محمد خميس... يبعث أحلامه السينمائية من السويد

محمد خميس... يبعث أحلامه السينمائية من السويد

07 اغسطس 2019
تمكن من الاندماج في المجتمع السويدي (العربي الجديد)
+ الخط -

من دون تردد، حزم محمد خميس حقيبته وغادر سورية قبل خمس سنوات، وها هو اليوم يحاول أن يصنع شيئاً مختلفاً في بلد بعيد

في مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين بالقرب من العاصمة السورية دمشق، عاش الشاب الفلسطيني - السوري محمد خميس حياته قبل عام 2014. ترك المدرسة مبكراً بسبب تردي الظروف المادية للعائلة، فراح يساعد والده في إعالة الأسرة.

مع ذلك، ظلّ متمسكاً بأحلامه السينمائية المؤجلة حتى قالت المدفعية كلمتها، وبدأت الحرب في تغيير مشهد الحياة التي يعرفها محمد، فغادر سورية إلى تركيا مكرراً شريط اللجوء الذي خبره أجداده الفلسطينيون. سلك محمد طريقاً شاقاً إلى السويد، في الفترة التي شهدت حالات غرق جماعية لمئات السوريين في البحر المتوسط عام 2014. وبالرغم من طول الرحلة التي استمرت 23 يوماً، يعتبر محمد الساعات التي أمضاها في البحر هي الأخطر والأصعب، إذ زاد الرعب والخوف والهمس المختلط بالرجاء من هول المشهد.

وفي السويد خبر حياة لا تشبه تلك التي ألفها في المخيم، فكانت النقلة جذرية من مجتمع ضيق إلى آخر يفتح أبواب الأشياء على مصراعيها، ولا يطلق أحكاماً مسبقة على الهاربين من حضن الموت.

تعلّم اللغة السويدية وتعرّف أكثر إلى ثقافة السويد، كخطوة ضرورية باتجاه الاندماج، فوجد هناك إمكانية لاختبار أحلامه، فبدأ في التحضير لإخراج أول فيلم روائي قصير، أتبعه بعدة أفلام وثائقية لاقت ردود فعل إيجابية في عدة مهرجانات سينمائية في القاهرة وباريس ومدن أخرى، كان أبرزها فيلم "نحو النجاح" الذي عرض في مهرجان القدس السينمائي الدولي، ليكون محمد بذلك المخرج الأصغر سناً (24 عاماً الآن) في المهرجانات السينمائية التي شارك فيها.



وبالرغم من حداثة مشواره السينمائي، يسعى محمد خميس لمناقشة قضايا ذات بعد وجداني حقيقي، إذ سيطرح معالجة جديدة لقضية اللجوء عبر البحر، والإشارة إلى النتائج التي يخلفها هذا النوع من اللجوء على الفرد، بالإضافة للخوض أكثر في الجوانب النفسية لأبطال عمله الذين يعتبرهم الفيلم ضحايا تجارب قاسية مع البحر، ما سيحرض المشاهد على طرح أسئلة جوهرية حول الطرح.

يؤكد محمد المسؤولية الأخلاقية للمخرج تجاه القضايا التي تشكل همّاً جماعياً، لافتاً إلى ما تقدمه بعض الأعمال الدرامية من إبعاد عن الواقع، وتكريس لعادات وأفكار لا تخدم المرحلة، وتسعى لإلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية. ومع ذلك، فإن مثل هذه الأعمال تحظى بمباركة أجهزة الرقابة، كأنّ دور الأخيرة، كما يقول، بات محصوراً بحجب ومنع المحتوى السياسي ولجم العمل السينمائي والدرامي أيضاً عند تناول بعض الشخصيات بالنقد.

المساهمون