مصر: "حرية الفكر والتعبير" تعيد فتح ملف "عربة الترحيلات"

مصر: "حرية الفكر والتعبير" تعيد فتح ملف "عربة الترحيلات".. للموت بقية

29 سبتمبر 2017
أركان الجريمة وحكم المحكمة (العربي الجديد)
+ الخط -


أصدرت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" (منظمة مجتمع مدني مصرية)، تقريرًا بعنوان "ترحيلة"، عن حادث عربة ترحيلات أبو زعبل، والتي وقعت في الثامن عشر من أغسطس/آب 2013، وأسفرت عن مقتل 37 شخصاً من أصل 45 صدر قرارٌ بترحيلهم إلى سجن أبو زعبل في تلك العربة.

قدّم التقرير الروايات البديلة من خلال مادته الموثّقة، في محاولةٍ لتمثيل أصوات الضحايا، لكي تتوافر فرص أكبر لتحقيق العدالة لهم، ولتعزيز قدرة الأفراد والمجتمع على تلمُّس معرفة الحقيقة حول وقائع وأحداث ارتبطت بفترة التغيرات السياسية والاجتماعية منذ عام 2011.

واعتمد على الأرشفة الشفهية باستخدام شهادات ذوي الضحايا وبعض المحامين، وكذلك استخدم شهادات بعض الناجين المنشورة على الإنترنت. كما اعتمد على أوراق الدعوى القضائية – التي اتهم فيها بعض الضباط بالقتل الخطأ لضحايا الحادث -، لعرض شهادات المجندين ورجال الأمن الذين حضروا الواقعة، وكذلك عرض تقارير الخبراء والتقارير الطبية.

وقع حادث عربة ترحيلات أبو زعبل، في 18 أغسطس/ آب 2013، بين الساعة السادسة صباحًا والثالثة عصرًا، حين سقط 37 قتيلاً من أصل 45 شخصاً، صدر قرار بإحالتهم إلى سجن أبو زعبل في تلك العربة.

وقد جرى ترحيل المتهمين بعد أن قُبض عليهم على خلفية مشاركتهم في اعتصام رابعة، والذي فضّته قوات الأمن باستخدام العنف المفرط قبل أربعة أيام من وقوع حادث أبو زعبل.



"هكذا وقعت الحادثة في ذروة استخدام العنف المفرط ضد المدنيين في الاحتجاجات التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقد نجا من الحادث ثمانية أشخاص فقط، ومات باقي المرحَّلين في السيارة خنقًا"، إلا أن سبب الوفاة ظل محلًا للجدل، ما بين أن الضحايا سقطوا خنقاً بسبب قنبلة غاز قُذفت عليهم داخل السيارة بعد أن كرّروا استغاثاتهم للمطالبة بفتح باب العربة للتهوية، واحتمالية أن الاختناق حدث بسبب التكدّس الشديد داخل عربة لا تسع لأكثر من 25 فردًا، وفقًا لإمكانات التهوية المتاحة ومساحة العربة.

تحديد أركان الجريمة (العربي الجديد) 


أما عن رواية الناجين فقد جاءت شهادة اثنين منهما أن سيارة الترحيلات استغرقت من ساعة إلى ساعة ونصف الساعة حتى تصل إلى وجهتها، وفي السابعة والنصف تقريًبا وصلت السيارة إلى بهو سجن أبو زعبل، بعد نصف ساعة من وصول الترحيلات. بدأ مستوى الأوكسجين داخل السيارة في الانخفاض، ولما فشلت محاولات استغاثتهم بفتح الأبواب للحصول على التهوية، خاصة أنهم داخل أسوار السجن قرروا الانتظار، عادت الاستغاثات أعلى بعد ساعات، حيث بدأ المرحلون في التساقط فوق بعضهم البعض بين العاشرة والحادية عشرة صباحًا.

محضر ملف "عربة الترحيلات" والتحقيقات (العربي الجديد)

وجاء في تحقيقات النيابة العامة عن شهادة الرقيب عبد العزيز ربيع، "اللي حصل إن الناس ماتت جوه الصندوق من الخنقة اللي كانوا فيها وعددهم كبير وكان مقفول عليهم ومربوط كل اثنين في كلابش مع بعض، وقاعدين صحراء جوه السجن من الساعة سبعة ونصف الصبح تقريبا لغاية الساعة اثنين الظهر من غير تهوية ومياه، ولما حل دورنا علشان ننزلهم ونسلمهم للسجن بنفتح الباب لقينا الناس مرمية فوق بعضها. منظر بشع، وفيه منهم سبعة كانوا لسه عايشين والباقي كانوا قاطعين النفس والمنظر بتاعهم محسسني إنهم ماتوا مش مغمي عليهم".

رسومات توضيحية للحادث (العربي الجديد)


أكد جميع الناجين في أقوالهم أمام النيابة العامة على هذه الرواية، وأشار أحد الناجين، عبد الله أحمد السيد، إلى أن الضابط كان يحاول فتح الباب ظناً أن المساجين أغلقوا الباب من الداخل وبدأ توجيه الشتائم لهم. ولكن بعد وقت قليل استطاع أن يفتح الباب بشكل غير كامل، وبعد ذلك قام أحد الأفراد الموجودين بالخارج بـ "رش حاجة علينا حسينا باختناق بعد كده لقينا الباب فتح شوية، ونزلت أنا والخمسة اللي معايا بعد كده دخلنا باب جوه السجن ورشوه علينا مياه وبدأت أفوق وهو دا اللي حصل".

كذلك أنكر جميع الناجين ما قاله نائب المأمور والمتهم من قيام أحد المحبوسين داخل العربة باحتجاز الملازم أول محمد يحيى أو الاعتداء عليه.

روى ناجون شهاداتهم عن الواقعة (العربي الجديد) 


للموت بقية..

"لا، ماتوا اختناق.. ماتوا اختناق.. ماتوا داخل العربية اختناق من شدة الحرارة واختناق من قلة الأكسجين داخل العربية، الغاز اترمى علينا في آخر اللحظات وإحنا بننزل داخل السجن، أنا واحد من الناس اللي نجت اتأثرت بالغاز وبريحته. رموا الغاز ضغطوه زي الاسبراي كدا من الفتحة المفتوحة في العربية، لكن ما مفتحوش العربية غير بعد كده". هذا ما قاله محمد عبد المعبود، أحد الناجين من الحادث.

يعد غاز الـ CS نوعا من أنواع الغازات المسيلة للدموع، إذ أظهرت المشاهدات الأولية للضحايا وكذلك التقارير الطبية أن الجثث كانت معظمها منتفخة، وقد تلونت الوجوه إما باللون الأحمر أو الأسود، من جراء الاختناق الناتج عن التكدس وإطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم أثناء الاحتجاز داخل السيارة، الذي استمر لأكثر من 6 ساعات".

واشتمل القسم الأخير من التقرير على سيناريوهات مراحل التقاضي التالية، وصور للتقارير الطبية والهندسية التي تم عرضها خلال جلسات المحاكمات، وجداول بأسماء الضحايا والمتهمين.

استنشاق المرحلين لغاز خطير (العربي الجديد)

يذكر أن محكمة مستأنف الخانكة كانت قد أصدرت حكمها على 4 ضباط متهمين في القضية بالحبس 5 سنوات للمتهم الأول، وعلى المتهمين الثاني والثالث والرابع بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ. بينما لا تزال الدعوى منظورة في محكمة النقض.