مخاطر تواجه إنتاج النفط الليبي رغم اتفاق فتح الموانئ

مخاطر تواجه إنتاج النفط الليبي رغم اتفاق فتح الموانئ

12 ابريل 2014
انتاج النفط الليبي مهدد بالتعطل مجدداً
+ الخط -

قد تكون ليبيا تحاشت انهيارا للدولة، حينما أبرمت اتفاقا مع المسلحين في الشرق من أجل إعادة فتح موانئ نفطية بسطوا سيطرتهم عليها .. إلا أن التأخير الناجم عن أسباب فنية وظهور بوادر انشقاق لمؤيدي النظام الفيدرالي، يهددان بتعطيل الإنتاج مجددا.

كانت الحكومة الليبية الهشة قد توصلت يوم الأحد الماضي لاتفاق مع إبراهيم الجضران زعيم المسلحين في شرق البلاد، على إعادة فتح ميناءين نفطيين تحت سيطرتهم، ورفع حصار مستمر منذ تسعة أشهر عرقل صادرات النفط الخام.

ويقضي الاتفاق بإعادة فتح ميناءي الحريقة والزويتينة فورا، على أن يعيد رجال الجضران فتح مرفأي راس لانوف والسدرة الأكبر حجما، خلال أقل من أربعة أسابيع بعد إجراء مزيد من المفاوضات.

وتصل الطاقة الإنتاجية لميناء الزويتينة إلى نحو 50 ألف برميل يومياً، وميناء الحريقة 110 آلاف برميل، ورأس لانوف 200 ألف برميل يومياً.

وقال عبد الكريم الجياش، نائب رئيس لجنة الطاقة في المؤتمر الوطني العام الليبي لـ"العربي الجديد" الأسبوع الماضي، إن الخزانات الموجودة في موانئ السدرة والزويتينة ورأس لانوف والحريقة، تحوي 7.5 مليون برميل من النفط جاهزة للتصدير.

وذكر متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أمس الأول، أن المؤسسة ما زالت تنتظر تعليمات الحكومة لاستئناف الصادرات من مرفأين نفطيين في شرق البلاد.

وقالت وكالة "رويترز" في تقرير مطول ان الصراع على الموانئ، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من سقوط معمر القذافي، يعكس الاضطرابات التي تجتاح البلاد مع هيمنة فصائل متناحرة من مقاتلي المعارضة السابقين على الساحة في غياب جيش مدرب، وتعطل اتخاذ القرار بسبب التشاحن السياسي.

ومع توقف تصدير 700 ألف برميل يوميا من شحنات ليبيا من النفط -وهو ما يزيد عن نصف شحناتها المعتادة- أبرم الاتفاق بعد أن هددت الحكومة باللجوء للقوة لكسر الحصار، الذي فرضه الجضران الذي يطالب بمزيد من الحكم الذاتي لمنطقة برقة بشرق البلاد.

وتراجع إنتاج النفط في ليبيا منذ إغلاق الموانئ إلى نحو 250 ألف برميل يومياً، مقابل 1.4 مليون برميل يومياً في يوليو/تموز الماضي، بتراجع بلغت نسبته 82.1%.

وقال نشطاء بشرق ليبيا إن الكثير من زعماء القبائل سعدوا بالاتفاق، الذي يدعو لتشكيل جهة مراقبة مستقلة لمتابعة إيرادات النفط، وبالأخص لأنه حال دون إراقة الدماء.

لكن المرحلة الثانية المتعلقة بفك حصار ميناءي السدرة وراس لانوف قد تتعثر، إن لم تفِ الحكومة بالتزاماتها في إطار الاتفاق.

وقال الناشط زيد الرقاص المطالب بالنظام الفيدرالي في الشرق: "الاتفاق جيد جدا لأن الحكومة تعترف -بشكل غير مباشر- بحركة برقة... في ظني سيتم فتح الموانئ لنرى مصداقية الحكومة."

وأضاف :"سينتظرون بضعة أشهر وإن تبين عدم المصداقية فقد يغلقون الموانئ مرة أخرى."

ولا يزال تقسيم الثروة النفطية من أسباب الخلاف الرئيسية. ويتوقع دعاة الفيدرالية في الشرق نصيبا من إيرادات البترول الليبية الضخمة، يجري تخصيصه بشكل مباشر لمنطقة ترى أنها تجيء في مرتبة ثانوية حين يتعلق الأمر بإنفاق الدولة.

ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات عدة أسابيع، لكن حتى في حال التوصل لاتفاق نهائي لفتح الميناءين الأكبرين، فإن عودة حقول النفط المتصلة بهما للإنتاج بشكل طبيعي، قد تستغرق شهورا.

وقال مسؤول نفط ليبي "إذا كان الأمن على ما يرام سنبدأ في بيع الخام من المخزونات أولا، وبمجرد أن تتوافر مساحة كافية سيمكننا العودة للإنتاج الطبيعي... هذا قد يستغرق ما يصل إلى شهرين من يوم رفعنا الحالة الطارئة."

* أجندات منفصلة وانقسامات

من غير المرجح أن يعود الإنتاج إلى سالف عهده قبل حلول فصل الصيف. فهناك مجموعة أخرى من المحتجين تحاصر حقولا غربية، وهناك علامات على انقسامات في الشرق.

