مكامن الضعف بقرار ليبيا استبدال دعم المحروقات بعلاوات نقدية

مكامن الضعف بقرار ليبيا استبدال دعم المحروقات بعلاوات نقدية

14 ابريل 2020
رفع الدعم يزيد الأعباء ويكافح التهريب (فرانس برس)
+ الخط -
حذر خبراء اقتصاديون ليبيون من الآثار التي قد تترتب في زمن الحرب على القرار الذي اتخذه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أمس الاثنين، بشأن رفع الدعم عن المحروقات، على أن يتم تفعيل علاوة العائلة ومنحة الزوجة والأبناء، بموجب القانونين 6 و27 لسنة 2013، من أجل تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت به الحكومة منذ نهاية 2018.

وكانت علاوة العائلة بقيمة 4 دنانير للزوجة ودينارين للأبناء، وتم تعديلها عام 2013، لتصل إلى 100 دينار لكل طفل، وتستحق الزوجة الليبية التي لا تتقاضى أي مرتب أو أجر أو منحة أو علاوة وما في حكمها منحة شهرية قدرها 150 دينارًا شهريًا.

ويأتي المقترح مع نقص كبير في المحروقات، بسبب قفل الحقول والموانئ النفطية، إذ تصطف الطوابير على البنزين منذ ساعات الصباح الأولى على محطات الوقود، بينما يشكو سكان الجنوب الليبي من نقص إمدادات البنزين الذي يناهز سعره في السوق الموازي عشرة أضعاف السعر الرسمي. وتدعم ليبيا المنتجات النفطية، ويباع لتر البنزين في ليبيا بسعر 0.15 دينار للتر الواحد.
وتشير وزارة الاقتصاد عبر برنامج رفع الدعم عن المحروقات، إلى أن الخيار الأول يقضي برفع سعر لتر البنزين إلى دينار ونصف دينار، فيما يتضمن الخيار الثاني رفع سعر لتر البنزين تدريجا على مدى فترة زمنية تصل إلى سنتين وصولًا إلى سعر الكلفة.

وأحالت الوزارة قيمة الدعم وآلية توزيعه للمواطنين إلى المجلس الرئاسي لإصدار القرار المناسب بعد التأكد من قدرة المصرف المركزي على توصيل قيمة الدعم للمواطنين من خلال المنظومة المصرفية بيسر وسلاسة وبما يضمن نجاح البرنامج.

وقال وزير الاقتصاد في حكومة الوفاق الوطني على العيساوي، في تصريحات صحافية، إن الدعم الحالي للمحروقات تشويه للاقتصاد الوطني، إذ إن ما نسبته 40% يُهرّب إلى خارج الحدود.
وأضاف أن استبدال الدعم العيني بالنقدي يحقق مبدأ العدالة في التوزيع ووصوله إلى مستحقيه مع ترشيد الاستهلاك بنسبة بين 30% و40% والقضاء على ظاهرة التهريب وقنوات تسريب المحروقات إلى أقل ما يمكن وبما يحقق انخفاض فاتورة شراء الوقود بالنقد الأجنبي بنسبة 25%.
في السياق، قال الباحث الاقتصادي عبد الحميد سالم لـ"العربي الجديد"، إن الوقت غير مناسب حاليا لرفع الدعم عن المحروقات واستبداله بالدعم النقدي، نتيجة نزوح معظم العائلات بسبب الحرب. ورأى مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية أن الإصلاحات تتضمن رفع الدعم وخفض قيمة العملة وتحرير السلع العامة، وأن الاقتصاد يعتمد بشكل شبه مطلق على النفط في تحديد احتياجاته الغذائية.
وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن كلفة المحروقات النفطية تتحدد بمجموع تكاليف المراحل المختلفة لعمليات الإمداد المعروفة، أو سلسلة العرض النفطي، والتي تبدأ بمرحلة الإنتاج وتنتهي بمرحلة وصولها إلى المستهلك.
أما المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن هناك تهريبا للبنزين بسبب الدعم الذي توفره الحكومة، وإن استبدال الدعم للمحروقات بالدعم النقدي تكون فيه عدالة للجميع ويقلل عمليات التهريب للدول المجاورة.
وتعاني ليبيا، وهي من أهم منتجي النفط في أفريقيا، من أزمات وقود متلاحقة بفعل تهريب كميات هائلة من الوقود لدول مجاورة عبر الشحن البحري أو البري، استغلالا للدعم السخي الذي تقدمه الحكومة لهذه السلعة. إذ أنفقت ليبيا 7.3 مليارات دينار، تعادل 5.25 مليارات دولار، كدعم للمحروقات عام 2019.
ومنذ أوائل إبريل/نيسان 2019، دخلت الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في نزاع مسلح في طرابلس وحولها ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يحاول السيطرة على العاصمة وإطاحة الحكومة، ويُوزَّع الوقود في طرابلس عبر 4 شركات، هي "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" وشركة "خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط" التي استُحدثت مطلع عام 2007.

وفي مارس/آذار 2016، قدرت لجنة الأمم المتحدة أن تهريب الوقود كان أحد مصادر التمويل الرئيسية للجماعات المسلحة في البلاد، إلى جانب الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة. ويقدر أنها توظف نحو 500 شخص من خلال ما يقرب من 20 شبكة.

دلالات

المساهمون