مجلس الدولة المصري في مواجهة مجلس الأمن الدولي

مجلس الدولة المصري في مواجهة مجلس الأمن الدولي

16 مارس 2014
+ الخط -
أنهى قسم التشريع، في مجلس الدولة المصري، مراجعة التعديلات الجديدة التي أعدتها الحكومة على قانون مكافحة غسل الأموال، حيث رفض القسم مقترح تعديل مسمّى وتوصيف وحدة غسل الأموال التابعة حالياً للبنك المركزي المصري لتكون جهازاً رقابياً بصلاحيات كاملة تابعاً لوزارة العدل.

واعترض القسم على المادة 21 من مشروع القانون المرسل إليه التي كانت تنص على أن "يتخذ الجهاز الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بتمويل الإرهاب"، مؤكداً على أن "التجريم يكون فقط بموجب نصوص القانون المصري، وأن قرارات مجلس الأمن وغيره من المنظمات الدولية لا تكفي بذاتها لتكون سنداً لتجريم فعل غير مؤثّم في القانون المصري، بالإضافة إلى احتمالية تعارض قرارات المنظمة الدولية مع المصلحة الوطنية، وخاصة أن هذه القرارات تخضع لاعتبارات دولية ولا علاقة لها أحياناً بالواقع الداخلي".

وجاء في مذكرة الملاحظات التي أعدها القسم رفضاً لتعديل الوحدة لتكون جهازاً، استناداً إلى أحكام الدستور الجديد التي تنص على ألاّ ينشأ الجهاز الرقابي إلاّ بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، لينظم الجهاز واختصاصاته بصورة كاملة، ويحدد أسس تعيين أعضائه وحصاناتهم وسائر شؤونهم الوظيفية، وهو ما لا يتوفر في الوحدة بشكلها الحالي، محذرة من أن تحويلها إلى جهاز سيكون مشوباً بعدم الدستورية.

وارتأى القسم إضافة اختصاص مكافحة تمويل الإرهاب إلى مسمّى هذه الوحدة في القانون، لتصبح "وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، ولا سيما أن الوحدة تتمتع، بموجب نصوص القانون الحالي والمشروع الجديد، باختصاصات رقابية واسعة تحقق الغرض من إنشائها، مشيراً إلى أن معظم دول العالم اكتفت في هذا السياق بتشكيل لجان وطنية أو وحدات مختصة داخل أحد الأجهزة الرقابية القائمة.

كما رفض القسم نقل تبعية الوحدة إلى ما يسمى بإدارة شؤون العدالة التابعة لوزارة العدل "لأن جميع الكيانات المماثلة للوحدة حول العالم تتبع البنك أو المصرف المركزي، لكونه الجهة المختصة بالرقابة على البنوك والشركات المالية، وهو الذي يتتبع قانوناً حركة الأموال دخولاً وخروجاً من الدولة".

ورفض القسم التوسّع في استخدام وسائل غير منصوص عليها في قانون الإثبات، لإثبات المصدر غير المشروع للأموال المستخدمة في جرائم غسل الأموال، حيث شدد على أن "إثبات ذلك يتطلب صدور أحكام قضائية نهائية، ولا يكفي الركون إلى أدلة أخرى، لأن وحدة مكافحة غسل الأموال تملك صلاحيات التحري والفحص وطلب اتخاذ التدابير والتحفّظ من السلطات القضائية المختصة".

وقام القسم أيضاً بتعديل بعض المواد الخاصة بالجرائم لتكون متّسقة مع أحكام الدستور الجديد، وحتى يكون لها مدلول منضبط ولا تترك لعبارات عامة ومطاطة قد يُساء استغلالها خصوصاً في حالة الاشتباه، حيث تنص المادة الثامنة على أن "تلتزم المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية بإخطار الوحدة على وجه السرعة عن أي من العمليات التي تشتبه أنها تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو محاولات القيام بهذه العمليات أياً كانت قيمتها".

وينص المشروع على توقيع عقوبة الحبس والغرامة التي تراوح بين 100 ألف و500 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين على كل مَن يخالف مواد القانون بشأن الإبلاغ عن عمليات غسل الأموال، وفي الحالات التي تُرتكب فيها جريمة غسل الأموال بواسطة مؤسسة أو شخص اعتباري يُعاقَب المسؤول عن الإدارة الفعلية بذات العقوبات المقررة للشخص الطبيعي إذا ثبت علمه بها وإخلاله بواجبات وظيفته، كما يُعاقب الشخص الاعتباري المخالف لأحكام هذا القانون بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 5 ملايين.

ويمنح المشروع العاملين في وحدة المكافحة صفة مأموري الضبط القضائي، وتنتفي المسؤولية الجنائية والمدنية عن كل مَن قام، بحسن نية، بإخطار الوحدة عن أي من العمليات المالية المشتبه في أنها تمثل تمويلاً للإرهاب أو غسلاً للأموال، وكذلك مَن يقدم معلومات أو بيانات للوحدة بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها.