مصر: كيف تمّت السيطرة على الجامعات؟

مصر: كيف تمّت السيطرة على الجامعات؟

07 مايو 2017
(أمام جامعة الأزهر، تصوير: خالد دسوقي)
+ الخط -



أصدر مركز عدالة للحقوق والحرّيات تقريرًا بعنوان "الإدارة في مواجهة الطلاب"، يتناول السياسات الإدارية للسيطرة على الفضاء العام بالجامعات المصرية، خلال الفترة من يوليو/ تموز 2013 وحتى مارس/ آذار 2017، والتي تعد إحدى أسوء الفترات التي مرّت على الحركة الطلابية المصرية.

ينقسم التقرير إلى جزئين أحدهما يتناول أدوات السيطرة الإدارية على فضاء الجامعات العام، والآخر يتناول عوامل تضخم سلطة الإدارة الجامعية، ويعتمد على مقابلات وشهادات وجلسات نقاش أجريت مع أعضاء بالحركات والاتحادات الطلابية، بالإضافة إلى طلاب تعرّضوا لتضييقات وعقوبات من الإدارات الجامعية.


أدوات السيطرة والإخضاع
اتّخذت إدارات الجامعات عددا من الإجراءات بهدف السيطرة على الفضاء العام بالجامعات، وإخضاع الطلاب لإرادتها، وهو ما نجحت فيه بشكل كبير إلى الآن. وكان من أبرز أدوات السيطرة هذه:

تعديل اللائحة الطلابية: عمدت إدارات الجامعات بالتعاون مع وزارة التعليم العالي إلى إدخال تعديلات جديدة على اللائحة الطلابية التي جرت على أساسها الانتخابات الطلابية في مارس/ آذار 2013، بهدف إثارة البلبلة وإدخال اللائحة في نفق مظلم تتوقّف معه كل الأنشطة الطلابية غير المرضي عنها.

بدأ الأمر بإصدار وزارة التعليم العالي تعديلات على اللائحة، في أغسطس/ آب 2014، تقيد النشاط الطلابي وتحد من صلاحيات الاتحاد، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2015، أصدر وزير التعليم العالي قرارًا بإدخال تعديلات جديدة على اللائحة تضمّن قيودا واضحة على الترشّح للانتخابات الطلابية.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أثار وزير التعليم العالي جدلًا كبيرًا، قبل بداية العام الدراسي 2016/ 2017، حول قانونية الاستمرار بلائحة 2013، وقرّر على إثر ذلك تأجيل الانتخابات وتشكيل لجنة يمثل الطلاب فيها أقلية (6 طلاب من أصل 15 عضوًا باللجنة) لجمع مقترحات الجامعات من أجل إعداد لائحة جديدة.

التدخّل في الانتخابات الطلابية: يؤكّد التقرير أن الانتخابات الطلابية عانت الكثير من القيود، مثل اشتراط حد أدنى للنصاب إذا لم يكتمل تقوم إدارة الكليات بتعيين الاتحاد، بالإضافة إلى وضع اشتراطات عدة مثل دفع الرسوم الدراسية، وعدم الانتماء للجماعات الإرهابية- ما يعيد دور الأجهزة الأمنية في العملية الانتخابية-، وتأييد قائمة انتخابية بعينها ضدّ الآخرين، فضلًا عن تأجيل/ إلغاء الانتخابات الطلابية 3 مرّات منذ يوليو/ تموز 2013.

تقييد النشاط الطلابي
بدأ الأمر في أغسطس/ آب 2014، عندما أصدر رئيس جامعة القاهرة جابر نصار قرارًا بإلغاء الأسر الطلابية ذات الظهير السياسي بهدف منع الاستقطاب داخل الجامعة، وتبعته جامعة عين شمس التي استقبلت طلابها في العام الدراسي 2013/ 2014 بإجبارهم التوقيع على إقرار يلزمهم بعدم ممارسة الأنشطة السياسية والحزبية، وتلتهم جامعات أخرى.

فرض العقوبات التأديبية التعسفية: يشير التقرير إلى توسّع إدارات الجامعات في استخدام عقوبات الفصل في حق الطلاب، سواءٌ من المدينة الجامعية أو من الدراسة، لفترات تبدأ من شهر وحتى عام دراسي كامل. كما تم التوسّع بشكل كبير في استخدام عقوبة الفصل النهائي، حيث تم فصل أكثر من 450 طالبًا فصلًا نهائيًا منذ يوليو/ تموز 2013.

يُرجع التقرير السبب في هذا التوسّع إلى مواد قانون تنظيم الجامعات الفضفاضة والمطاطة والتي تخلط بين ما يعد مخالفة وما يعد حقًا أصيلًا للطلاب كحق التجمع والتنظيم.


كيف تضخمت سلطة الإدارات الجامعية؟
ساهمت عدّة عوامل في تضخيم
سلطات إدارات الجامعات المصرية بشكل كبير، خلال الأعوام الأربعة الماضية، وكان من أبرزها:

ضعف الحركة الطلابية
كشف القمع الأمني الممارس ضد الحركة الطلابية بعد يوليو/ تموز 2013، عن الخلل البنيوي الذي أعاق تقدّم هذه الحركة على مدى سنوات طويلة، وهو الخلل الذي يمكن تلخيصه في ضعف التنسيق والتنظيم، فالحركة الطلابية في مصر أصبحت حركة عفوية غير منظمة وليست لها أهداف محدّدة، وهو ما سمح للإدارات الجامعية بتعزيز قوّتها مجددًا.

استثمار الحالة الأمنية: استغلت إدارات الجامعات قمع الأمن للحركة الطلابية، عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي ومذبحتي رابعة والنهضة، من أجل تشديد قبضتها وتوسيع صلاحياتها بدعوى "الحفاظ على الأرواح والممتلكات"، وهو ما نجحت به بشكل كبير، حيث نجحت هذه الإدارات بمصادرة الحق في التجمّع والتنظيم الذي يكفله الدستور.

استقلال أعضاء هيئة التدريس
طاول تأثير التغيرات السياسية، التي وقعت في عام 2013، أعضاء هيئات التدريس، حيث مورست ضغوطات عليهم للحد من مطالبهم باستقلال الجامعات، وقرّرت السلطة إعادة العمل بنظام تعيين القيادات الجامعية عوضًا عن الانتخابات، كما تم النيل من أشخاص أعضاء بهيئات التدريس عبر تعطيل مسيرتهم المهنية والأكاديمية بسبب خلفياتهم السياسية.

المساهمون