مصر: معارضة مبارك الشكلية تعود لأحضان الفلول

مصر: معارضة مبارك الشكلية تعود لأحضان الفلول

23 اغسطس 2014
الفلول يستعدون للانتخابات البرلمانية المقبلة (عمرو صلاح الدين/الأناضول/Getty)
+ الخط -
عادت أحزاب المعارضة الشكلية، أيام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، إلى الظهور مجدداً في الساحة السياسية المصرية، ضمن أحضان الفلول، من أجل لعب الدور نفسه الذي كان منوطاً بها، فقد وُصفت تلك الأحزاب بأنها "ديكور سياسي"، في فترة ما قبل ثورة 25 يناير، لسيرها في فلك النظام آنذاك، وهي التي تربّت في الحديقة الخلفية لنظام مبارك.

بلغ عدد الأحزاب المصرية قبل ثورة يناير، 23 حزباً، ولم يكن لها أي تأثير في الحياة السياسية، ولا يعرف عنها المواطن شيئاً، سوى بضعة أسماء منها، وحاولت تلك الأحزاب "الهامشية"، ركوب موجة الثورة عقب نجاحها في إطاحة نظام مبارك في العام 2011.

وكانت اللجنة التى توافق على تأسيس الأحزاب، وتجميدها، إبان عهد مبارك، برئاسة رئيس مجلس الشورى، أحد أبرز قيادات الحزب "الوطني" السابق، وآخر أمين عام له، صفوت الشريف، وبالتالي فإن اللجنة لم تمرر سوى أحزاب "كرتونية"، ممن يرضى عنها النظام.

وعارض كثير من هذه الأحزاب الدعوة إلى التظاهر يوم 25 يناير، الذي كان يوم شرارة للثورة، ووصفها رئيس حزب "التجمّع" حينها، رفعت السعيد، بأنها "دعوة إلى تشويه هذا اليوم التاريخي"، في إشارة "لعيد الشرطة"، التي مارست كل أنواع الانتهاكات ضد المصريين، وثاروا على النظام في هذا اليوم لأجلها.

ولم يكن غريباً أن ترتمي بعض هذه الأحزاب في أحضان التحالفات الانتخابية التي أسسها أعضاء الحزب "الوطني" السابقين، عقب انقلاب الثالث من يوليو/تموز العام الماضي، وتولّي قائده، عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم.

الجبهة المصرية

شكلت "الجبهة المصرية" أول تحالف انتخابي أعلن عن تدشينه رسمياً، ويضم أكبر الأحزاب المنبثقة عن الحزب "الوطني" المنحل، مثل أحزاب "الحركة الوطنية"، و"مصر بلدي"، و"المؤتمر"، وهي الأحزاب التي تضم قيادات سابقة في نظام مبارك.

كذلك تضّم بعض الأحزاب التي كانت تصف نفسها بـ"المعارضة" قبل ثورة يناير، وأبرزها: حزب "التجمع" ذو التوجه اليساري، وحزب "الغد"، وحزب "الجيل"، الذى يرأسه ناجي الشهابي، أحد المعينين في مجلس الشورى في عهد مبارك، الذي نجح على قوائم حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، في انتخابات مجلس الشورى لعام 2012.

أما حزب "الوفد" الليبرالي، أكبر أحزاب المعارضة قبل ثورة يناير، فقد دخل في تحالف انتخابي مع حزب "المحافظين"، الذى يرأسه أحد رموز الحزب "الوطني"، أكمل قرطام.

ومنذ انتخابات أول برلمان عقب الثورة، وحتى الآن، فتح "الوفد" أبوابه لرموز الحزب "الوطني" المنحلّ، إذ دخل عدد من رموز الحزب المنحل إلى البرلمان على قوائمه، كما انضم إلى الحزب الأمين العام لـ"الوطني" بمحافظة الجيزة، هاني الناظر، بالإضافة إلى مدير مكتب مبارك، وكاتم أسراره، مصطفى الفقي.

وانضم رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، الذي يجيد اللعب على كل الحبال، وفي كل العصور، للحزب عام 1983، وانتخب سكرتيراً عاماً عام 2000 وحتى عام 2005، وفي عام 2010 انتخب رئيساً للحزب، وأعيد انتخابه مرة أخرى للرئاسة خلال العام الجاري فى انتخابات واجهت اتهامات بالتزوير.

وشهدت الانتخابات الأخيرة لرئاسة الحزب، خلافات كبيرة بين البدوي، وحليفه الرئيسي، سكرتير عام الحزب، فؤاد بدراوي، بسبب تراجع البدوي، عن الاتفاق الذي كان بين الاثنين خلال انتخابات 2010، بأن ينسحب بدراوي من الانتخابات لصالح البدوي، مقابل أن يترك الأخير رئاسة الحزب للأول، في انتخابات 2014.

الأمر الذي لم يحدث، فخاض البدوي الانتخابات أمام بدراوي، وفاز فيها، إلا أن الخاسر قام بالطعن على الانتخابات أمام القضاء الاداري، وخصوصاً بعدما أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات، وجود تلاعب في عدد المصوتين.

وكان البدوي قد اشترى، عقب انتخابه رئيساً للحزب عام 2010، جريدة "الدستور"، أكبر جريدة معارضة لنظام مبارك في ذلك الوقت، وعزل رئيس تحريرها، إبراهيم عيسى، وسبب بذلك أزمة عاصفة في الجريدة، بعدما غير خطها التحريري المعارض للنظام، ونالته اتهامات بوجود صفقة بينه وبين النظام للتخلص من الجريدة المعارضة.

