مصر بين النظام والدولة

25 ديسمبر 2014
+ الخط -

"براءة.. عودوا إلى مقاعدكم". نظام مبارك راجع. "نواب الحزب الوطني السابق يسارعون إلى الترشيح للانتخابات". نظام مبارك راجع. "القبضة الأمنية تزداد بطشا وظلما". نظام مبارك راجع. "الغلاء مستمر والفشل الاقتصادي يتواصل". نظام مبارك راجع.
هذه أكثر عبارات المصريين تداولاً في الآونة الأخيرة، لم يختلف حولها مواطن بسيط أو محلل سياسي، عامل في مصنع أو خبير اقتصادي، طالب في الجامعة أو كاتب صحافي، ربة منزل أو محاور إعلامي، بل العجب كله أنه لم يختلف فيها من رفض الانقلاب أو من أيده في بدايته!الكل يردد هذه العبارات ويكررها في كل مكان. وبسهولة شديدة، نرى أن أوضح ما تعكسه هذه المفردات، هو تخوف المصريين جميعا من العودة إلى ما كان قبل يناير 2011. الكل متخوف وقلق، ويعبر عن تخوفه بعبارة "نظام مبارك راجع"، ويؤكدها بما يراه أمامه من وقائع وأحداث. وأعتقد، بعد إذن جميع أنواع الرقابة، أنه تخوف مشروع وواقعي.
وإذا كان هذا حال المواطنين المصريين، فماذا فعل النظام الحاكم لطمأنة المواطن؟ هل منع، مثلاً، نواب الحزب الوطني من الترشيح؟ أو ألغى قانون التظاهر (بديل الطوارئ)؟ هل سمح بحرية التعبير وأعاد الصحف والقنوات المغلقة؟ هل أشعر المواطن بخطوات جادة، وقرارات مدروسة لمحاربة الغلاء، وتحسين الوضع الاقتصادي؟ هل قلل من الاعتقالات العشوائية للمواطنين؟ إطلاقاً، للأسف لم يفعل النظام أياً من ذلك. كل ما تم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي خرج للشعب، وقال بكلمات واضحة، رداً على قول المواطن "نظام مبارك راجع"، قال الرئيس: "لا يوجد ما يسمى نظاما وإنما هناك دولة". ولم يفهم أحد ما هو المقصود؟ ما معنى عدم وجود نظام؟ كما أن تعريف الدولة "قطعة أرض (إقليم جغرافي محدد) يمارس عليه مجموعة من الأفراد نشاطهم، من خلال نظام سياسي يتولى إدارة شؤون هذه الدولة". ونرى، ببساطة، أنه لا تعارض بين وجود الدولة والنظام، وأن كلمة الدولة ليست بديلاً عن كلمة النظام، بل إن النظام ضروري لاستمرار الدولة، فما الذي أغضب الرئيس؟ كما أنه من الطبيعي والمعتاد بالنسبة للمواطن أن يقول مصر عبدالناصر ومصر السادات وغيرهما، وأن مصر عبدالناصر تختلف عن مصر السادات. فهل يعني المواطن مصر النيل والأهرام، أم يعني مصر النظام والسياسات؟
كل هذه بديهيات لا تحتاج إلى شرح أو تفسير. ولكن، ما نحتاج إليه هو السؤال: إذا كان تخوف المواطن مشروعاً، فماذا فعلت الحكومة والرئيس من أجل طمأنته، حقيقة لا أقوالا؟
يجب أن يشعر الشعب بأن ثورة يناير لم تضع، وأنها ما زالت موجودة، وأن أرواح الشهداء التي فاضت ودماء المصابين التي سالت لم ولن تذهب سدى (وإن كان للقضاء رأي آخر)، وإن تغيير اسم باسم وشخص بشخص لن يخدع الشعب. هذا ما يريده الشعب، ولن يتنازل عنه، وسيحققه، فإرادة الشعب، دائماً وعبر كل دروس التاريخ، أقوى من الحاكم، وإن استمر 30 عاماً.

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)