مخاوف من ركوب اليمين الفرنسي لموجة إضراب الشرطة

مخاوف من ركوب اليمين الفرنسي لموجة إضراب الشرطة

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
22 أكتوبر 2016
+ الخط -

في انتظار لقاء ممثلي الشرطة المضربين بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، لعرض مطالبهم، تزداد المخاوف الحكومية واليسارية من استغلال اليمين الحركة الاحتجاجية سياسياً وانتخابياً، وذلك بعد 5 ليالٍ من احتجاجات أفراد الشرطة الذين يعتبرون أنّهم غير مجهزين للدفاع عن أنفسهم.

وعلى الرغم من تشديد المتظاهرين من أفراد الشرطة على أنّ حركتهم ليست سياسية ولا نقابية، إلا أنّ المخاوفَ من استغلالها، سياسياً وانتخابياً، تراود الساسة الاشتراكيين في السلطة، خاصةً مع تأكيد آخر استطلاعات الرأي أنّ نحو 56 بالمائة من أفراد الشرطة سيصوتون لفائدة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في الانتخابات المقبلة.  

وازدادت هذه المخاوف بعد ظهور بعض الأشخاص المتهمين بعلاقات مع اليمين الفرنسي، بوجه مكشوف في تظاهرات باريس، ومن بينهم رودولف شوارتز، الشرطي الذي غادر مؤسسة الشرطة سنة 2012، والذي رشح نفسه، في المقاطعة الباريسية الثامنة عشرة، في الانتخابات البلدية سنة 2014، تحت قائمة حزب الجبهة الوطنية، اليميني المتطرف.

ولا يخفي اليمين الفرنسي الكلاسيكي، أيضاً، مغازلته لهؤلاء المضربين والتعاطف معهم، كما يفعل المرشح نيكولا ساركوزي، الذي استخدم، أمس الجمعة، لغة قاسية وغير دبلوماسية، في انتقاد وزير الداخلية، كازنوف، مطالباً باستقالته، كما تُردّد بعض شعارات التظاهرات، التي تطالب، أيضاً، باستقالة بعض رؤساء الشرطة.

من جهتهم، أكّد المضربون أنّ المطالب التي سيوصلونها إلى هولاند قائمة على إجابات وزير الداخلية، برنار كازنوف، وخاصةً رسالته التي نشرها أمس الجمعة، ويتحدث فيها عن أن إنجازات الحكومة الاشتراكية الحالية، لم تكن مُرضية ومناسبة. 

واعترف الرئيس الفرنسي، أمس الجمعة، في تصريح له من بروكسل، أنّه "من المهم إعطاء منظور وجواب فوري لما يحدث، وعلى أفراد الشرطة التأكّد من أنّ الحكومة ورئيس الجمهورية هم من أجل الحوار، وسألتقي بالمنظمات التي تمثل الشرطة في بداية الأسبوع".

وسيأتي هذا اللقاء المرتقب، الذي يعوّل عليه أفراد الشرطة والرئيس الفرنسي الذي لا تنقصه المشاكل والتحديات، في نهاية ولايته الرئاسية، خاصةً بعد صدور كتاب محاوراته مع اثنين من صحفيي "لوموند".

لجهة مطالب ومخاوف المضربين، يشدد أفراد الشرطة على التأكيد في تظاهراتهم على أنّ وعود الحكومة الاشتراكية بتوظيف 9000 شرطي لم تتحقق، إذ إنّ الوزير كازنوف تحدث عن توظيف 6500 شرطي، ويصرّون على أنّهم لا يريدون أنصاف موظفين.

ويستعرض بعض الناطقين باسم الشرطة المقنَّعين أمام وسائل الإعلام، مختلف الاعتداءات الإجرامية التي يتعرضون لها والتي أصبحت أكثر خطراً وجرأة، من قبل، مع استخدام المجرمين رشاشات كلاشينكوف وأسلحة هجومية أكثر تطورا وفتكا، في ظل نقص إمكانات الشرطة، من العديد والعتاد والتجهيزات، خصوصاً من السترات الواقية من الرصاص، من الجيل الجديد.

