موعدان لتحديد مسار الأزمة اللبنانية: انتخاب الرئيس وجلسة الحكومة

26 سبتمبر 2016
يهدد العونيون بالشارع بدءاً من 13 أكتوبر (حسين بيضون)
+ الخط -
يشهد لبنان هذا الأسبوع موعدين مهمّين يمكن أن يحدّدا مسار الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ بدء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية في مايو/أيار 2014. فلا يزال السجال مستمراً حول الجلسة الخامسة بعد الأربعين لانتخاب الرئيس، المقرّر عقدها بعد غد الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول الجاري، في ظلّ أجواء متخبطة بين التفاؤل والتشاؤم بإمكانية نجاح الجلسة بتحديد اسم الرئيس العتيد. 

وشكّلت عودة زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، إلى بيروت عاملاً إضافياً في زيادة منسوب التفاؤل، على اعتبار أن وجود الحريري في العاصمة بعد أسابيع من الغياب عنها بين باريس والرياض قد يساهم في تفعيل التواصل القائم بينه وبين رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، في محاولة الأخير إقناع الحريري بانتخابه رئيساً للجمهورية، بما يعني ذلك إنهاء الأزمة الرئاسية وإطلاق عجلة الحلول على المستويات كافة.

وفي هذا الإطار، يقول مقرّب من عون، نائب رئيس البرلمان السابق إيلي الفرزلي، لـ"العربي الجديد" إنّ "عودة الرئيس سعد الحريري مؤشر إيجابي، قد لا يتم التوافق على انتخاب عون في الجلسة المقبلة، لكن القضية ليست قضية ساعة أو يوم، ولذلك متفائلون". ويؤكد الفرزلي على أنه "خارج صيغة انتخاب عون، الأمور ذاهبة باتجاه تجذير السعار والأزمة"، مضيفاً: "عون أو لا حلّ، يعني إعادة تفعيل المؤسسات ومنطق الدولة أو تسعير الأزمة".

وبينما لا تزال أوساط عون تحافظ على تفاؤلها بالاتصالات المستمرة بين الطرفين، جاءت المواقف الأخيرة الصادرة عن عدد من نواب "المستقبل" لتوضح سلبية الأمور وعدم وجود أي نيّة مستقبلية بدعم عون للرئاسة. ويؤكد النائب، عمار حوري، في اتصال مع "العربي الجديد" أنّ "الحريري عاد لكن ليس من أي جديد بعد"، مشدداً على أن التعطيل القائم في الرئاسة نابع من مقاطعة عون وحليفه حزب الله لجلسات الانتخاب. وبذلك يكون حوري قد نسف التفاؤل القائم حول توافق قريب بين الحريري وعون على الحلّ، وفق الصيغة القائلة بوصول عون إلى قصر بعبدا الرئاسي مقابل تولّي الحريري رئاسة الحكومة.


أما 29 سبتمبر/أيلول الجاري فهو موعد مهمّ آخر، إذ من المفترض أن يدعو رئيس الحكومة، تمام سلام، إلى جلسة لمجلس الوزراء، في ظلّ إعلان عون مقاطعة الجلسات الحكومية ضمن إطار سياسة التعطيل السياسي العام، بهدف الضغط على خصومه لانتخابه رئيساً للجمهورية. ولعل موضوع التمديد لقائد الجيش اللبناني، جان قهوجي، وتعيين رئيس للأركان في المؤسسة العسكرية، بندين ملحّين على جدول أعمال الحكومة، خصوصاً أنّ الشغور سيملأ هذين المنصبين منتصف ليل 29 سبتمر الجاري. وبالتالي على الحكومة الاجتماع لمنع الفراغ من الامتداد إلى قيادة الجيش. ويقول مستشارو رئيس الحكومة لـ"العربي الجديد" إنّ "قرار دعوة سلام لجلسة حكومية لم يُتّخذ بعد، وقد يتوصّل إلى قرار نهائي بهذا الشأن بغضون ساعات". ويضيف هؤلاء أنّ "الاتصالات مستمرة في هذا الإطار، لا سيما في ظلّ بنود ملحّة على جدول أعمال الحكومة". ويؤكد المستشارون أيضاً أنه تمّ البحث في الموضوع الحكومي بين سلام ووزير الخارجية، صهر عون جبران باسيل، خلال مشاركة الاثنين في القمة الدولية للاجئين التي انعقدت في نيويورك الأسبوع الماضي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشاروا إلى أنّ "الأجواء كانت إيجابية من دون التوصل إلى بلورة صيغة نهائية لانعقاد الحكومة".

ويقول الوزير رشيد درباس لـ"العربي الجديد" إنّ "الوزراء لم يتبلّغوا بعد بأي دعوة، ونحن جاهزون لحضور الجلسة في أي موعد كان"، لافتاً إلى وجود بنود ملحّة على جدول أعمال الحكومة، إضافة "لكون تعطيل الحكومة أيضاً أمراً منافياً للطبيعة والمنطق". وفي الوقت نفسه، تشير مصادر حكومية إلى أنّ "سلام مجبر على الدعوة لجلسة حكومية على الأقلّ في الشكل، لعدم خسارة آخر المؤسسات الدستورية القائمة، حتى لو لم تتخّذ الحكومة قرارات مهمة في ظلّ غياب وزراء عون".

ويبحث سلام إمكانية الدعوة إلى لقاء حكومي على غرار ما حصل قبل أسبوعين، لمناقشة الأزمة السياسية من دون أن يصدر عن المجتمعين أي قرارات، وذلك تلافياً لامتداد الصدام إلى داخل مجلس الوزراء. وينتظر رئيس الحكومة بحسب عدد من الوزراء "بعض الإشارات من جانب حزب الله، خصوصاً أنّ الأخير لن يترك عون وحيداً في جبهة التعطيل، لكن في الوقت نفسه لا يريد خوض التعطيل الحكومي". وبالتالي قد يستعيض سلام عن الدعوة إلى جلسة للحكومة بالدعوة إلى لقاء وزاري لمناقشة الأزمة، ليبقى ملف التمديد لقائد الجيش بيد وزير الدفاع، سمير مقبل، الذي من المفترض أن يصدر قراراً قبل 29 سبتمبر بالتمديد للعماد قهوجي، كما سبق وفعل العام الماضي.

وحول انعقاد الحكومة في ظلّ مقاطعة عون، قال الفرزلي إنّ "موضوع جلسة الحكومة ليس موضع اهتمام لدى عون، بل مجرّد تفصيل"، وهو ما يمكن تفسيره على أنه ضوء أخضر لانعقاد الحكومة أو لإصدار قرار التمديد لقهوجي. مع العلم أنه يمكن لعون التذرّع بتلك الدعوة لتحريك الشارع في ظل تحديد العونيين لموعد 13 أكتوبر/تشرين الأول، موعداً للتحرك، وذلك في ذكرى دخول الجيش السوري إلى قصر بعبدا الرئاسي (عام 1990) والإطاحة بالحكومة العسكرية برئاسة عون حينها، وتكريس الاحتلال العسكري السوري للبنان والوصاية السياسية والأمنية لدمشق على بيروت. إلا أنّ نواب تكتل عون والمسؤولين في التيار الوطني الحرّ، لا يزالون يتكتّمون على خطة التحرّك الشعبي، وذلك في إطار عامل المفاجأة الذي يسعى العونيون إلى الاعتماد عليه في حملتهم على خصومهم السياسيين.