مقالة "الترفيه الحلال" تستفزّ المسلمين

مقالة "الترفيه الحلال" تستفزّ المسلمين

21 فبراير 2014
منتزه ليجولاند للأطفال في بريطانيا
+ الخط -

تسببت مقالة نشرها كاتب في صحيفة "ديلي ميل"، الثلاثاء الماضي، بضجة داخل الجالية المسلمة في العاصمة البريطانية، بدعوى تضمنها الحضّ على الكراهية والعنصرية. والمقالة التي نشرها ريتشارد ليتلجون بعنوان "نزهة الاولاد الجهاديين الى ليغولاند" (مدينة ملاه في مقاطعة بيركشير غرب لندن)،اعتمدت على اخبار تسربت له عن اعتزام الجالية المسلمة في شرق لندن القيام برحلة عائلية الى "ليغولاند" الشهر المقبل، واستخدامه عبارات ساخرة تتهكم على تفاصيل ذلك اليوم.  

 

 

وقام الكاتب بشرح تفصيلي لليوم الذي يتخيله، ويبدأ في الثامنة صباحا بالصلاة بقيادة أحد الشيوخ الهاربين عبر الأقمار الاصطناعية من اليمن، ثم التحرك بحافلات الساعة التاسعة على أن يتم فصل البنات والأولاد وقطع أيدي من يوجد معه ساندويتش به لحم خنازير. ويصف الكاتب في مقاله الساخر تفاصيل أخرى لليوم تشمل قيام سائق بتفجير نفسه أمام البرلمان ليذهب إلى الجنة، حيث تنتظره 72 حور عين. وعند وصول المنتزه سيتم تذكير الضيوف بأن سماع الموسيقى والرقص عقوبتهما الإعدام، مع الامتناع عن استخدام الهواتف المحمولة التي قد تقوم بتفجير الأحزمة الناسفة التي يرتديها أفراد الأمن الخاصة بالرحلة دون قصد. وفي بداية الزيارة "ستذهب البنات الى خيمة الفراعنة ليتلقين عملية الختان، بينما سيذهب الاولاد الى خيمة الفايكنغ للتجنيد للجهاد في سوريا لأن الرقص والغناء عقوبتهما الموت". "وفي الحادية عشرة ستقام صلاة الصباح يقودها الشيخ أبو حمزة المصري مباشرة من زنزانته في اريزونا". وسيحث في خطبته على رجم المثليين جنسيا والزناة بمكعبات الليغو. أما وجبة منتصف اليوم فتم إلغاؤها بسبب صيام المتواجدين وعقوبة الإعدام تنتظر من يحاول تهريب الأكل إلى المنتزه.

الساعة الواحدة خصصت لـ "الترانيم" مع غناء "الموت لأمريكا، الموت لليهود". في تمام الساعة الثانية يقوم شهداء تاور هاملتس (مقر المؤسسة) بهجمات على الفندق المتواجد في المنتزه على غرار هجمات مومباي..

صلاة الرابعة عصراً ستتم، وفق المقال، بقيادة أيمن الظواهري مع توفير إرشادات لعمل أسلحة من مكعبات الليغو وتهريبها عبر أجهزة المطار دون أن يتم كشفها. وتتوجه الفتيات في الرابعة والنصف الى الخيمة للكشف عن عمليات الختان، أما الصبية فيتوجهون إلى خيمة الأقصى لتجنيدهم ليتم نقلهم إلى سوريا.

وختام اليوم يأتي في السابعة مساءً بألعاب نارية وحرق دمى جورج بوش وتوني بلير ومايلي سايرس (فنانة أمريكية) كلها مصنوعة من المكعبات. وأثناء تصاعد النيران يقوم هيثم الحداد بإعادة تمثيل هجوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول باستخدام طائرتين بالريموت كنترول.

 

ردود فعل غاضبة

اصيب القراء بحالة من الغضب وأثار المقال عاصفة من الاحتجاجات. قام العديد بإرسال شكواهم إلى رئاسة تحرير الجريدة وقام آخرون بحملة ضد الكاتب والجريدة لسماحها بنشر المقال بهذه الطريقة. وكان أحد المهاجمين للمقال صحافي في الجريدة نفسها، بيتر اوسبورن، الذي وصف المقالة بـ "مقالة مقززة متعصبة لكراهية الإسلام".

