مدوية له. لكن صناديق الاقتراع ذهبت عكس كل التوقعات، إذ لم يحصد تحالف "أونيدوس بوديموس" (بالاتحاد نستطيع)، بزعامة بابلو إيغليسياس، سوى 21 في المائة من مجموع الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة التي حصل فيها وحده على نسبة 24.3 في المائة من الأصوات. وخسر تحالف اليسار مليون ومائتي ألف صوت، على الرغم من أن نظام الدوائر الانتخابية مكنه من الحصول على 71 مقعداً في البرلمان واحتلال المرتبة الثالثة.




وأسفرت النتائج الرسمية عن فوز الحزب الشعبي اليميني المحافظ بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريانو راخوي بالمرتبة الأولى بنسبة 33 في المائة من مجمل الأصوات، وحصوله على 137 مقعداً في البرلمان الذي يضم 350 مقعداً.

وحقق الحزب المحافظ تقدماً لافتاً بالمقارنة مع الانتخابات السابقة التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي أي بزيادة 14 نائباً، لكنه مع ذلك لا يزال بعيداً جداً عن الأكثرية البرلمانية المطلقة البالغة 176 نائباً، والتي تتيح له تشكيل حكومة بمفرده ودون الحاجة إلى عقد تحالفات مع القوى السياسية الأخرى.
أما الحزب الاشتراكي بقيادة بيدرو سانشيز فقد حل ثانياً وفاز بـ85 مقعداً، مسجلاً خسارة خمسة مقاعد بالمقارنة مع الانتخابات السابقة وخسر 120 ألف صوت، لكنه في النهاية صمد واحتفظ بالمرتبة الثانية متقدماً على تحالف اليسار الراديكالي.
أما حركة ثيوديدانوس الوسطية الليبرالية فقد تكبدت خسارة كبيرة بفقدانها ثمانية مقاعد، مما سيؤثر بشكل كبير على وزنها في أي مفاوضات مقبلة لتشكيل حكومة جديدة مع الأطراف السياسية الأخرى.
وبدا المراقبون والمختصون بالشأن الإسباني عاجزين عن إيجاد تفسير منطقي متماسك لهذه النتائج الانتخابية، ولا سيما النتيجة الإيجابية التي حققها الحزب اليميني المحافظ الذي يحكم البلاد منذ 2011 والمسؤول الأول عن السياسة التقشفية التي أدت إلى اندلاع حركة احتجاجية شعبية عارمة وُلدت من رحمها حركة بوديموس. كما أنه متورط في قضايا فساد مدوية ضربت شعبيته في الصميم في السنوات الأخيرة. أما تراجع بوديموس فقد عزاه بعضهم إلى إصرار الحركة على تنظيم استفتاء حول استقلال إقليم كاتالونيا قد يؤدي إلى انفصاله عن الدولة المركزية، وهو ما ترفضه غالبية الناخبين الإسبان المتعاطفين مع اليسار، ولا سيما بعد الهزة التي أحدثها التصويت البريطاني لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويبقى الدرس الأساسي من هذه النتائج هو أن الخريطة السياسية لم تتغير بالمقارنة مع نتائج الانتخابات السابقة. كما فشل الرهان في أن تتمخض هذه الانتخابات عن حصول أحد الأطراف السياسية على أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل حكومة جديدة من دون الدخول في لعبة التحالفات. هكذا سيظل البرلمان الإسباني مشتتاً بين أربع قوى: المحافظون والاشتراكيون وبوديموس وثيوديدانوس. وسيكون لزاماً على هذه الأحزاب التي تتبادل الحذر حد الكره أحياناً في ما بينها العودة إلى السيناريوهات السابقة والتفاوض من أجل تكوين ائتلاف حكومي.

ومباشرة بعد الإعلان عن النتائج، بدأت لعبة المناورات بين هذه القوى السياسية. طالب ماريانو راخوي بما سمّاه "الحق في الحكم" بعدما فاز حزبه بالمرتبة الأولى. وقال راخوي أمام حشد من أنصاره تجمع قبالة مقر الحزب الشعبي في مدريد للاحتفال بالنصر "لقد انتصرنا ونحن نطالب بالحق في الحكم، وبالتحديد لأننا ربحنا الانتخابات". غير أن راخوي، على الرغم من كونه يترأس الآن أول حزب سياسي في البلاد، إلا أنه سيضطر إلى فتح قناة حوار مع ثيوديدانوس ونواب آخرين من الأحزاب الإقليمية الصغيرة إن هو أراد تكوين حكومة جديدة بسبب عدم توفر حزبه على الغالبية المطلقة في البرلمان.
من جهتهم أكد الاشتراكيون أنهم لن يدعموا راخوي في مسعاه لتشكيل حكومة جديدة "لا بالأعمال ولا بالامتناع عن التحرك". وقال الأمين التنظيمي للحزب الاشتراكي، سيزار لوينا، رداً على سؤال عما إذا كان "الاشتراكيون يمكن أن يمتنعوا" عن التصويت إذا جرى اقتراع على تنصيب راخوي لتشكيل حكومة، "إن "القرار سيأتي في أوانه لكن هدف الحزب الاشتراكي هو إقصاء راخوي". كما رفض الحزب الاشتراكي إمكانية الدخول في تحالف مع الحزب الشعبي والوسطيين في حركة ثيودادانوس.
وتتجه الأنظار حالياً إلى حركة بوديموس لمعرفة طبيعة التوجهات التي ستحكم سياستها في الأسابيع المقبلة ومدى تقييمها لفشلها في تجاوز الحزب الاشتراكي وهل سيؤدي هذا إلى تليين مواقفها تجاه الاشتراكي بعدما كانت مسؤولة عن فشل محاولة الاشتراكي لتكوين حكومة ائتلاف وطني يسارية تضم بوديموس.




دلالات