مجموع الثانوية العامة ليس نهاية العالم

مجموع الثانوية العامة ليس نهاية العالم

15 يوليو 2017
نتائج الثانوية في مصر حدث مهم ينتظره الجميع(Getty)
+ الخط -
"كليات القمة وهم لا وجود له إلا في الدول المتخلفة، ادرس ما تحبه واصعد إلى قمتك الخاصة، فمجموع 98% ليس مقياسا لنجاحك الدائم في الحياة العملية، ومجموع 65% ليس مبررا كافيا لفشلك في الحياة".

هكذا قابل الكثير من المصريين لحظة إعلان نتيجة الثانوية العامة بمنطق مغاير ولافت للنظر، وظهرت الكثير من التعليقات والنصائح وردود الأفعال الجديدة نوعا ما على ثقافة مجتمعاتنا الشرقية، فنشرت أعداد كبيرة تجاربها الحياتية في سوق العمل وحكاياتها مع مجموع الثانوية العامة، مؤكدين أن هذه النتيجة ليست نهاية الحياة، بل بداية مرحلة وحياة جديدة، معتبرين أن ضياع فرصة الالتحاق بإحدى كليات القمة لا يعني الفشل أو حياة أبدية في عنق الزجاجة، كما يصورها البعض، بل غالبا ما تكون بداية نحو مستقبل أفضل مما رسمه الطالب أو تمناه الأهل إذا اقترن بالاجتهاد والشغف.

فالالتحاق بكليات القمة لا يمثل قمة النجاح أو الخروج الآمن من النفق المظلم لحياة لا تتطلب نجاحات أخرى، وخير دليل على ذلك آلاف الأطباء والمهندسين ممن يخرجون للعمل، ومع هذا لا يتميز منهم سوى عدد محدود فقط مقارنة بالأعداد التي تتخرج سنويا، فالنجاح في الحياة العملية خصيصا لا يتوقف عند الحصول على الشهادة الجامعية، ولا يحققه التباهي بمجموع الثانوية العامة، وإنما يقاس بالحرص المستمر والدؤوب على التعلم وتطوير الذات ومواكبة كل جديد بشكل فعال ومستمر.

لهذا على كل طالب أن يدرس ما يتوافق مع ميوله ورغباته حتى يتميز في مجال دراسته أيا كانت، ولا يجعل من مجموع الثانوية "شماعة" يعلق عليها كل أخطائه وفشله في الحياة أو يعلق عليها كل آماله وطموحاته، فالتحصيل الدراسي وحده لا يضمن النجاح في الحياة، وهناك الكثير من المشاهير ممن تميزوا في مجالات مختلفة، ولم يتفوقوا دراسيا مثل الكاتب عباس محمود العقاد، وألبرت إينشتاين صاحب النظرية النسبية الذي اعتبره المدرسون بطيء التعلم، وأغاثا مالاي كلاريسا، أشهر كاتبة إنكليزية، والتي عانت من صعوبات في تعلم قواعد اللغة.

تحدي النفس

محمد الفقي أحد النماذج أيضا. إذ لم تنته حياته بالفشل مع مجموع ضعيف في الثانوية العامة. يقول: "حصلت في الثانوية على مجموع 74% والتحقت بكلية التجارة ومع تخرجي كنت قد حصلت على ثماني منح مختلفة من مؤسسات عالمية ومصرية كبيرة، وحصلت على أحسن خطة عمل Business plan في 2015 من جمعية شباب الأعمال عندما قررت أن أساعد الطلاب في التخطيط الجامعي، وتحولت الفكرة إلى ظاهرة انتشرت بين طلاب الجامعة دربت فيها ما يقرب من 30 ألف طالب في جميع محافظات مصر".


ويضيف: "لدي الآن شركتي الخاصة في التسويق الإلكتروني ونحقق مبيعات برقم جيد جدا شهريا". ويخاطب محمد طلاب الثانوية العامة قائلا: "نجاحك يتوقف على ما تستطيع تعلمه من مهارات خلال أهم أربع سنوات في حياتك وسرعتك في تعلم ما يحتاجه السوق وترجمته إلى نتائج مميزة".

ويستشهد مصطفى هاشم، صحافي، بحكايته مع مجموع الثانوية فيقول: "تمنيت دراسة الهندسة والعمل مهندسا حتى صُدمت بمجموعي في الثانوية العامة 90%، وأتذكر أن أبي صفعني على وجهي لأنني خذلته، وأرغمني التنسيق على دراسة الإعلام، ووقتها أخذت عهدا على نفسي بالتميز في مجال دراستي حتى تخرجت وعملت في صحف ووكالات أنباء كبرى وأنتجت أفلاما وثائقية وعملت بالمونتاج ولي دراسات وأوراق بحثية منشورة".

ويتابع: "التحصيل في الثانوية العامة ليس معيارا للنجاح والفشل في الحياة، النجاح في الحياة بدايته الشغف والإصرار والإتقان والسعي لأن تكون مثالا إيجابيا على أرض الواقع واستغلال مقومات النجاح بداخلك".

هذه التجارب تنقل رسالة واضحة مفادها، حتى وإن كانت كليات القمة هي طموحك الوحيد في الحياة، فلا بد أن تضع نصب عينيك دائما خطة بديلة لحياة جديدة فيها بدائل تتوافق مع ميولك أو رغبتك في النجاح حتى لا تكون مجرد رقم في التعداد السكاني، وربما رقم في أعداد ضحايا نتائج الثانوية العامة.

يذكر أن مصر شهدت ما يقرب من عشر حالات انتحار فور إعلان النتيجة في الثاني عشر من يوليو/تموز الجاري، لحصولهم على نسب لا تؤهلهم لدخول كليات القمة واقتناعهم أن عدم اللحاق بكليات القمة يجعلهم عديمي الفائدة في الحياة.

 

المساهمون