مرتضى منصور... "البلطجة" حين ترتدي بزّة ً رسميّة

مرتضى منصور... "البلطجة" حين ترتدي بزّة ً رسميّة

08 ابريل 2014
منصور خلال إعلان ترشيحه قبل يومين (مصطفى أوزتورك، getty)
+ الخط -

صحيح أن الإعلان الرسمي لترشحه لرئاسة الجمهورية لم يكن مفاجئاً، إذ سبق له أن أشار إليه في تصريحات إعلامية أكثر من مرة، إلا أنّ إعلان رئيس نادي الزمالك المصري، مرتضى منصور، عزمه ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة في مصر، المقررة في 26 و27 مايو/أيار المقبل، أثار جدلاً كبيراً داخل الأوساط السياسية المصرية.

الباحث عن المعارك

لم يترك منصور (62 عاماً) مناسبة إلا وحوّلها إلى معركة كلامية مع أطراف سياسية وإعلامية وفنية ورياضية. حتى المؤتمر الصحافي الذي خصصه للإعلان عن ترشحه، جعل منه منصة للهجوم على المرشح المنافس حمدين صباحي، بعدما أشار إلى قضية النصب الإلكتروني التي كانت متهمة بها ابنته سلمى. كما أخذ منصور يوجه الهجوم بعدها إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، في حين تجنب تماماً الحديث عن المرشح المحتمل للرئاسة، عبد الفتاح السيسي، وهو ما دفع بمتابعين إلى اعتبار أن ترشيحه يأتي في إطار استكمال "مسرحية" الانتخابات الرئاسية، لإقناع العالم بأن هناك انتخابات حقيقية.

ويرى الأستاذ في كلية "أس. راجرتنام" للدراسات الدولية، جميس دورسي، في مقال بصحيفة "هافينغتون بوست" الأميركية، أن ترشح منصور في مصر "يضيف الملح لهذه الانتخابات التي من المؤكد أن يفوز بها المشير السيسي، المدعوم من مؤسسات الدولة".

فضائح وسيديهات

لطالما ارتبطت العديد من معارك منصور بـ"الفضائح"، سواء المالية أو الأخلاقية منها. واشتهر الرجل بين المصريين باسم "مرتضى سيديهات"، في إشارة إلى امتلاكه أقراصاً إلكترونية مدمجة مسجل عليها فضائح خصومه، والتي طالما لوح خلال لقاءاته الإعلامية بفضحها، وهو ما دفع الكثير من النشطاء على شبكة الإنترنت، إلى السخرية من ترشح منصور، بالقول إنهم سيصوتون لصالحه تجنباً للفضائح التي قد يقوم بنشرها لكل مواطن يرفض ترشحه، في إشارة إلى علاقته بأجهزة أمنية تمده بهذه الأقراص المدمجة.

وقالت الناشطة نوارة نجم على حسابها على "تويتر":"سأنتخب منصور أحسن لي".

ولم يكن مفاجئاً قيام منصور بالهجوم على النشطاء السياسيين الذين دعوا إلى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 خلال مؤتمره الصحافي، الذي أعلن فيه عن ترشحه للرئاسة، وفي مقدمتهم أحمد دومة وعلاء عبد الفتاح وأحمد ماهر، خصوصاً أنها الثورة التي دفعت به إلى زنازين السجون بعد أن شارك في الإعداد لـ"موقعة الجمل" الشهيرة في الثاني من فبراير/شباط 2011، إذ كان منصور من بين الذين دفعوا مبالغ كبيرة لعدد من البلطجية للهجوم على ميدان التحرير وإخراج المعتصمين منه.

ظل منصور يحاكم لقرابة العام في تلك القضية هو وعدد من رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، كان من بينهم الأمين العام للحزب الوطني المنحل، صفوت الشريف، ورئيس مجلس الشعب الأسبق، أحمد فتحي سرور، قبل أن يحصلوا على حكم بالبراءة من القضاء المصري، وهو القرار الذي تحوم حوله الشبهات. وظل منصور، طوال فترة المحاكمة، مختبئاً لدى زوج ابنته، المستشار هشام الرفاعي، نظراً إلى أن قوات الأمن لا يمكنها اقتحام المنزل، لتمتُّع منازل القضاة بحصانة قضائية.