ويشعر البعض في الشرق بالاستياء لأن الجضران تفاوض على مرتبات ومتأخرات تخص أنصاره، الذين كانوا يعملون في حرس المنشآت النفطية قبل أن ينشقوا في أغسطس/ آب للسيطرة على الموانئ. ويقدر عدد هؤلاء بما بين 3000 و4000 شخص.

ولا يرى آخرون أن الجضران حقق ما يكفي مثل إنشاء إدارة حكم ذاتي لبرقة. بل إن البعض قد يطالب باستفتاء على الحكم الذاتي في الشرق، قبل أن يوافق على رفع الحصار بالكامل.

وقال متحدث باسم حرس المنشآت النفطية: "الناس قلقة من الاتفاق. من أن يأخذوا (رجال الجضران) أموالا لا يستحقونها... كثيرون سيتظاهرون."

وصرّح قائد محلي آخر في حرس المنشآت النفطية بشركة الواحة للنفط لوسائل إعلام يوم الأربعاء، إنهم غير سعداء بشروط الاتفاق لأنها تعني أن المنشقين سيتقاضون أجورا. ووصف ذلك بأنه إهانة وإهدار لموارد الدولة.

* شكاوى قديمة في الغرب الليبي

لم يحاصر المحليون حول ميناء الزويتينة المنشآت هناك للمطالبة بتحقيق مطالب فيدرالية، ولكن للمطالبة بفرص عمل في حين كان العاملون في شركة الخليج العربي للنفط، التي تدير ميناء الحريقة يعترضون على تغييرات إدارية. وكل تلك المطالب المحلية يمكن أن تثور من جديد.

وقال ريتشارد مالينسون محلل شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط بمؤسسة إنرجي أسبكتس: "وهكذا.. إن رأى العمال في الحقل أن لديهم مظلمة فمن المرجح جدا أن يغلقوه أو يخفضوا الإنتاج من الحقول حتى وإن ظلت الموانئ مفتوحة."

وقال "إذا رأى الناس أن الجضران أفلت بأعجوبة فستتفجر حالات تعطيل أخرى. المسألة هيكلية وتزداد سوءا كما هو ظاهر من الوضع في الغرب."

ونجحت حتى الآن عملية إعادة فتح ميناء الحريقة، لكن إعادة تشغيل الزويتينة لا تزال تنتظر وصول رئيس جديد لحرس المنشآت النفطية.

وقد تواجه حقول النفط المرتبطة بميناء الزويتينة تأخيرا في إعادة التشغيل، إذ إنها مغلقة منذ منتصف يوليو/ تموز في حين ما زالت شركة الخليج العربي للنفط تنتج بكميات هزيلة.

وقال مالينسون: "إذا تم التحميل في المرفأ من جديد، فإن إعادة تشغيل الحقل المرتبط به قد تستغرق أسبوعاً. وستستغرق زيادة الإنتاج أسبوعين على الأرجح بعد ذلك وربما فترة أطول إذا ظهرت مسائل فنية."

وذكر بلقاسم المغربي أحد المطالبين بوظائف في الزويتينة، إن المجموعة ما زالت تنتظر لتعرف إن كانت الحكومة ستوفر فرص عمل.. وإن لم يحدث فسيغلقون الميناء مرة أخرى.

حتى وإن استأنف الشرق العمليات بشكل طبيعي، يظل من الصعب التكهن إلى أي مدى يمكن أن تؤجج الأزمة السياسية في البرلمان الاحتجاجات في الغرب.

وهناك تحالف فضفاض يضم الفصائل المتنافسة في البرلمان، لمواجهة الميليشيات التي رفضت القاء السلاح بعد سقوط القذافي. وكثيرا ما تسيطر قبائل وميليشيات محلية على حقول النفط والأنابيب للضغط على الدولة.

وأغلقت الحقول الغربية التي تنتج حوالي 500 ألف برميل يوميا عدة مرات خلال الأشهر التسعة الماضية، واضطرت المؤسسة الوطنية للنفط لإغلاقها مرة أخرى في مارس/ آذار.

لم ينضم حرس المنشآت النفطية في الغرب إلى الجضران، كما حدث في الشرق وإنما أظهروا ولاءهم لمنطقتهم الزنتان.. ذلك المعقل الجبلي الذي يوجد به مقر إحدى أقوى فصائل الثوار السابقة.

وقال مصدر بقطاع النفط على دراية بالأمور: "ليس هناك شيء من هذا القبيل.. ولاؤهم للزنتان لا الحكومة."

وكان أبناء الزنتان -وهم من أقوى المجموعات في الغرب- قد أغلقوا خطوط الأنابيب التي تصل حقلي الشرارة ومليتة بالميناءين المرتبطين بهما، مطالبين بتعديلات على قانون الانتخاب.

وبالإضافة إلى إغلاق خط أنابيب الزنتان لا تزال قبائل محلية تغلق حقل الشرارة، الذي يبلغ حجم إنتاجه 340 ألف برميل يوميا، مطالبة بمزيد من الحقوق مما أرغم الحكومة على تلبية مجموعات متداخلة من المطالب لإنهاء ذلك الاحتجاج.

وقال مصدر بقطاع النفط: "تتابع القبائل في الصحراء أي نار مشتعلة في الحقل... فإن رأتها علمت أنه أعيد فتحه وتعود لتغلقه من جديد."

المساهمون