من يقاتل القوات الحكومية العراقية في الأنبار؟

من يقاتل القوات الحكومية العراقية في الأنبار؟

31 مايو 2014
+ الخط -
يشغل هذا السؤال إعلاميين وصحافيين ومحللين سياسيين كثيرين، وفضائيات إعلامية عراقية وعربية، وكذلك الإعلام العالمي" من يقاتل الآن على أرض الأنبار، هل هم "داعش" أم العشائر؟ من يقاتل القوات الحكومية العراقية؟ ونجيب عن هذا السؤال المعقد  بشكل واضح  ومفصل.
علينا أولاً إعادة شريط الأحداث من جديد، لنتعرف على بداية الأزمة في الأنبار، ومن المتسبب فيها، ومن العشائر التي بادرت بإطلاق شرارة المعارك المسلحة، والكل يعرف أن المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية، بقيادة نوري المالكي، والعشائر، كانت جذورها الحقيقية منذ البداية قصة فض ساحات الاعتصام السلمية للعشائر بالقوة. وقضية الهجوم على منزل النائب الدكتور المعتقل، أحمد العلواني.
بالعودة إلى العشائر، فإن أول عشيرة أشهرت السلاح دفاعاً عن الأنبار، هي عشيرة البوفراج، إحدى قبائل  الدليم في العراق، لتكون الأولى في إشعال شرارة المواجهات المسلحة علناً ضد القوات الأمنية العراقية، لأن ساحة الاعتصام كانت بحماية هذه العشيرة التي التزمت في تعهد مسبق بالدفاع عنها.
كان يطلق عليها "ساحة العزة والكرامة"، وتحولت هذه العشيرة إلى كرة من نار مسلحة، فاجأت الجميع، فتدحرجت هذه النار لتحرق أرض الأنبار، وهذا ما تؤكده الصور والتسجيلات الفيديو عبر الإنترنت وما بثته، في حينها، القناة التابعة للحكومة العراقية، من خلال الاشتباكات العنيفة التي كانت تدور في هذه القرية الصغيرة والخسائر التي تكبدتها في قرى البوفراج، واعترافها بأنها كانت تقاتل خمسين مسلحاً فقط كانوا في جزيرة الرمادي.
بعدها امتدت  شرارة البوفراج إلى كل القرى العشائرية المجاورة في الجزيرة،  كالبوعلوان والبوعساف والبو ذياب والبوجابر والبوسودة والبوعلي الجاسم والبوبالي، وعشائر أخرى، لتشهد مناطق بعينها في الأنبار صراعاً مسلحاً عشائرياً، امتد إلى مدينة الفلوجة العراقية. وهنا، علينا أن نقولها واضحة صريحة إن البداية للقتال في الأنبار في مواجهة القوات الحكومية العراقية كان قتالاً عشائرياً بامتياز، ورد فعل لإعادة هيبة الأنبار والعشائر فيها.
أكثر من أربعة أشهر، وهذه العشائر تقاتل ومستمرة بالقتال، ومن يراقب الإعلام العربي والعالمي، في هذه الفترة، يجد أنه كانت تتردد فيها كلمة داعش، بعد أن كانت أغلب المحطات الفضائية، في بادئ الأمر، تطلق على المسلحين في الفلوجة والرمادي ثوار العشائر. فجأة، وبعد أيام قلائل، بدأ ترويج داعش والدولة الإسلامية في العراق والشام، وأنها دخلت أرض الأنبار، وتحديدا الفلوجة، بعدما تركت الصحراء والأراضي السورية، متوجهة إلى القرى والمدن في الفلوجة.
كأن الموضوع ترتب من الناحيتين، الإعلامية والعسكرية، بشكل جيد، لتشهد مراكز شرطة في جزيرة الرمادي وأحياء الفلوجة حرقاً كاملاً واحتلالاً لقسم منها، وسيطرة داعش عليها هنا. بالفعل، يلاحظ المتابع أن الإعلام بدأ بالتضليل، واستخدام هذه الورقة لتكون داعش حاضرة، وبقوة، على لسان الحكومة العراقية والمتعاطفين معها، في كل تصريح صحافي، أو ظهور إعلامي. والقول إن جميع حاملي السلاح في الفلوجة والرمادي هم من عناصر داعش ذريعة، بحسب محللين   عسكريين   عراقيين،   لاستخدام القوة المفرطة ضد  أهالي الأنبار وارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين.
وكثرة استخدام كلمة داعش في الإعلام العالمي والعربي أفسد آراء وحقائق عديدة، حتى أصبح لدينا، نحن الإعلاميين والصحافيين والمحللين والكتاب، خلط واضح وعدم تفريق بين المسلحين من داعش والعشائر، وبدأنا نرددها عبر الإعلام، ونسأل عمن يقاتل الآن على أرض الأنبار، هل هم داعش فعلاً، الجماعة المتهمة من أطراف عشائرية مسلحة، وشخصيات دينية عراقية فاعلة، بأنها  صنيعة إيرانية مالكية، وورقة لنوري المالكي، يتبجح بها أمام العالم لكسب تعاطفهم.
هنا، يغيب الإعلام المهني بسبب التشويش، ويغيب عنا دور الميليشيات التي بدأت تبرز بشكل خطير وفاعل على الساحة العراقية الأمنية، وخصوصاً في الأنبار، لأنها لا تقل خطورة وضراوة من "داعش" وغيرها من الجماعات المسلحة التي ترفع السلاح، الآن، بمسميات كثيرة وأهداف عديدة في العراق. وتؤكد مصادر من الفلوجة والرمادي، فاعلة على الساحة، أن أغلب من يحمل السلاح، الآن، ويقاتل القوات الحكومية  العراقية هي تلك الفصائل المسلحة نفسها التي لعبت دورا مهماً وكبيرا في مقاتلة المحتل الأميركي، آنذاك، التي  تعددت  أسماؤها، وهي معروفة لدى عراقيين كثيرين، ولاحاجة لذكر الأسماء، بالإضافة إلى أن المصدر يفيد بأن أغلب المقاتلين الآخرين في الساحة هم من الفصائل الجديدة التي تشكلت بعد  اندلاع المواجهات المسلحة مباشرة، وغالبيتهم من أبناء العشائر، يجمعهم المجلس العسكري لثوار العراق، والذي يضم شخصيات عشائرية عراقية معروفة، من الضباط الكبار السابقين، ذوي الرتب الرفيعة في الجيش العراقي السابق.
أما عناصر داعش والجماعات المسلحة الأخرى، مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام، فهم موجودون أيضا. لكن، بنسب قليلة، ولا يوجد أي  تنسيق،  أو تعاون،  بينهم وبين  ثوار العشائر على الساحة يذكر، بحسب المصدر. وأعتقد، الآن، أن الصورة بدأت تصير أكثر وضوحا للإعلاميين والصحافيين والمحطات الإعلامية المهمة، ويجب علينا الفصل بين داعش والعشائر التي تطالب بحقوق في مقاتلة القوات الحكومية، والفصل بين المدنيين العزل والمسلحين على أرض الأنبار أيضاً.

 

avata
avata
أحمد الفراجي (العراق)
أحمد الفراجي (العراق)