كما استدرجت المقالة ردا على شكل رسالة الى رئيس تحرير "ديلي ميل"، وقعت عليها 25 منظمة اسلامية ومتعددة العقائد، تتهم ريتشارد ليتلجون بـ "نشر الصور النمطية البغيضة عن المسلمين" و"ترديد الافتراءات المستخدمة التي توجد عادة في المواقع العنصرية واليمين المتطرف". ومن اهم الاسماء الموقعة فاروق مراد، أمين عام المجلس الاسلامي في بريطانيا.

ويؤكد الموقعون انهم لا يدافعون عن الشيخ هيثم حداد (متشدد من اصل فلسطيني)، فهو قادر على ان يفعل ذلك بنفسه، لكنهم يستهجنون التهكم الذي لجأ اليه الكاتب الساخر لنشر موقف معاد للمسلمين. وقالت الرسالة إن الكاتب باستشهاده بخطاب الكراهية من قبل فرد واحد ساهم هو نفسه في "نشر خطاب الكراهية". وتابعت: هذه المادة نفسها "أسوأ شكل من أشكال التعصب". وتدعو الرسالة بول داكر، رئيس تحرير صحيفة "ديلي ميل"، الى "التراجع" عن نشر المقالة، وإلى إصدار اعتذار "ليس فقط للمسلمين البريطانيين، بل للقراء والجمهور البريطاني العظيم بأسره".

المقالة حققت مشاركة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وصل الى 12,020 مشاركة لحظة كتابة هذا المقال، ويبدو ان اليمين المتطرف شارك فيها، اذ انه أعلن انه يستعد للتظاهر امام "ليغولاند" في ذلك اليوم. كما استدرجت 286 تعليقا بين مسلمين يرفضون تعميم تطرف الشيخ الحداد، ومتطرفين يمينيين يعلقون بلهجة تعكس الى أي مدى ولدت المقالة الكراهية ضد المسلمين، تتخللها بعض التعليقات المعتدلة من بريطانيين رافضين لخطاب التطرف من الكاتب وغيره.

بيان هيثم الحداد

قام هيثم الحداد بنشر رد على ما جاء في المقال عبر شبكة الإنترنت متهما الكاتب والجريدة بالافتراء عليه ونسب أمور اليه  قام بنفيها عبر السنوات الماضية.

ونفى الحداد في بيانه أن يكون من أنصار أسامة بن لادن، مؤكدا أن ما نقل على لسانه هو سوء فهم من صحافة لم تقم بأداء عملها بشكل جيد ولم تقم بسؤاله، بل اكتفت بمهاجمتهمن  دون توفير حق الرد.

وأضاف الحداد أن المقال، من وجهة نظره، هدفه استحضار الكراهية لقيم تحث عليها الديانة المسيحية الأرثوذكسية قبل الإسلامية، وأن الانطباع الذي قدمه المقال يخالف تماماً  فكر الحداد "حيث يوجد إجماع سائد بين علماء الدين الإسلامي على المشاركة الديمقراطية وحقوق المرأة واحترام الديانات الأخرى".

وفي نهاية بيانه قال الحداد إن الهدف من المقال هو محاولة "للحد من حرية التعبير المشروعة" في بريطانيا، مشيراً إلى أن حرية التعبير والمعتقد الديني هي قيم تقليدية تمسكت بها المملكة، ولكن يبدو أن الحكومة الحالية تحاول إلغاءها.

 

استعدادات أمنية

في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، كشفت شرطة "تايمز فالي" علمها برسائل مسيئة وتهديدات متعلقة باستخدام المنتزه بشكل خاص في شهر مارس/آذار، وعن احتمال قيام بعض الناس بمظاهرة في اليوم نفسه. وتقوم الشرطة بالتواصل مع إدارة ليجولاند حول التطورات. أما رسائل التهديد والرسائل المسيئة فسيتم التعامل معها ومحاكمة بعض المسيئين إذا ما لزم الأمر، وتحديد المسؤولين عنها.

وتعهدت الشرطة في التصريح بتوفير قوة من الشرطة في حال القيام بتظاهرات في هذا اليوم للتأكد من سلمية التظاهرة وتوفير الأمن، كما تعهدت باتخاذ إجراءات سريعة وقوية ضد أي شخص ينشر رسائل مسيئة أو تهديدات على شبكات التواصل الاجتماعي أو على شبكة الإنترنت.

المساهمون