خلال جلسات المحاكمة فجّر منصور مفاجأة عندما قال إن رئيس المجلس العسكري السابق، المشير حسين طنطاوي، هو القائد الحقيقي لـ"موقعة الجمل"، هو وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يضم في حينها السيسي بصفته مديراً للمخابرات الحربية.

وعرف عن منصور إساءاته المتكررة في تعامله مع المحيطين به، إذ اتخذ من رفع الحذاء في وجه من يخالفه الرأي، وسيلة للرد دائماً، فتارة يرفعه في وجه جمهور النادي الأهلي خلال إحدى مباريات القمة في كرة اليد بين الفريقين، وتارة في وجه المرشح المنافس له في انتخابات نادي الزمالك الأخيرة، رؤوف جاسر، خلال ندوة أقامها داخل النادي.

ومن المعروف عن منصور ألفاظه البذيئة وتعريضه بخصومه، وهو ما ظهر في سبابه وشتائمه على الهواء مباشرة مع الإعلامي باسم يوسف، بعد أن تناوله في حلقة من برنامجه الساخر، "البرنامج"، وكذلك مع الإعلامي الرياضي أحمد شوبير، إضافة إلى رجل الأعمال الهارب في لندن، أشرف السعد.

من "الأفوكاتو" إلى السيسي

وبدأ مرتضى طريقه نحو الاستعراض الإعلامي، منذ استقالته من القضاء في عام 1983، عقب الأزمة التي عرفت إعلامياً بفيلم "الأفوكاتو"، بعدما أصدر حكماً بالسجن لمدة عام وفرض غرامة 10 آلاف جنيه على كل من المؤلف السينمائي رأفت الميهي، والمخرج يوسف شاهين والفنان عادل إمام، عقب فيلم "الأفوكاتو". قرار قضائي اعتبرته الأوساط القضائية والمحامين آنذاك إساءة بالغة، فتدخّلت شخصيات من النظام آنذاك، وتطالب بإلغاء الحكم، فاستقال منصور بنتيجة ذلك. وكانت هذه بمثابة المعركة الأولى في تاريخ مرتضى. خاض منصور الانتخابات البرلمانية عام 1990، واختار وقتها دائرة العجوزة والدقي، في الجيزة، ليواجه المرشحة وزيرة الشؤون الاجتماعية، آمال عثمان، التي فازت. ثم عاد الرجل ليخوض الانتخابات في الدائرة ذاتها بانتخابات عام 1995، ليخسر مجدداً، قبل أن يتمكن بعد ذلك من دخول البرلمان والحصول على الحصانة النيابية التي طالما سعى إليها، وذلك في عام 2000، عن دائرة أتميدة في محافظة الدقهلية، شمال مصر، التي يتحدر منها.

وتجربة الترشح للانتخابات الرئاسية قبل يومين، هي الثانية لمنصور، الذي سبق وتقدم بأوراق ترشحه للجنة العليا للانتخابات الرئاسية في الثامن من إبريل/نيسان 2012، قبل أن تصدر اللجنة قراراً باستبعاده من الانتخابات في 14 من الشهر ذاته.

سيظل منصور، الذي يرتبط بعلاقة نسب مع العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، (نجل منصور متأهل من ابنة شقيق القذافي)، علامة لغزاً كبيراً بالنسبة إلى المصريين، الذين لطالما تساءلوا من الذي يحرك منصور ويحميه؟ وكذلك من الذي يخرجه من الاتهام تلو الاتهام، من دون أن يتعرض لأي عقاب، وأخيراً، أي جهاز أمني أو سيادي يعمل لصالحه مرتضى منصور؟

المساهمون