معدّل المواليد حالة طوارئ أميركية

معدّل المواليد حالة طوارئ أميركية

17 اغسطس 2016
يلعب مع طفلته (Getty)
+ الخط -
الأرقام الأخيرة لمعدل المواليد في الولايات المتحدة كارثية. فهي تشير إلى 59.6 ولادة فقط لكلّ ألف امرأة. وهو أدنى معدل على الإطلاق في تاريخ البلاد.

يشير موقع مجلة "ذا ويك" إلى أنّ جزءاً من أسباب انخفاض المعدل سارّ، فهو يشير إلى انخفاض حالات الحمل بين مراهقات البلاد. لكنّ جزءاً آخر غير سارّ، يشير إلى تأخر سنّ الزواج، وتأخر قرار المتزوجين (وأصحاب العلاقات الطويلة) في الإنجاب. أما الجزء الأسوأ على الإطلاق فهو مواجهة القضية بلا مبالاة.

ارتفاع نسبة المواليد ليس مؤشراً فقط على القدرة على الإنجاب لدى المواطنين، بل له جانب ثقافي- اجتماعي، يتعلق باستعداد الناس لتحمل المسؤولية تجاه أشخاص آخرين؛ وفي هذه الحالة أطفالهم.

كذلك، فإنّ ارتفاع نسبة المواليد ترتبط بالصحة الوطنية التي يمكن أن تجد ترجمة مباشرة لها مالياً في الدول الصناعية والاقتصادات الكبرى. فكلما كان هناك أشخاص أكثر تناسلاً في المجتمع كان هناك أشخاص أكثر إنتاجاً، أي أشخاص أكثر في سنّ الإنتاج، وبالتالي كان الاقتصاد أفضل. هي فكرة رأسمالية تعود إلى القرن السابع عشر، فقد كتب جان بودن: "الثروة الوحيدة هي الناس".

يشهد العالم بأكمله اليوم انخفاضاً في نسبة الأشخاص المنتجين. وهو ما يدفع مباشرة إلى ملاحظة الاستحقاقات التي يحصل عليها الأشخاص غير المنتجين، خصوصاً كبار السنّ من خلال عمل هؤلاء المنتجين الذين يتضاءلون.

في أميركا بالذات، ترتبك البرامج الحكومية التي تشجع على الإنجاب. وفي الوقت الحالي، فإنّ 40 في المائة من النساء الأميركيات يلدن أطفالاً أقلّ مما يرغبن هن أنفسهن فيه. هناك العديد من السياسات التي يمكن أن تملأ هذه الفجوة في عدد المواليد المتناقص، وليس الأمر متعلقاً فقط بتشجيع الإنجاب، بل أيضاً وبشكل أساسي، بما بعد الإنجاب من ضمانات للأطفال والأهل. ومن ذلك الإعفاء من الضرائب. كذلك، لا بدّ من الاعتناء بتربية الطفل وليس فقط إنجابه، وهنا يتطلب الأمر إصلاحاً في أنظمة التعليم تجعل الأهل الذين لديهم الكثير من الأطفال يتمكنون من إرسالهم إلى مدارس جيدة تضمن مستقبلهم. بالإضافة إلى كلّ ذلك، فإنّ الأمن السكني هو الأكثر أهمية على الإطلاق، وهنا لا بدّ للسلطات من وضع قوانين تواجه الغلاء الكبير في المساكن.

كلّ هذه التأملات نابعة من الواقع الحالي، الذي لا يتحقق فيه شيء من ذلك، فتتراجع أعداد المواليد في الولايات المتحدة. البلاد بالرغم من ثرواتها الهائلة واقتصادها الأكبر في العالم واقعة في حالة طوارئ قد تستمر طويلاً كلما ساءت الأحوال أكثر.

المساهمون