يأتي ذلك وسط جو مشحون ضد الشرطة. لم يعد يقتصر على مهاجمة الممتلكات، بل تجاوزه إلى "استهداف الشرطة باعتبارها شرطة"، كما يقول المضربون. وتسبب هذا الجو في انهيار غير مسبوق بمعنويات الشرطة. وعبرت عن ذلك التهديدات الإجرامية الأخيرة التي تستهدف الشرطة، فيما يشير المضربون إلى مستجدات التهديدات الإرهابية، منذ سنتين، والتي تكشف عن عنف غير مسبوق ولا حدود له.

ولا يخفي المضربون من الشرطة ازدياد مظاهر القلق والتوتر الذي ينتابهم بسبب عمل خانق ومتعب، وهو ما يستوجب تعويضات مالية مناسبة، أي وقف تجميد أجورهم.  

ولا تنتهي مطالب الشرطة إلى هذا الحد، فهم يكشفون عن تحدّ جديد لهم ضد المؤسسة القضائية، مدعومين بتصريحات قاسية من مسؤولين يمينيين، تتهم وزارة العدل الفرنسية، خصوصاً في عهد الوزيرة السابقة كريستيان توبيرا، بتنفيذ سياسة متسامحة مع المجرمين، تسببت في إخلاء السجون من الكثير من المجرمين.  

ويرى العديد من الناطقين باسم المتظاهرين، أنّ المؤسسة القضائية تنسف جهودهم المُكِلفة، نفسياً وجسدياً، لحد مقتل بعض أفراد الشرطة أثناء مزاولة عملهم، حين يتعامل بعض القضاة، بنوع من الرحمة والتسامح، مع المجرمين، أو حين يمارس بعض القضاة، نوعا من الحماس. ومن هنا جاء قرار التظاهر، يوم الثلاثاء المقبل، أمام المؤسسات القضائية في باريس.

وتحظى تظاهرات الشرطة بتعاطف كبير من الفرنسيين، منذ اعتداءات يناير/كانون الثاني 2015 الإرهابية، والتظاهرة المليونية التي شهدتها باريس بعد اعتداءات "شارلي إيبدو"، والتي خلّدها المغني اليساري، رونو، في أغنيته "لقد قبّلتُ شرطياً".

ولم يتوقف هذا التعاطف، خاصةً بعد تعرض شرطيين فرنسيين للذبح من قبل إرهابي، ثم تعرض دورية شرطة في مدينة فيتري- شاتيون، قبل أسبوعين، لهجوم بالقنابل الحارقة، لا يزال أحد أفرادها بين الحياة والموت.

ووسط هذه الظاهرة الاحتجاجية، تطرح العديد من التساؤلات حول إمكانية تجاوز هولاند الأزمة الجديدة دون إغضاب المؤسسة القضائية، وعن إيجاد مصادر تمويلية لتلبية هذه المطالب.

ذات صلة

الصورة
احتجاجات في فرنسا على مقتل نائل م. (فراس عبد الله/ الأناضول)

مجتمع

أعاد مقتل نائل م. برصاص شرطي فرنسي في مدينة نانتير بالضاحية الغربية للعاصمة باريس، وكذلك الاحتجاجات الليلية في مدن فرنسية عدّة، آفات عميقة يعاني منها المجتمع الفرنسي إلى الواجهة.
الصورة
تحقيق المفتشية 1

تحقيقات

يوثق تحقيق "العربي الجديد"، ضعف الدور الرقابي المناط بالمفتشية العامة للشرطة الفرنسية، وما نجم عن ذلك من تَفشٍّ لعنف الشرطة وإفلات أفرادها المتورطين في العنصرية وانتهاكات من العقاب وتبرئتهم لدى إحالتهم للقضاء
الصورة
تظاهرات باريس- فرانس برس

أخبار

أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، بعد ظهر السبت، عن استعداد حكومته لسحب مؤقَّت لـ"سنّ التوازن" وهو أحد البنود الجدالية، من مشروع القانون، الذي سيصل إلى مجلس الوزراء في الرابع والعشرين من هذا الشهر.
الصورة
رجال إطفاء فرنسيون (جوفروي فاندر هاسلت/فرانس برس)

أخبار

ارتفعت حصيلة حريق المبنى السكني في العاصمة الفرنسية باريس إلى 10 قتلى، و36 مصاباً، بينهم ستة من عناصر الإطفاء، اشتعل بعد منتصف الليلة الماضية في الدائرة السادسة عشرة. وألقت الشرطة القبض على امرأة أربعينية من سكان المبنى، للاشتباه بعلاقتها بالحادث.

المساهمون