وتحدث البعض عن صفقة حصل بمقتضاها "الوفد" على عدد من مقاعد البرلمان في انتخابات برلمان 2010، وهو ما نفاه البدوي، وقرر الحزب الانسحاب من جولة الإعادة للانتخابات، التي شهدت وقائع تزوير غير مسبوقة، كما قررت جماعة الإخوان الانسحاب منها آنذاك.

وعقب ثورة يناير، تقرّب حزب "الوفد" من جماعة "الإخوان"، وحزبها السياسي "الحرية والعدالة"، ودارت مباحثات طويلة للاتفاق على إنشاء تحالف انتخابي مشترك، إلا أن البدوي اضطر للانسحاب من التحالف، نظراً لكثرة أعضاء الحزب الراغبين فى الترشح، وقرر خوض الانتخابات منفرداً على جميع المقاعد، وحصل على نحو 9 في المئة من مقاعد البرلمان.

وتعرض الحزب لانتقادات شديدة، نتيجة خوض عدد كبير من أعضاء حزب مبارك المنحل الانتخابات على قوائمه.

"التجمع" والصفقات مع النظام
معضلة أخرى تبرز، وهذه المرة في حزب "التجمّع". إذ لم يكن خالد محيي الدين يعلم أن الحزب، الذي أسسه ليكون منبراً لليسار المصري، سيصبح "عاراً"على التيار بأسره، كما يصفه الآن بعض نشطاء اليسار في مصر.

فمنذ تولى رفعت السعيد رئاسة الحزب خلفاً لمحيي الدين عام 2005، انقلب الحزب من المعارضة الحقيقية إلى المعارضة الشكلية، وظلّ بلا أي دور معارض يذكر.

وكانت الصفقة الكبرى في انتخابات مجلس الشعب 2010، التي شهدت تزويراً غير مسبوق، قد تسبّبت في انسحاب كل من حزب "الوفد"، وجماعة "الاخوان المسلمين" من جولة الاعادة في الانتخابات، إلا أن "التجمّع" أكمل الانتخابات وحصل على عدد من المقاعد بالتزوير، ما تسبب في استقالة عدد كبير من أعضائه، وعلى رأسهم القيادي في الحزب، البدري فرغلي.

وكان موقف الحزب الرافض للدعوة إلى تظاهرات 25 يناير، من أبرز سقطاته، إذ حاول استثمار الثورة بعد ذلك، وانضم بعدها إلى التحالف الانتخابي، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، وضم إلى جانب "التجمع"، حزبي "المصريين الأحرار" و"المصري الديمقراطي".

ومؤخراً، انضم "التجمع" إلى تحالف "الجبهة المصرية" الذي يعرف مجازاً بتحالف "الفلول"، بسبب تواجد الأحزاب التى تضم فلول الحزب "الوطني" المنحل.

 
وإذا كانت الأحزاب قد شهدت صراعات جمّة، إلا أن حزب "الغد"، شهد انقضاض رجل الأعمال، موسى مصطفى موسى، على رئاسة الحزب الذي أسسه وتولى رئاسته السياسي المصري البارز، أيمن نور، عقب مواجهة الأخير لمبارك، في أوج قوته في انتخابات الرئاسة عام 2005، وحصوله على المركز الثاني، إذ لفق له النظام قضية تزوير توكيلات الحزب، وزج به بالسجن لمدة خمس سنوات، التهمة التي اعتبرها كثير من المراقبين سياسية بامتياز.

وخلال تلك الأزمة، عقد موسى مصطفى موسى، ورجب هلال حميده، رفيق أيمن نور، مؤتمراً عاماً للحزب، ثم أعلن موسى رئاسته للحزب، وفصل نور منه.

وقد أدّى فصل نور إلى انقسام داخل الحزب، الذي كان يتوقع له مراقبون أن يقود معارضة حقيقية للنظام بعيداً عن بقية الأحزاب، التي كانت توصف بـ"الديكور"، وتبين من مواقف موسى وحزبه، المؤيدة لنظام مبارك، أنه كان مدفوعاً من النظام الحاكم لتفخيخ الحزب المعارض.

وفشل حزب موسى في الحصول على مقاعد فى البرلمان الماضي، ودخل في تحالف الفلول "الجبهة المصرية"، لضمان الحصول على أي جزء من كعكة البرلمان المقبل.

"الجبهة" من الثورة إلى الثورة المضادة
حزب "الجبهة الديمقراطية"، كان الوحيد الذي اتخذ مواقف معارضة حقيقية في وجه نظام مبارك، إذ شارك في اجتماعات "الجمعية الوطنية للتغيير" التي شكلها الدكتور محمد البرادعي، كما أعلن مشاركته في تظاهرات 25 يناير، إلا أن موقف الحزب وقياداته، تغيّر بصورة جذرية خلال المرحلة الانتقالية التالية للثورة.

مؤسس الحزب، أسامة الغزالي حرب، القيادي المستقيل من الحزب "الوطني"، كان أحد المقربين من المجلس العسكري، الذى اعتبره الثوار عدو الثورة الأول، كما دعا إلى أن ينص الدستور على تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، بزعم الحفاظ على الدولة المدنية.

فشل الحزب في الحصول على مقاعد في الانتخابات البرلمانية التالية للثورة، وعقب "الانقلاب العسكري"، أعلن عن اندماجه مع حزب "المصريين الأحرار".

المساهمون