مسلسل "أوزارك"... ماذا يضر لو غسلت بعض المال؟

مسلسل "أوزارك"... ماذا يضر لو غسلت بعض المال؟

27 يوليو 2020
جيسون بيتمان في "أوزارك" (نتفليكس)
+ الخط -

يتذكّر الكثير منا كلمات "والتر وايت" في الحلقة الأخيرة من مسلسل "بريكينغ باد" Breaking Bad، حين قال لزوجته: "فعلت ما فعلت لأجلي أنا. لقد أحببت ما كنت أقوم به. لقد كنت أجيده، ولم أشعر بالحياة قبلاً كما شعرت بها لحظتها".

يمثل هذا الاقتباس انقلاباً كاملاً على شخصية "والتر وايت" في أول المُسلسل الذي كان يحاول فقط ترك بعض المال لعائلته، محاولًا إقناع نفسه بأنه لا يفعل أي ضرر. هذا الانقلاب في الشخصية جعلَ المُشاهد متعلقًا بالشاشة من الحلقة الأولى وحتى آخر سطرٍ في الحلقة الأخيرة. لم يكن انقلاباً سريعاً، بل أخذ وقته، وبُرر كاملاً.

مع بداية عصر المُسلسلات في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، بدأت هذه الأعمال مع انحياز ظاهر للشخصيات "الشريرة" أو الملقبة بالشريرة، لكن هذا الانحياز تطور وصار ذا أهمية مع مسلسلات الـ Soap Operas مثل مسلسل "جينيرال هوسبيتال" General Hospital، وغيرها. ومع تطور التلفاز والكتابة، تطورت الأدوار، وصارت مُسلسلات الـ"معادية للأبطال" Anti-Hero من أنجح الأعمال الدرامية على التلفاز.

عُرِضت الحلقة الأولى من مسلسل "أوزارك" Ozark في 21 يوليو/تموز عام 2017 على شبكة "نتفليكس"، والحلقة الأخيرة من الموسم الثالث في شهر مارس/آذار عام 2020، في وقت الحجر الصحّي حول العالم، وصدر في وقت أبكر من موعد لاستغلال فرصة بقاء الناس في البيوت ليشاهدوه دفعةً واحدة.

يتبع المُسلسل الخط الدرامي الخاص بمسلسل Breaking Bad، ابتداءً من فكرة الحبكة، مروراً بالممثل الرئيسي، وانتهاءً بتطور الشخصيات وسير الأحداث في العمل. بدايةً، نرى أن اختيار الممثل الرئيسي وقع على الممثل جيسون بيتمان، وهو معروف بأدواره الكوميدية سواء في الأفلام أو في المسلسلات (مثل Arrested Development وZootopia وHorrible Bosses وغيرها). ويمكن اعتبار هذا المسلسل تحولاً كبيراً في مسيرة الممثل الفنية، ومحاولة منه للتأكيد على قدرته الفنّية في كل الأدوار، من الكوميديا إلى الجريمة. الأمر نفسه حصل مع براين كرانستون (والتر وايت)، المعروف عنه أدواره الكوميدية (مثل HIMYM وLittle Miss Sunshine وMalcolm in the Middle)، وكنه فجأة تحوّل إلى مسلسل Breaking Bad، وصار بعدها واحدًا من أهم ممثلي هوليوود، بعد قرابة 30 عاماً على بداية مسيرته الفنية.

وكما برر "والتر وايت" بداية صناعته للميث بأنه كان يحاول مساعدة عائلتهِ قبل موته بالسرطان، يبدأ مارتن (أو مارتي بيرد) المُسلسل بتبريره غسيل الأموال للكارتل المكسيكية تحت ذريعة أنه لا يرتكب أي جريمة، ولا يقتل أي أحد، بل إن الجريمة الفعلية تحدث بعيداً، وهو لا يفعل أي شيء إلا تحريك الأموال من مكانٍ إلى مكان. "أتعرف يا وايِّت؟ في عالمنا هذا، من الجيد أن تكون ذكياً. تذكر هذا. حسنٌ؟".

تنطلق شخصية "روث" هذا السطر بلكنتها الأميركية الجنوبية (رغم أن الممثلة أصلاً من نيويورك) التي جعلت المسلسل جذّاباً على أحد المستويات. ما يُميّز العمل عن غيرهِ من أعمال الـ Anti-Hero، هو أنه عمل كل الممثلين فيه شخصيات رئيسية. نعم يدور المسلسل حول تورط عائلة بيرد مع الكارتل، ولكن كُتاب المسلسل لا يبخلون في إعطاء عمق درامي لكل الشخصيات، وهو ما يسمح له بتناول عدة ثيمات متقاربة ولكن مختلفة. هذا النوع من الكتابة يجعل تطور الشخصيات على طول القصة مكتملاً ومُبرراً وواضحاً ويجذب المشاهد ويُحيّره بين المشاهد للإمتاع أو اختيار شخصية من بين الشخصيات الأخرى "مكتملة النمو".

لا يتوقف التشابه على الأدوار، بل على سير الخط الدرامي كاملاً، ففي البداية تكون حياة بيرد الزوجية شبه مُطفأة ومُملة وروتينية وتضمنت خيانة زوجية، ولكن مع تطور الأمر مع عصابات الكارتل المكسيكية، يدخل الحماس والحركة والتشويق إلى العائلة، خصوصًا مع معرفة الأطفال بعمل العائلة وتفاصيله الصغيرة تماماً.

عمل جيسون بيتمان، كما عمل براين كرانستون من قبله على كتابة وإخراج بعض حلقات المُسلسل، ليضع لنفسه بصمة في المجال، وليعتبر نفسه من الممثلين الذين "عملوا كل شيء في حياتهم"، من كتابة وتمثيل وإخراج وإنتاج.

هذا العمل من إنتاج "نتفليكس"، وهو استكمال لمسيرتها الناجحة في إنتاج المسلسلات التلفزيونية/الويب التي تحقق الجوائز وتحصد ملايين المُشاهدات، على خلاف أفلامها. كان اختيار جيسون بينمان للدور اختياراً ذكياً، واختيار باقي الشخصيات كذلك. ومثله مثل أي عمل تلفزيوني، فيه بعض الهفوات الإنتاجية، ولكن مستوى الإنتاج للعمل يغطي على الأمور الأخرى، ويجعل المُشاهِد دائماً متعطشا للمزيد. يُنشر الموسم الرابع على الشبكة عام 2021.

المساهمون