المالكي إلى ولاية ثالثة والسنة إلى الفيدرالية

المالكي إلى ولاية ثالثة والسنة إلى الفيدرالية

29 مايو 2014
+ الخط -

قد يكون عنوان المقال غريباً، ويحمل الكثير من التشاؤم والمفاجأة لدى خصوم نوري المالكي، ولبعض السنة المعارضين فكرة إنشاء الفيدرالية، لكن هذا هو الواقع السياسي المر في العراق مبنيّ دائماً على المفاجآت. أذكر أنني قبل عام تقريباً، وبعد خروج العرب السنة عن صمتهم المطبق، وانتفاض ست محافظات عراقية منددة بسياسة المالكي، حينها، وبعد أسبوع كتبت مقالاً، وكنت أول من كتب ذلك المقال بكل وضوح، وكان عنوانه "المالكي يدفع بسنة العراق نحو إعلان الإقليم أو الاقتتال". هكذا كان العنوان، ويومها اتهمني مغرضون كثيرون، بأنني أريد تمزيق العراق، وشق اللحمة الوطنية بين صفوف العراقيين، وهو كان تحليلاً وإبداء رأي لا أكثر ولا أقل، والغريب، وبعد سنة من الحراك السلمي، إلى حين فضه بالقوة وتحويله إلى اقتتال، وهنا أصبت وتمكنت من تحليل ما ينوي فعله المالكي بالمعتصمين مستقبلا. 
نجح في تحقيق مطلبه بدفع السنة إلى الاقتتال، وبعد أشهر من هذا الاقتتال الصعب المر على الطرفين، يبدو أن الجمهور السني الآن حزم أمره باتجاه الفيدرالية، وبات الموضوع أمراً ضرورياً واقعاً ملحاً في ظل الظرف الراهن، لجملة من الأسباب، أولها أن خوض العرب السنة الانتخابات أصبح موضوعاً جدلياً كبيراً. وهنا السؤال الذي بدأ يُطرح بين جموع الجمهور السني، من ننتخب؟ هل ننتخب من باع المحافظة الأنبار (شلع قلع والسنة) إلى المالكي، والسؤال الأهم ماذا سيحصل لنا ولمستقبلنا، لو ذهبنا فهل سيتغير واقعنا الأليم؟
هنا كيف نذهب للانتخابات ونحن مهجرون مذبّحون من الوريد إلى الوريد، وسائل يسأل كيف ينتخبون، وهم حالهم كحال اللاجئين السوريين في إقليم كردستان الحبيب والمحافظات العراقية الحبيبة الأخرى؟ أعتقد هذا هو المخطط، والذي يراد للسنة في الانتخابات المقبلة أن لا يشاركوا، أو بالأحرى أن لا ينتخبوا أصلا، ولولا هذا الهدف لما قرعت طبول الحرب لقتل الناس، وتدمير المحافظة، وحتى تعاد إلينا المعزوفة من الحكومة القادمة، متمثلة بالبرلمان الجديد أن السنة أقلية، وهذا ما أفرزته نتائج الانتخابات، وعلى السنة أن يرضوا بالفتات. كلها رسائل فهمت من العرب السنة أن لا تمثيل حقيقياً لهم في الحكومة المقبلة، وأن الوضع سيبقى على ما هو عليه سياسياً.
سياسة المالكي والسياسات الماضية التي تعاقبت على حكم العراق، قبل المالكي، جعلتهم يفكرون بهذه الطريقة، وكلام أمير قبائل الدليم، الشيخ علي الحاتم، قبل أيام، عبر أحد بياناته كان واضحاً صريحاً في هذا الشأن. قال إن السنة في حال تسلم المالكي ولاية ثالثة أمامهم خيار واحد للخلاص، هو الإقليم، لحل هذه المشكلة، العويصة منذ سنوات، مع الحكومة المركزية وحقن الدماء وتجنيب العراق التقسيم، هو إقامة الإقليم وحكم ست محافظات نفسها بنفسها ضمن إقليم إداري ضمن العراق الواحد.
المالكي لولاية ثالثة هو عنوان وتحليل شخصي، وقد يكون في هذا الوقت والحديث عنه مبكراً، لكنني من متابعتي الأخيرة للرجل، وخصوصاً بعد إطاحة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وشخصيات شيعية بارزة، وتصفية كل المنافسين له، أرى أنه بات واثقاً عازماً مطمئناً نحو قيادة العراق لولاية ثالثة. أكرر هذا مجرد تحليل شخصي، يحمل الخطأ والصواب، بالإضافة إلى الدعم الدولي له. وقد بدأ يقوي نفسه أكثر فأكثر، مستغلّاً نفوذه الداخلي والخارجي. وأعتقد أنه ليس من السهل أن يترك المالكي الحكم، ويغادر طموحه المستميت لولاية ثالثة، وليس من السهل على إيران وأميركا وروسيا ودول أخرى لها نفوذ في العراق أن تفرط بشخصية مثل المالكي. 

 

avata
avata
أحمد الفراجي (العراق)
أحمد الفراجي (العراق)